الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة السياسية

عزام راشد العزومى

2012 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


الثقافة السياسية
تؤثر الثقافة السياسية السائدة في بلد ما في كيفية نظر الجمهور للعملية الانتخابية ومفهومه لما يمكن إعتباره مسألة النزاهة فيها، فعلى الرغم من إعتماد معايير دولية للانتخابات الحرة والنزيهة، إلا أن كيفية تفسير وفهم تلك المعايير يبقى عرضة للثقافة السياسية القائمة في كل بلد. على سبيل المثال، الممارسة الأخلاقية هي جزء من النزاهة، إلا أن تعريف الممارسة الأخلاقية بحد ذاتها يختلف من بلد لآخر وتعتمد نزاهة الانتخابات على الممارسات الأخلاقية للقائمين على إدارة الانتخابات والموظفين والمرشحين والأحزاب ومختلف المشاركين في العملية الانتخابية وذلك يعني تصرف كافة المشاركين بطريقة تعزز قيام عملية انتخابية حرة ونزيهة وتبتعد عن أية ممارسات من شأنها الإضرار بنزاهتها ومن هذه الممارسات تزوير الإرادة السياسية والإغتيال المعنوى وتشويه المنافسين والتزوير والغش والرشوة للناخبين معتمدين فى ذلك على الفقر الفكرى والجهل بالثقافة السياسية والفقر المادى واحتياج الناس للمال، ولتحقيق ذلك يجب على الجميع تنفيذ مهامهم وأدوارهم بمهنية وشفافية وحياد وهذا يعني ضرورة أن يمتنع المسؤولون والموظفون العامون (بمن فيهم القائمين على إدارة الانتخابات) عن استخدام صلاحياتهم لصالح الأغراض الخاصة أو المصالح السياسية وعدم قيام المرشحين والأحزاب بإساءة استخدام الأموال التي يحصلون عليها لأغراض تنفيذ حملاتهم الانتخابية, وكذلك امتناع أصحاب النفوذ من استخدام الأموال أو الحوافز الأخرى لمحاولة التأثير غير المشروع على القائمين على إدارة الانتخابات أو الموظفين العامين، والإفصاح عن مصادر تمويلهم ومصروفاتهم التزاماً بالقانون. وتقوم الممارسة الأخلاقية على أساس احترام الحقوق والنشاطات السياسية للآخرين وتقبل المواطنين ومديري الانتخابات لحقيقة تمتع أي كان بالحق في مناقشة المسائل السياسية بحرية والدفاع عن وجهات نظر سياسية مختلفة والعمل بموجب تفهم تام لمبدأ عدم امتلاك أي كان الحق في التدخل بجهود الأحزاب السياسية وبرامجها لإشاعة رسالتها ومواقفها أو التدخل في الفعاليات والنشاطات السياسية لأي مواطن.
وفي هذا السياق تعتمد الكثير من الأنظمة ميثاق شرف أو مدونة سلوك تحدد طبيعة الممارسات المنتظرة من كافة المشاركين في الانتخابات.
وفي البلدان التي تعاني من إنقسامات إجتماعية وسياسية حادة فقد يصعب التوافق على معايير عامة وطنية للنزاهة، ومن بعض هذه المواثيق أو الأساليب المتبعة ما يلى.
التجنيد السياسي: تقوم الانتخابات الديمقراطية بدور تعبوي عام، فهي مصدر رئيسي من مصادر التجنيد السياسي ووسيلة هامة من وسائل المشاركة السياسية، ففي النظم الديمقراطية المعاصرة عادة ما يقوم السياسيون وقادة الأحزاب والكتل الانتخابية بمهمة إختيار المرشحين للمناصب السياسية وإعداد البرامج السياسية لمواجهة المشكلات والتحديات العامة التي تواجهها مجتمعاتهم. ولذا فالانتخابات تلعب دوراً محورياً في إعداد وتدريب السياسيين والقادة وتأهيلهم لمناصب أعلى، الأمر الذي يُسهم في تجديد حيوية المجتمع ويضمن مشاركة عناصر جديدة في وضع السياسات وصنع القرارات وليس الإستيلاء والتكويش والإنتهازية من أجل فصيل واحد لا يمثل سوى نفسه.
وعلى العكس من ذلك نجد المجتمعات التي لا تجرى فيها انتخابات ديمقراطية غير قادرة على تجديد حيوية المجتمع ولا الدفع بعناصر جديدة إلى مواقع صنع القرارات، إذ يظل المجتمع لفترات طويلة تحت سيطرة حزب أو جماعة ما أو حتى دكتاتور فرد، فتفقد أجيال بالكامل الفرصة في المشاركة في العمل السياسي وصنع القرار كما رأينا وسنرى فى الدول النامية. وما الانتخابات التي يجريها الحكام في بعض تلك المجتمعات تحت مسمى "الانتخابات البرلمانية" أو حتى "الانتخابات الرئاسية" إلا وسيلة للسيطرة من خلال ترشيح الموالين والأتباع وضمان فوزهم بعد التلاعب بقوانين وإجراءات الانتخابات في جميع مراحلها بدءاً من الترشيح ومروراً بالتصويت وانتهاءً بفرز النتائج وإعلانها. وليس من المستغرب والحال هكذا أن ينحصر دور هؤلاء على تبرير تصرفات الحكام ووضع دساتير وسن القوانين التي تضمن لهم البقاء في الحكم واستمرار سيطرتهم على مقاليد الأمور. إن هذا النوع من الانتخابات ليس وسيلة للتجنيد السياسي والمشاركة السياسية وإنما هو أداة للسيطرة على المجتمع وحرمانه من تجديد ذاته، وللحيلولة دون بروز سياسيين وقادة جدد يتنافسون على مواقع السلطة.
التثقيف السياسي: تقوم الانتخابات الديمقراطية بدور تثقيفي عام، فهي تشارك مع وسائل وقنوات أخرى في تثقيف المواطنين بالمسائل المتصلة بالعمل العام والشؤون السياسية قبل وأثناء عملية الانتخابات، وذلك من خلال إذاعة وإعلان البرامج المختلفة للمرشحين والأحزاب، ومواد الدعاية الانتخابية خلال فترة الانتخابات، الأمر الذي يتيح الفرصة أمام الجماهير للإطلاع على ومناقشة المشكلات والتحديات التي يواجهونها. ولذا ففي الدول الديمقراطية المعاصرة هناك علاقة طردية بين مستوى الوعي والثقافة والتعليم من جهة ومستوى المشاركة في الانتخابات من جهة أخرى وليس كما رأينا وسنرى العلاقة ليست متعلقة بالثقافة والتعليم والوعى السياسى بقدر ما هى علاقة إرتباط فكرى ومعنوى لشخص أو جماعة دون النظر لبرامج لحل مشكلات وتحديات يواجهها المجتمع.
وعلى العكس من ذلك تجد تلك العلاقة سلبية في الكثير من الدول غير الديمقراطية، فالانتخابات لا تُجرى على أساس الأفكار والبرامج السياسية التي تعالج الشأن العام، وإنما على أساس الأشخاص وأداء الخدمات والمصالح الشخصية. ولهذا يعزف المتعلمون والمثقفون عن المشاركة فيها، وتؤدي الانتخابات أشكالاُ أخرى من الوظائف. ففي مصر، على سبيل المثال، هناك عبارة "نائب الخدمات" تعبيراً عن الخدمات والتسهيلات التي يقوم بها النواب بمجرد تقلدهم لمهامهم في البرلمان لأبناء دائرتهم ومعارفهم.
" إنى أناشد كل أب وأم, إلى كل أخ وأخت إلى كل زوج وزوجة" أقول أن الديمقراطية ليست نظاما سياسياً كما وضعتها جماعة الإخوان المتأسلمين وليس المسلمون فى مسودة الدستور الذى لن يرى النور لإنه كارثة وسقطة سياسية بكل المقاييس، ولكن الديمقراطية تعنى ببساطة أنها ظاهرة تمارس فيها السلطة من خلال الإرادة الشعبية, ويعبر المواطنون عن اختيارهم للحكام فى النظم الديمقراطية من خلال انتخابات دورية حقيقية وفقاً لمبادئ الاقتراع العام والتصويت السرى.
فماذا سنكسب من تأييدنا لشخص ما, لابد أن نسأل أنفسنا مجموعة أسئلة منها الآتى:
1. هل أفضت الانتخابات إلى ظهور سلطة تنفيذية مسئولة بشكل مباشر أمام هيئة الناخبين، أو بشكل غير مباشر أمام مجلس نيابي منتخب؟
2. إلى أى مدى أفضت الانتخابات إلى ظهور مجلس نيابي يضمن التعددية السياسية عن طريق تمثيل كافة التيارات الرئيسية في المجتمع؟
3. هل قبلت كافة الأحزاب المتنافسة وكذا المرشحون المتنافسون نتائج الانتخابات؟
4. هل تتمتع الحكومات المنتخبة بتفويض شعبي من المحكومين ومن ثم بشرعية شعبية، أو هل أدت الانتخابات إلى تجديد شرعية الحكومة القائمة؟
5. هل تُستخدم الانتخابات كوسيلة لمحاسبة الحكام ومساءلتهم؟
6. هل تُستخدم الانتخابات كوسيلة للتجنيد السياسي وتأهيل السياسيين للمشاركة في مواقع صنع القرار السياسي؟
7. هل تُستخدم الانتخابات كوسيلة لتثقيف المواطنين وإتاحة الفرصة لهم للإطلاع على قضاياهم المختلفة والحلول المقترحة لمواجهتها؟
وفى النهاية أرى أن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية أمرًا مطلوبًا لتحقيق الاستقرار إلا أنه لا يمثل ضمانة كافية للحيلولة دون وقوع فوضى وانفلات أمنى مرة أخرى ومن ثم يبقى الاستقرار فى مصر مرهونًا بنجاح النظام الجديد فى المضى فى عملية بناء سياسى واقتصادى وفكرى لكثير من الشباب الذى لا يعرف عن الإنتماء وتفضيل وتقديم المصلحة العليا للدولة شيئا.
بقلم: عـــــــــزام راشــــــد العـــــزومى
باحث دكتوراة – علوم سياسية- جامعة القاهرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السارق عزام
دكتور محمد غالي ( 2013 / 3 / 30 - 21:11 )
جزء من هذا المقال تمت سرقته من بحث للأستاذ الدكتور عبد الفتاح ماضي أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإسكندرية- ولقد قدمه في أحد المؤتمرات المنعقدة في اللقاء السنوي السابع عشر الديمقراطية و الانتخابات في الدول العربية المنعقد في أوكسفورد بلندن عام 2007.
وتمت سرقة جزء من البحث من الفقرة التي تبدأ بجملة (التجنيد السياسي) وحتي النهاية
http://www.achr.nu/art220.htm

اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج