الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجاوز العقلية الذكورية المهيمنة هو الطريق نحو تحرر المرأة والعدالة والمساواة والسلام

زوهات كوباني

2005 / 3 / 8
ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي


إن احد الأسباب الرئيسية لازمة الحضارة في يومنا الراهن نابع من تداعيات العقلية الذكورية المهيمنة والذي أوصل الحضارة إلى حالة اختناق لا يمكن الخروج منها إلا بتجاوز هذه العقلية المتسلطة المهيمنة والتي تجلب معها جميع أنواع الظلم والتمايز الطبقي والجنسي ، فقد تحولت هذه العقلية إلى قوالب ثابتة منذ آلالاف السنين بحيث دخلت في ذهنية المرأة نفسها وكأنه شيء طبيعي وحقيقة واقعية يتطلب المثول أمامها وقبولها رغم أن حقائق التاريخ والدراسات التاريخية والاركولوجية واللاهوتية تؤكد عكس ذلك .

مع بدء هيمنة هذه العقلية على المجتمع وتماسسها من على جميع الصعد من خلال التطور التاريخي تم تكدس جميع الإمكانيات المادية والمعنوية بيد الرجل وأنفراده بجميع النشاطات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية ،ودخل في صراع وحروب طويلة مع المرأة حيث يذكر في الميتولوجيات بصراع الآلهة إينانا مع انكي الذي سرق (م) قوانينها ،والتي ناضلت من اجل إعادتها ، ولكن كان نتيجة هذا الصراع بتغلب انكي اله الذكر المعروف بالحيل والدسائس ، ومنذ تلك الفترة بدأت للمرأة عهد جديد مليء بالآلام والماسي . حيث تم تهميشها وتقزيمها وجعلها أمة عبدةً لا حول ولا قوة لها إلا بالقبول والارتباط والخنوع للرجل ، وتم ابتعادها من جميع النشاطات الاجتماعية المهمة .

إن ظهور جميع المؤسسات من الدولة والجيش والسلطة وما قامت به من حروب وقتال كانت مترافقة مع هيمنة هذه العقلية ، وأصبح كل شيء يتم وفق حقيقة الرجل ، حتى أن جميع النظريات التي ظهرت منذ العصور الأولى إلى يومنا الراهن واقع تحت تأثير هذه العقلية المهيمنة ، إلى درجة أن المرأة بدأت تبتعد عن حقيقتها وتنظر إلى نفسها من خلال نظريات الرجل التي لا ترى ولا تولي الأهمية إلى حقيقة المرأة وتجعلها من العنصر الناقص في المجتمع ، هذا بدأً ً من الميتولوجيات إلى النظريات الدينية والفلسفية وحتى الأكثر علمية والتي نادت بالاشتراكية كانت احد نواقصها الأساسية والتي سببت في انهيارها هو اقترابها من المرأة وتحليلها الخاطئ لحقيقة المرأة والتي لم تتجاوز كثيرا النظريات الرأسمالية الليبرالية ، وفي هذه المراحل وان ظهرت من بين النساء الكثير من الباحثات والمنظرات ، ولكن دون تحليل الأمور والوقائع وفق حقيقة المرأة بل كانت عبارة عن نسخة من نظريات الرجل ولا تتجاوزه كثيراً حتى ولو أبدت فيها بعض الإقترابات أو الانتقادات على الواقع الموجود التي تعيشها المرأة ، ولكن لم تكن تستطيع الرد بشكل جذري وموضوعي على جميع القضايا والمشاكل التي تعيشها وتعانيها المرأة من على جميع الصعد في الحياة .

إن عقلية الرجل التسلطية هذه فمن اجل الهيمنة والاحتلال أدخل العالم في حروب وصراعات دموية وأسفر عن مجازر وحمامات الدم بحق الشعوب القاطنة على وجه الأرض ، وراحت ضحيتها الملايين من البشر حتى وصل هذه العدوانية إلى درجة تفجير القنابل الذرية والكيماوية بالمجتمعات وخير مثل على ذلك ما تم تطبيقه في هيروشيما وناغازاكي أثناء الحرب العالمية الثانية . إن كل هذا يوضح أن هذه العقلية المهيمنة على الحضارة الإنسانية وجعلت منها نسخة طبق الأصل في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والمنهجية والنظرية والمؤسساتية . لم تكتفي بعبودية المرأة وتجاوزها إلى قتل جنس الذكر أنفسهم وأخيراً وصلت إلى قتل الطبيعة ، وما الأزمة والكارثة التي تعيشها الحضارة الإنسانية إلا خير دليل على ثمار هذه العقلية ، وكل العلماء والدراسات الحديثة بدأت تشير إلى هذا الخطر الكبير الذي قد يقود إلى فناء الإنسانية من الوجود إذا لم يتم أخذ التدابير المطلوبة تجاهها وبأقرب وقت ، لان التغيرات الحاصلة في الجو وارتفاع درجات الحرارة وذوبان المناطق الجليدية ، وتصاعد الزلازل والسيول والفيضانات والأعاصير كلها مؤشرات إلى تلك النتيجة ، وما فاجعة تسونامي الأخيرة التي راح ضحيتها المئات الآلاف من القتلى وتشرد الملايين من العائلات ،كانت بمثابة ناقوس يدق في الآذان ويشير إلى هذا النتيجة .

لذلك لا بد من الوقوف في وجه الهجوم الإيديولوجي للرجل على المرأة والطبيعة والإنسانية ، وهذا ما يتطلب التسلح بإيديولوجية تحرر المرأة ، للتحرر أولا من الناحية الإيديولوجية من هذه العقلية المهيمنة الذكورية ، ومن ثم التحرر في الميدان السياسي والاجتماعي والثقافي والمؤسساتي ، وهذا يتم بالصراع في جميع الميادين ، بدأًً من منظمات المجتمع المدني إلى حقوق الإنسان والإدارات المحلية ، وذلك بتطوير النضال الديمقراطي للوصول إلى المجتمع الديمقراطي الايكولوجي وهذا ما سيوصل المرأة إلى الحرية والمساواة مع الرجل ،وذلك بتحطيم علاقة الملكية والسلطة المسلطة على المرأة ، وبتحرير المرأة نكون قد استطعنا من التخلص من هذه العقلية التسلطية المتربعة على القيم الإنسانية ، يكون قد تمكنا من التغلب على الأزمة والكارثة التي تعيشها الحضارة الإنسانية ، وصولاً إلى مجتمعٍ ديمقراطيٍ ايكولوجي يسوده الحرية والعدالة والديمقراطية والجمال .
132005
زوهات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج