الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا بين الحقيقة والخيال

جميل حنا

2012 / 10 / 31
الارهاب, الحرب والسلام


ما لم يتصوره الإنسان حتى في الخيال أصبح حقيقة واقعية على الأرض تنفذ منذ تسعة عشر شهرا.وهذه الحقيقة المأساوية التي لم تكن واردة في الأذهان لأنها تفوق كل التصورات الشيطانية.بلد يدمرما بناه الأجيال عبر الأزمنه وشعب يقتل بكل أنواع الأسلحة الفتاكة ويهجر إلى خارج الأوطان ويشرد في أرض الوطن في كل مكان. تسعة عشر شهرا وإبادة الشعب السوري لا تتوقف, أكثر من خمسة وثلاثين ضحية ومئات الآلاف خارج الوطن والملايين المشردة داخل الوطن. أما بسبب تدمير سكناهم أو هربا من قصف الطائرات بالصواريخ وبراميل المتفجرات الملقات من الطائرات على السكان والواقفين أمام الأفران لجلب رغيف الخبز. عشرات الآلاف المفقودين والمعتقلين لدى الأجهزة القمعية لنظام بشار.
هل كان أحدا يتخيل حتى في أسوأ حالاته النفسية أو تحليلاته السياسية اللامحدودة في الخيال قبل عشرين شهرا يتصور أن يكون طاغية الشام بهذه الكراهية يحرق البلد ويدمره ويقتل الأطفال والنساء والشيوخ والعزل من الناس بحجة محاربة المسلحين من أجل البقاء في السلطة مدى الحياة كما هو الحال في النظام العلماني الأسدي ليورث من بعده السلطة لأبنه الأسد الثاني في جمهوريتهم الوراثية كما ورثه من مملكة أبيه الجمهورية العربية السورية.
الواقع السوري الأليم والمأساوي إلى حد يصعب على المرأ وضعه في خانة الحقيقة على الأقل بالنسبة لمن يملك قليل من القيم الإنسانية والأخلاق وقليل من نواميس الشرائع السماوية.
ومن كان يتصور في يوما من الأيام بأن شعار يطرح من قبل شبيحة النظام أما الأسد أو نحرق البلد يصبح حقيقة تطبق يوميا على الشعب السوري حيث يتم حرق الأخضر واليابس كرمال عيون بشار.
أما نيرون وأما حرق البلد! نيرون أفتعل حريق روما من أجل القضاء على المسيحيين في عام 64 ميلادية.وكان نيرون ينظر من برج عال إلى روما وهي تحترق وهو كان في قمة السعادة ويستمتع بمنظر روما وهي تحترق, وقد أحترق عشرة أحياء من أربعة عشر حيا آنذاك ونيرون في يده ألة طرب جالسا يغني أشعار هوميروس التي كتبها عند حريق طروادة وهو لم يفعل شيئا لأخماد النار.هلك في هذا الحريق أكثر من مائة ألف إنسان ومن بينهم رسل السيد المسيح بولس وبطرس.أتهم المسيحيين وأدعى أنهم يكرهون روما بدأ يلهي الشعب بالقبض وإضطهاد المسيحيين سيقوا إلى الموت بمنتهى الوحشية فالبعض وضع في جلود الحيونات وألقوا بهم إلى الكلاب المسعورة والبعض الآخر ألقوهم للحيونات الكاسرة المفترسة والبعض صلبوا وآخرون أشعلوا فيهم النار بعد طليهم بالقار والدهون أحياء وعلقوا مثل المشاعل في حديقة قصر نيرون الذي كان يستمتع مع ضيوفه بهذه المشاهد.أستمر أضطهاد المسيحيين الدموي أربعة سنوات وفي هذا الأثناء كان نيرون مزهوا بإنتصاراته فكان يغني(أنا نيرون الجبار أقتل من أشاء وأملك من أريد وأقطع الأعناق وأسفك الدماء...والجميع يخضع لمشيئتي لأني سيفا حادا أقصم ظهورهم ونار هائلة تحرق أجسادهم, أنا نيرون الجبار). وبشار يفتعل الحجج في محاربة الإرهابيين من أجل القضاء على الشعب السوري لأنه طالب بالحرية والكرامة. وهل محاربة مجموعات إرهابية يتطلب تدمير الوطن وقتل الناس الأبرياء بعشرات الآلاف.أليس هذا النظام من أدخل عناصر القاعدة الإرهابية إلى سوريا وقدم الدعم اللازم لها من تدريبات ومتفجرات وأرسلها إلى العراق ليفجر الكنائس والأديرة ويخطف رجال الدين وغيرهم وذبحهم وتفجير المساجد والأسواق التجارية والمدارس والأماكن العامة ووسائل الموصلات وقتل العشرات الآلاف من الناس الأبرياء.
