الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لنوقف إستباحة الوعي

يوسف غنيم
(Abo Ghneim)

2012 / 10 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


عندما يقايَض الوطن بالمال، يسلّع الإنسان الذي يشكل الفضاء الإجتماعي لهذا الوطن، وتصبح المضاربات آلية للمتاجرة بهدف إحتكار السلعة الرائجة، تمهيداً لتحقيق أعلى عائد ممكن بأقصر فترة ممكنة.
يشارك في الترويج للتجارة بالبشر، نخاسي القرن الواحد والعشرين الذين إمتطوا الدين وحولوه لأداة تبيح كل شيء من أجل تركيم المزيد والمزيد من رأس المال.
وطن يباع من أجل غازه الطبيعي والمياه التي إستقرت في جوف الصحراء، ويتم رهن وطن لسلطة دينية هاجمت كامب ديفيد وهي ملاحقة من سلطات القمع، وقمعت بدورها من يطالب بإلغائه وهي تحكم البلاد بإسم رب العباد، قبلنا بكل ذلك على قاعدة أن التاريخ في سياق تطوره يمر بإنتكاسات هي من ضروراته، لكنه يعاود الإنطلاق إلى الأمام بفعل ما يحمله من عناصر تغيير تتشكل من الأجيال التي تنمو في أحشاء المرحلة، وتعمل على الفكاك منها رفضاً للإستغلال الذي يسم تلك المرحلة.
الخطورة الكامنة في المرحلة المعاشة تتمثل في العمل الممنهج على تخريب الوعي العام، من خلال تسييد الفردانية في التعاطي "لا شيء من دون مقابل"، تم تسليع القيم حيث أصبحت تباع لمن يدفع أكثر، و يساهم في هذه التجارة "المثقفين العضويين" لأنظمة البترو دولار، حيث الشراء للإسم المسجل لدى الدوائر والمؤسسات المتورطة حد العمالة مع المشاريع الإمبريالية في الوطن العربي، ما الذي يفسر الفتاوي الدينية التي أطلقها شيخ الأفاكين القرضاوي، بضرورة الإمتناع عن التظاهر نصرة للرسول بعد الفيلم المسيء الذي دافعت عنه الإمبريالية تحت يافطة حرية التعبير؟، و ما الذي يدفع إلى تحويل عضو كنيست عربي -أقسم الولاء لدولة الإحتلال- إلى منظّر عربي لثورات "الخريف الإخواني"؟ غير عملية تخريب ممنهجة تتقاطع بها ثلاثة أطراف تتشارك في العداء للأمة العربية وهي:-
1. الإمبريالية العالمية: التي تعمل على إستمرار إحتجاز تطور دول المحيط بشكل عام، والوطن العربي بشكل خاص، في مسعى للحفاظ على تحقيق أعلى عائد من التبادل الغير متكافىء، نتاج علاقة التبعية الإقتصادية التي ترسخت بفعل إمتلاك الإمبريالية للتقنيات العلمية والترسانة العسكرية، التي تستبيح من خلالها أسواق العالم تحت شعار حرية التجارة وحماية مصالحها الإستراتيجية.
2. الكيان الصهيوني: الذي يسعى إلى إختراق الوطن العربي من خلال إجبار النظام القطري العربي للإعتراف علانية بشرعيته، تمهيداً لإختراق الوعي الشعبي في مسعى حثيث للتطبيع الإقتصادي ليتحول الكيان إلى قوة مهيمنة في الوطن العربي لتحقيق الحلم الصهيوني، "إسرائيل من النيل للفرات". لم يعد إحتلال الأسواق بحاجة إلى إحتلال القطر بشكل كامل -لما لذلك من تبعيات- يكفي إحتلال الوعي والإقتصاد للتحكم بوجهة أي دولة.
3. القطريات العربية: يعتبرالنظام القطري العربي المرض المزمن الذي يعاني منه الوطن العربي، فهو الأداة الوحيدة القادرة على تحقيق هدف الإمبريالية والكيان، وهذا ما يمكن تلمسه اليوم بشكل فاضح من خلال إمتهان النظام العربي لحالة الخضوع والطأطأة للإمبريالية و الصهيونية بكل ما يتعلق بقضايا الأمة، ولعلّ الرسائل التي وجهها النظام الإخواني في مصر وتونس وقطر في هذه المرحلة، ومبادرة السلام العربية الداعية إلى إعتراف وتطبيع عربي مع الكيان، في إطار شرعنة إحتلال فلسطين التاريخية مع تسويات مع فلسطينين، لخلق كيان سياسي ينضم للنظام القطري في محاولة لإنهاء الصراع الذي ما زال يشكل المحرك العام للتناقضات في الشرق الأوسط بشكل عام، والعالم بشكل خاص، كون الإحتلال الصهيوني لفلسطين آخر إحتلال بالقرن الواحد والعشرين، وإستمراره يشكل خطراً وجودياً على النظام العربي الرسمي، أداة الإمبريالية في أكثر الدول غنى بالبترول، عماد الإقتصاد الإنتاجي بالغرب والإقتصاد الريعي الإستهلاكي في الوطن العربي.
لحماية الوعي، علينا العودة إلى مناقشة المفاهيم التالية: القومية، العدالة الإجتماعية، الحرية، الديمقراطية الإشتراكية، المقاومة، الممانعة، التحالف. علينا مناقشة هذه المفاهيم بشكل نقدي بهدف تخليصها من الأدران التي لحقت بها جرّاء حالة الركود الفكري التي أعقبت إنهيار النموذج الإشتراكي المحقق والذي أدى إلى إرتداد البعض، وإغتراب البعض الآخر، وتمسك فئة قليلة بمنطق التاريخ ومنهجه إلى راهن اللحظة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |