الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرسي يصدم مصر والأمة العربية برسالته الحميمية إلى بيريز

عليان عليان

2012 / 10 / 30
مواضيع وابحاث سياسية



أحسست بالصدمة مرتين في غضون أقل من شهر شأني شأن الملايين من أبناء مصر الكنانة ، والملايين من أبناء أمتنا العربية عندما قرأت النص الحرفي ، لرسالة الرئيس المصري محمد مرسي إلى رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريز ، بمناسبة تعيين سفير جديد لمصر في تل أبيب ، خاصةً وأن تلك الرسالة كانت مفعمة بعبارات المودة والتفخيم والتعظيم ، لمجرم قاتل يزين صدره بنياشين المحارق في قانا وغيرها من المدن العربية والفلسطينية.
والأنكى والأمر من ذلك، محاولة إنكار الرسالة من قبل الناطق الرسمي باسم الرئاسة المصرية ياسر علي ، ثم ما لبث أن اعترف بها مبرراً ما ورد فيها من عبارات الود والتفخيم بأنه " كلاشيه بروتوكولي " مصمم ليحمله أي سفير مصري ، عندما يقدم أوراق اعتماده لرئيس الدولة ، التي سيشغل فيها موقع سفير بلاده فيها.
ويتناسى ياسر علي ، أن الرسائل البروتوكولية المصممة في عهد نظام مبارك البائد ، يجب وبالضرورة أن تتغير عن الرسائل في عهد ما بعد ثورة 25 يناير ، فنصوص الرسائل ليست بآيات من القرآن الكريم لا يمكن ولا يجوز المس بها ، ولأن الثورة التي حملت شعارات الحرية والكرامة والعدالة اجتماعية ،تحمل في مضمون هذه الشعارات شعاراً مركزياً ، سبق وأن أكد عليه المفكر المصري جمال حمدان في مرحلة ما قبل الثورة وهو : أن لا تنمية حقيقية مستدامة في مصر ، ولا أمنناً قوميا لمصر ، وللأمة العربية في ظل بقاء ( إسرائيل ).
الصدمة الأخرى التي سبقت الرسالة الموجهة لبيريز هي صدمة تقليد جيهان السادات ، في ذكرى حرب أكتوبر ، قلادة النيل تكريماً لدور زوجها الرئيس الراحل أنور السادات ، في حرب تشرين 1973 ومن ثم تعليق جيهان على التكريم ، بأنه رد اعتبار لزوجها ولدوره بعد إحدى وعشرين عاماً على مصرعه .
ولا أخال الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي ، يجهل حقيقة أن السادات أرادها حرب تحريك وليس حرب تحرير ، وليس أدل على ذلك رفضه المطلق ، لخطة رئيس الأركان سعد الدين الشاذلي بإغلاق ثغرة الدفرسوار ، وأسر كافة القوات الإسرائيلية التي عبرت إلى شرق القناة .
تلك الخطة وتفاصيلها وردت أيضاَ في مذكرات رئيس الأركان الأسبق الفريق محمد أحمد صادق ، ما يعني أنه كان من الأجدر بالرئيس مرسي ، أن يستخلص دروس حرب تشرين ليؤكد من خلالها ، أن القيادة السياسية ممثلة بالسادات ، حولت النصر الذي صنعه الجيش المصري البطل إلى هزيمة ، خاصة عندما تمت محاصرة الجيش المصري الثالث ، في سيناء جراء عدم إغلاق ثغرة الدفرسوار ، وبات هذا الجيش في ضوء الاختراق الإسرائيلي - الذي نفذه شارون للجبهة المصرية - يحصل على الماء والغذاء والدواء من البوابة الإسرائيلية ، في إذلال ما بعده إذلال .
وكان من الأجدر بالرئيس مرسي ، أن يؤكد من خلال هذه الدروس أيضاً أن مخرجات الحرب في مباحثات الكيلو (101 ) ومفاوضات فك الاشتباك ، كانت مدخلاً لاتفاقات كامب ديفيد 1978 ولمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979 ، التي أخرجت مصر من معادلة الصراع مع العدو الصهيوني ، وحولت مصر على مدار أكثر من ثلاثة عقود ، من عمق استراتيجي رئيسي ومركزي للقضايا العربية ، إلى قاعدة للتآمر عليها ، في فلسطين والعراق ولبنان وغيرها تنفيذاً للإملاءات الصهيو – أميركية .
ولا يجهل الرئيس مرسي ومستشاروه ، أنه ما كان بوسع العدو الصهيوني أن يغزو جنوب لبنان عام 1978 ، وأن يضرب مفاعل تموز النووي العراقي عام 1981 ، وأن يغزو لبنان ويحاصر عاصمتها بيروت عام 1982 ، وأن يهيء المسرح لارتكاب مجازر صبرا وشاتيلا ، بدون غطاء من اتفاقات كامب ديفيد ، ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية.
وأنه ما كان بوسع الولايات المتحدة الأميركية ، أن تشن عدوانها الثلاثيني على العراق ، عام 1991 بدون الغطاء الرسمي الذي وفره نظام كامب ديفيد لهذا العدوان في القمة العربية عام 1990 وأنه ما كان بوسع القوات الأمريكية أن تحتل العراق عام 2003 لولا القاعدة العملاتية والدعم السياسي واللوجستي ، الذي وفره النظام المصري ، وغيره من الأنظمة العربية للعدوان على العراق.
ولا أخال الرئيس مرسي يجهل حقيقة أن توقيع اتفاقات ما يسمى بالسلام مع العدو الصهيوني ، عبر اوسلو ووادي عربة جاءت في خضم تداعيات اتفاقات كامب ديفيد المشؤومة ، وأن توقيع هذه المعاهدات شكل مدخلاً لاختراق تطبيعي واسع ، في الوطن العربي ومدخلاً لاختراق دبلوماسي إسرائيلي أوسع ، في دول عديدة في قارتي آسيا وأفريقيا ، حين افتتحت سفارات لدولة العدو الصهيوني لأول مرة في بلدانها ، مبررةً ذلك بقولها : " لسنا بملكيين أكثر من الملك ، ولسنا بكاثوليك أكثر من البابا".
وبالإضافة إلى ما تقدم ، فقد قدم الرئيس مرسي في حملته الانتخابية وعوداً بتعديل معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ، لمصلحة السيادة المصرية على أراضيها ، وقدم وعوداً بفك الحصار الظالم على قطاع غزة ، لكن هذه الوعود لم يتحقق منها شيء ، في الوقت الذي نشهد فيه تدمير ما يزيد عن 130 نفقاً بين رفح وقطاع غزة ، وعلى نحو لم يحصل إبان نظام مبارك ، وإبقاء الحال على ما هو عليه بالنسبة للمعابر ، مع بعض التحسينات في عدد أيام تشغيل المعبر للمسافرين ، ومنع استخدام المعبر لغايات نقل البضائع والسلع.
ويجب ملاحظة أن موقف مرسي ، بشأن تكريم السادات بأثر رجعي ، ورسالته إلى مجرم الحرب شمعون بيريز ، جاء مناقضاً لموقف جماعة الاخوان المسلمين السابق ، من اتفاقات كامب ديفيد ومن التطبيع مع العدو الصهيوني .
وجاء مناقضاً أيضاً لرسالة المرشد العام للأخوان المسلمين في مصر محمد بديع ، " التي دعا فيها إلى الجهاد من اجل تحرير القدس من أيدي الاحتلال الصهيوني، والتي عبر فيها عن قناعته بأن استرداد المقدسات وصون الأعراض والدماء من أيدي اليهود ، لن يتم عبر أروقة الأمم المتحدة ، ولا عبر المفاوضات ، لأن الصهاينة لا يعرفون غير أسلوب القوة ، ولا يرجعون عن غيهم إلا إذا أخذوا على أيديهم ".


كما تجب ملاحظة رسالة الشيخ حمزة منصور - أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن – الخطية إلى الرئيس المصري محمد مرسي ، التي أدان فيها بقوة ما جاء في رسالته إلى بيريز من عبارات الود والتفخيم والتي بدأها بالقول : " مفاجأتنا كانت عظيمة وإلى حد الصدمة ، حين اطلعنا على رسالتكم ، التي حملها سفير بلدكم إلى رئيس الكيان الصهيوني ، حتى كان عسيراً علينا أن نصدق ما جاء فيها ، أو أنها تحمل توقيعكم ".
وتابع فيها " شمعون بيريز الملطخة يداه ، بدماء العرب والمسلمين لن يكون صديقاً ، ولن يكون عزيزاً ، وفلسطين المقدسة ، أرض الإسراء والمعراج والنبوات والحضارات ، التي قدمت مصر من أجلها آلاف الشهداء ، دفاعاً عن عروبتها وإسلاميتها ، لن تكون بلداً لشذاذ الآفاق ، الذين زرعهم المستعمرون في وطننا " .
وأخيراً على الرئيس المرسي أن يعتذر عما جاء في تلك الرسالة وعن قلادة النيل المقدمة للسادات ، عبر أرملته بأثر رجعي ، وعلى جماعة الأخوان المسلمين في مصر ، أن تدين الرسالة والقلادة معاً بشكل واضح وصريح .
وإلا فإن رسالة المرشد العام د. محمد بديع حول التحرير والجهاد لا تعدو كونها محاولة لامتصاص الصدمة ، التي أحدثتها رسالة مرسي إلى بيريز ، ومنحه قلادة النيل لأرملة السادات.
وإلا فإن التقارير بشأن الصفقة المبرمة مع الإدارة الأمريكية ، التي ينفيها الأخوان المسلمون ، وتؤكدها مختلف القوى الوطنية والليبرالية في مصر ، ستكتسب مصداقية كبيرة ، وعنوان الصفقة : " نسهل مهمتكم في الوصول إلى رئاسة الجمهورية ، بعدم استخدام الطعون ضد مرسي من قبل المجلس العسكري، لصالح الفريق أحمد شقيق مقابل عدم المس بمعاهدة السلام مع ( إسرائيل ) ، واستمرار السير في ذات النهج الاقتصادي النيو ليبرالي ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران.. صلاحيات وسلطات المرشد والرئيس


.. أمم أوروبا.. إسبانيا تكرس عقدة ألمانيا على أرضها | #هجمة_مرت




.. إغلاق مراكز الاقتراع في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية الإ


.. توقيف مسؤولين سابقين بالكرة الجزائرية في قضايا فساد.. هل هو




.. مراسل الجزيرة يرصد سير المفاوضات بين حماس وإسرائيل في العاصم