هذا النظام حليف للإرهابيين عندما يخدمون مصالحه, وهم ورقته الإعلامية الرابحة أمام الرأي العام العالمي عندما يستخدمهم كأعداء.هذا النظام الذي هيأ مجموعات إرهابية في لبنان وأستخدمها من أجل مشاريعة المدمرة في المنطقة.وأن قضية ميشيل سماحة والكثيرين من قبله من مجموعات إرهابية يؤكد على دور النظام السوري وأجهزته القمعية في صناعة الإرهاب من أجل الحفاظ على سلطته وزرع الرعب والخوف والقتل في كل مكان تطال يده إليه.وهذا النظام الأكثر دموية خلال أكثر من أربعة عقود وهو يمارس إرهاب السلطة الدموية على الشعب السوري.
فأذا الإرهاب صناعة محلية في المقام الأول والفائض منه للأستخدام الخارجي من أجل تحقيق أهداف محددة لصالح من أنشأه. وهذه المجموعات الإرهابية عندما تنقلب على مؤسيسها من الأنظمة المستبدة والعنصرية والظلامية تبدأ هذه الأنظمة بمحاربة الشعب, بدل أن تحارب الإرهابيين فعليا وتجنب السكان الأبرياءمن القتل.والغالبية الساحقة من أبناء الشعب والذين يقتلون لا صلة لهم بهذه المجموعات الإرهابية.والنظام يعمل ليل نهار بكل الوسائل الأعلامية والعسكرية وأجهزته القمعية على تدمير الوطن وزرع الفتنة الدينية والطائفية والقومية بين مختلف مكونات الشعب السوري ودفع البلد نحو حرب أهلية مدمرة للجميع.ما ذنب الناس الأبرياء الواقفين في طوابير طويلة أمام الأفران من أجل الحصول على ربطة خبز يطعموا بها فم أطفال جائعين, ومن ثم تسقط عليهم براميل المتفجرات وصواريخ الطائرات تحولهم إلى إشلاء متناثرة .
منذ إندلاع ثورة الشعب السوري ضد الإستبداد تعددت الأراء حول توصيف الحالة المأساوية التي يعيشها أبناء سوريا, وأختلفت مواقف االدول بهذا الشأن وكل حسب مصالحه قدم الوصفة التي تنسجم مع مصالحه.وأهم هذه المواقف الدولية هي إدانة من الغالبية العظمى من دول العالم ومؤسساته الإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان للنظام السوري بإرتكابه مجازر إبادة ترتقي إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية. ولكن بدون أن ترتقي هذه المواقف إلى درجة تصل إلى مستوى الضغط الحقيقي لإيقاف المجازر التي ترتكب بحق الشعب السوري.بل على العكس من ذلك لقد حصل النظام على الضوء الأخضر من الدول الكبرى بإيجاز قتل السوريين بكل أنواع الأسلحة بإستثناء الأسلحة الكيميائية أليس هذا تواطئ من هذه الدول مع النظام.أليس هذه إزدواجية في المعايير الأخلاقية والسياسية وأين مبادئ الدفاع عن حقوق الإنسان وكافة المواثيق والمعاهدات الدولية التي تأكد على حماية المدنيين.أليس على حق كل هؤلاء الذين يتحدثون عن مؤامرة كونية ضد الشعب السوري وثورته المشروعة ضد الإستبداد.هل كان يتصور الكثير من الناس بأن يبقى العالم صامتا أمام هول الفظائع التي يتعرض لها الشعب السوري.هل كان يتصور أحدا بأن يحرم هذا الشعب من وسائل الدفاع عن نفسه, وخاصة من هؤلاء الذين يدعون بأنهم أصديقاء الشعب السوري, والقسم الأخر الذي يدعوهم باالأشقاء.هناك فرق شاسع بين مواقف هؤلاء جميعا في وسائل الإعلام وبين الحقائق على الأرض .الشعب السوري كان ينتظر دعما حقيقيا للتخلص من النظام الديكتاتوري وبناء دولة علمانية مدنية تحكم بحسب دستورعصري يؤمن الحقوق الدينية والمذهبية والقومية لكافة مكونات الشعب السوري .لا أن تتحول إلى مملكة الظلام تحكمها البغضاء والتعصب الديني والمذهبي والقومي وذلك بسبب إمادة فترة الحرب على الشعب ربما لسنوات طويلة وتأثير ذلك على مختلف مكونات المجتمع من كافة النواحي. وكذلك بسبب تخاذل الدول الكبرى المؤثرة في مجريات الأمور وكذلك دول المنطقة التي بقي موقفها منسجما من الناحية العملية مع مواقف هذه الدول.
كلما طالة فترة عمر النظام كلما أزدادت الحساسيات الدينية والمذهبية والقومية وأزداد الشرخ والإنقسامات في المجتمع السوري. وعندها يبدأ كل طرف إتهام الطرف الآخر بإتهامات باطلة لا تمس إلى الحقيقة بأي شئ. ربما ترى بأنها فشلت في تحقيق ماتريده حتى الآن ولذلك تحمل الأخرين المسؤولية بدون أن يكون لها نظرة واقعية لتعقيدات الوضع داخليا وخارجيا, ومواقف بعض المجموعات ضمن العارضة بحد ذاتها يكون موضع شكك من قبل أطراف أخر. ومثل هذه المواقف تدفع بالأمورأكثر فأكثر إلى التأزم وهذا ما يسعى النظام إلى تحقيقه. ويجب العمل على التخلص من هذه السلبيات والعقلية التي لاتنفع لبناء دولة الحرية والكرامة.
قوى المعارضة السياسية التي لها مشروع سياسي لبناء دولة عصرية تحترم حقوق الإنسان وكذلك الجيش السوري الحرمطلوب منها التأكيد بأن هذه هي ثورة الشعب السوري بكل مكوناتهم الدينية والمذهبية والقومية من أجل التخلص من نظام الإستبداد.إنها ثورة من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية للجميع على قاعدة المساواة بدون تمييز, والصد ومحاربة كل موقف لا ينسجم مع مواقف الثورة.وكما أكدنا مرارا نبذ وإدانة كل عمل وسلوكية تهدف الإساءة إلى أهداف الثورة الشعبية,أو تمزق الوحدة الوطنية,وتمارس العنف والتعصب ضد مدنين عزل, وهذا هو بالنقيض من أهداف الثورة.وأن التعايش الوطني المشترك بين مختلف مكونات المجتمع في إطار الأحترام المتبادل على أسس دستورية تضمن الحقوق المتساوية للجميع هي الضمانة الوحيدة لبناء دولة عصرية متقدمة ومزدهرة, تصون الحقوق الشخصية لكل إنسان.
إننا عبرنا سابقا والآن عن هاجسنا وقلقنا حيال ما يحدث من فظائع أليمة يتعرض لها الشعب السوري. وقوفنا ودعمنا ومشاركتنا في صفوف الثورة من أجل الحرية والتخلص من الظلم ونظام الإستبداد, لآ يعني القبول والتحول تحت أي ذريعة كانت إلى ظلمة وظلام وعبودية وإستبداد من أي نوع كان أو تحت أي رداء أسود آخر.
مصدر.:ويكيبيديا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح