الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يتحول القهر إلى مأثرة!!

محمد عبعوب

2012 / 10 / 30
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


يتداول الناس هنا مثلا شعبيا قديما يقول "انقص له من حقه، يرضى" في تلميح صريح الى أن العدوانية وسلب حقوق الآخرين وسيلة ناجعة لفرض الخنوع والخضوع عليهم، بل دفعهم للتعلق بالمعتدي وتماهيهم مع عدوانته.. هذا المثل استدعته ذاكرتي بعد سماعي لسرد كان يلقيه علينا صديق عمل لفترة طويلة بالقرب من شخصيات نافذة من الصف الثاني في النظام السابق في ليبيا (الصف الاول القذافي وابناءه)، يتناول السرد مآثر ومواقف إحدى هذه الشخصيات يراها صديقنا بحسب فهمه البسيط أنها مشرفة وتحسب لهذا المسؤول..

وضمن سرده الغني بالمواقف التي تبدو له أنها غير مسبوقة او نادرة في تلك الفترة الموسومة بالظلم والقهر الممنهج للانسان، استقبال هذا المسؤول لعجوز متقدمة في السن بمكتبه واستماعه لشكواها المتعلقة بحجب رواتب زوجها او معيلها الذي استشهد في واحدة من حروب القذافي العبثية، ويضيف صديقنا ان هذا المسؤول بعد سماعه لشكوى تلك الضحية أمر بصرف كل المستحقات المتأخرة لها و فورا وكلف لها سيارة مراسم بسائقا لتوصيلها الى بيتها في واحدة من أحياء طرابلس الفقيرة التي تطوق المدينة من كل الجهات، وشدد على السائق ان يوصلها الى عتبة بيتها!! واسترسل السرد ليشترك فيه أكثر من طرف في هذه الجلسة كل واحد يطرح مآثر لهذا المسؤول او ذاك، وكأن لسان حالهم يقول : أين نحن اليوم من مآثر هؤلاء رغم دكتاتورية النظام الذين كانوا يمثلون تروسه وادواته ؟!!!

استفزت جلسة السرد ومارثون الروايات، التي تستند الى فهم خاطئ وملتبس لتلك المواقف، تفكيري فطرحت تساؤل على الحاضرين:
- يجب ان نعرف اولا لماذا لم تتحصل تلك السيدة على حقها المسنود بقوانين وتشريعات سنتها الدولة لضمان الحقوق؟ ولماذا اضطرت للتوجه الى مكتب ذلك المسؤول الذي تفصلها عنه مسافات فلكية بحكم منصبه البعيد جدا عن تناول هذه المشكلة؟ ولماذا اصلا لم تحل مشكلتها من قبل الجهات المختصة مباشرة بهذا الشأن؟؟

صمت البعض، وحاول البعض الآخر تكييف الإجابة بما لا ينال من صورة هذا المسؤول في ذاكرته، بفصل الموقف عن الواقع الذي تم فيه.. لكن هذا الدفاع سرعان ما تهاوى أمام الحقائق المفجعة التي كشفت أمامهم اسبابها ودوافعها والتي كانت تدار بها شؤون العامة في ليبيا في ظل النظام السابق والتي يستثمرها المسؤولون الأذكياء أو الذين لا زالت في نفوسهم بقايا مشاعر انسانية لتلميع شخوصهم وصناعة أمجاد وهمية بتدخلهم المباشر والأمر بمعالجتها والتغطية عن الجذر الحقيقي للمشاكل والمسبب الرئيس فيها الذي يتهافتون على خطب وده وكسب رضاه رغم إدراكهم أنه المسؤول الاول عنها..

المعالجات السطحية والمجتزأة لأخطاء ومشاكل إدارية او مالية او اجتماعية او أمنية دون التطرق لمسبباتها وجذورها في أي دولة من النوع الذي تناولته تلك الجلسة التي جمعتني بتلك الثلة من الاصدقاء، تبقى محاولات ترقيعية لواقع مهترئ تصعب معالجته ولابد من زواله في اول فرصة، وهو ما تحقق في ليبيا العام الماضي ، ويعكس تقديم تلك المعالجات السطحية والخاطئة لوقائع مؤلمة على أنها مبادرات صحيحة وإجابية، فهما خاطئا وقاصرا لجذور تلك الأخطاء والمشاكل التي أوصلتنا الى مرحلة من الانهيار تطلب إصلاحه تكاليف باهضة من الارواح والدماء، وهو فهم إذا ما استمر معنا فإننا سنبقى ندور في حلقة مفرغة حول نفس المشاكل التي تتطور مع مرور الزمن لتتحول الى أزمة أخرى..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط


.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟




.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح


.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا




.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