الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا بعد؟

خالد قنوت

2012 / 11 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


الوضع على الأرض: الصراع العسكري محتدم و قوات الأسد في حالة يرثى لها. النظام يحاول بكل قواه الدموية تحصين العاصمة كبيضة القبان في معادلة سقوطه فيستخدم الطائرات الحربية بكثافة لدك الريف الدمشقي بعد 43 سنة من دكه بالتخريب الممنهج و التغيير الجغرافي و الديموغرافي و لكن ريف دمشق ظل شوكة بحلق قوات الاحتلال على طول الزمان و سيبقى خزان بشرياً للعزة و الوطنية. انحسار المظاهرات بأكثر المناطق لكثافة المعارك العسكرية و مع ذلك تخرج المظاهرات كنوع واعي لتأكيد ثوايت الثورة و أهدافها و تثبيت أن النظام الاستبدادي ساقط و دعوات لوحدة العمل العسكري على الأرض و لوحدة المعارضة و لو بالتمني و لا تخل بعض الشعارات من نقد تجاوزات بعض المجموعات المسلحة. وضع إنساني كارثي و بوتيرة متصاعدة و حالة فوضى مقصودة من قبل النظام و بعض المجموعات التي تسمي نفسها على الجيش الحر و الثورة. هناك تكافل اجتماعي كبير بين السوريين في المناطق المحررة و المحاصرة و المنكوبة رغم شح الموارد و الاعانات. تفرغ الكثير من الثوار المدنيين للعمل الإغاثي يقلص عملية التفاعل الثوري و التصعيد على المستوى المدني الأكثر من ضروري و حيوي لأنه الضمير الوحيد الحقيقي للثورة. قناعة كبيرة لدى السوريين بالداخل, بدخول الصراع مرحلة التجاذبات الدولية و حرب باردة روسية أمريكية على حساب الدم السوري, و بانتظار المهدي الجديد الأمريكي. من جهة أخرى هناك عمل جبار و بصمت للثوار على الأرض للتنسيق و الترتيب قدر الإمكان للمراحل المقبلة. الشعب في الداخل يحتمل ما لا يمكن احتماله و لكنه اتخذ قراراً نهائياً بعدم الرجوع عن سقوط النظام على الأقل و عن اقتلاع حكم الشبيحة من جذوره.

الوضع على الحدود: هناك تأكيدات لوصول بعض الأسلحة النوعية لبعض فصائل المعارضة (صواريخ ستينغر) و لكن حتى الآن لم تكسر السيادة الجوية لقوات النظام. لكن بالمطلق الأسلحة النوعية مازالت أمام الفيتو الأمريكي و قد يكون الاسرائيلي بحجة, قد تكون هم من سعى إليها, و هي التخوف من وصولها للمجموعات المتطرفة, مع أنه من المنطقي لو أرادوا التسليح فهناك العديد من القيادات العسكرية الموجودة على الحدود و في ذات طابع وطني و غير متطرفة و دائماً تطرح نفسها كتكوين عسكري سوري وطني منضبط و هذا ما يؤكد القرار الغربي الأمريكي باستمرار حمام الدم السوري و حالة التدمير الذاتي بعدم تسليم اسلحة نوعية للقوات العسكرية الوطنية الشريفة و بتمييع الخطاب السياسي و الدبلوماسي تجاه الأسد و نظامه كتوطئة له لاستمرار وحشيته و بربريته في تدمير البنى التحتية و الاجتماعية للنسيج السوري. أهلينا في المخيمات في انتظار الشتاء و الاعانات و إصرار على العودة مع بشائر سقوط النظام.

الوضع الدولي و الإقيليمي: حالة من الشد و الجذب بين تصريحات المسؤولين الروس و الغربيين و لكن الوضع على حاله تواطئ دولي على استمرار حالة التعفن و الاهتراء الذاتي للكيان السوري و انتظار النتائج على الأرض للركوب عليها و تركيب مصالح كل دولة على الشكل الجديد للكيان السوري الجديد.
- دعم مالي و دبلوماسي و عسكري منقطع النظير من قبل إيران التي تتحسس الانحسار الكبير لنفوذها في منطقة شرق المتوسط بسقوط النظام السوري.
- قيادة أمنية استخباراتية عسكرية روسية للصراع في الداخل السوري و التنفيذ على النظام بعد أن استمر في تخبطه و سقوطه في مستنقع أخطائه. الروس يمارسون سيناريو الشيشان على الأراضي السورية و يزدادون تمسكاً بشخص رأس النظام لرفع سقف المساومات في المستقبل القريب و التي يمكن أن يقدموا رأسه لتحقيق أكبر قدر من مصالحهم في المنطقة و العالم.
- المهدي الأمريكي المنتظر لن يكون في صالح الشعب السوري. لأنه ببساطة السياسة الأمريكية لا يقررها رئيس, لنفهم هذه المسلمة و لنفهم مسلمات في السياسة الأمريكية: مصالح الولايات المتحدة الأمريكية و مصالح الكيان الصهيوني. نقطة على السطر. استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية وضع كل الدول و السياسات الدولية تحت إبطها دون منازع على سلطتها على منطقة الشرق الأوسط:هذا ما قامت به في قيادة تجمع أصدقاء الشعب السوري و تفريغه من مضمونه و إصابته بالعجز, الحد من التصعيد التركي السعودي القطري إلى الحدود الدنيا, الامساك بالحدود الدولية السورية و إيصال الأسلحة بالقطارة للمجموعات المسلحة ضد النظام, تفاوت في نسب التعاطي مع الأزمة السورية فمرة شجب و إدانة و سحب شرعية من النظام و مرة تعظيم و تضخيم لقدرات الجيش النظامي و خاصة الدفاع الجوية يذكرنا بنفس سياستها مع صدام حسين. صحيح أن استحقاق الرئاسة الأمريكية مهم لها و لكن المرشحين للرئاسة متفقين على ضرورة انتظار تبلور معارضة حليفة لأمريكا و هي تعرف أن السوريين لا يعشقون السياسة الأمريكية في المنطقة, فإذاً هناك تسويف لاستمرار الحالة على ما هي عليه.

الآن, و ماذا بعد؟؟

يجاهد العديد من قياديي الجيش الحر و المجموعات الأخرى في توحيد صفوفهم لمعرفتهم العسكرية الفطرية بعبثية التشرزم على أرض المعركة و لكن هناك عوائق كثيرة يتمنى و يطالب الشعب السوري أن تزول و تقوم هناك قيادة عسكرية سورية وطنية و واعية فتخلق الظروف الموضوعية لانضمام عناصر أكثر من جيش النظام و لالتحاق العدد الأكبر من السوريين المترددين بالثورة و لتحقيق مطالب المجتمع الدولي بسيطرة سورية وطنية غير متطرفة على الوضع العسكري الميداني في سورية.
الوضع السياسي للتكتلات المعارضة في الخارج يبقى على حاله رغم المحاولات الحثيثة لتشكيل قيادة سياسية للثورة تعبر عن الجميع و عن المستقبل المنشود لسورية الجديدة التي ثار شعبها منذ أكثر من تسعة عشر شهراً.
- محاولة تشكيل مجلس حكماء, لم تنجج؟؟
- محاولة أعادة هيكلة المجلس الوطني, هناك خطأ بنينوي في هذا المجلس و يبدو أن من الصعب تجاوزه رغم كل الأمل الكبير الذي وضعه السوريون بهذا المجلس و لكنه كان بعيد عن الواقع السوري و أيضاً هناك عدم تمرس و خبرة و ربما كاريزما لقادته و الأكثر خطورة تسلط جهات سياسية على قرار المجلس و مقدراته المالية كل ذلك أصاب المجلس بالعجز لتأتي فرمانات السسيدة كلينتون فمثابة الضربة القاضية رغم كل التفاني الذي قدمه المجلس لاستعطاف الحسم الأمريكي. من الأسئلة الكثيرة التي سألها السوريون للمجلس: من أين تأتي بكل هذه الشخصيات التي تحسبها معارضة مع الاحترام للجميع. الكم لا يغني عن النوع في العمل السياسي و هذه خطيئة كبيرة, أيضاً هناك شكوك مشروعة لكل سوري أن يسألها عن تاريخ كل من يدعي قيادة العمل السياسي الثوري و كأن السماء أمطرتنا بمعارضين قد لا يعرفون من سورية سوى الاسم فهناك العديد منهم لم يزر سورية من قبل و لم يقرأ تاريخها و جغرافيتها. زاد في الطين بلة رفع عدد أعضاء المجلس من 300 إلى 600 أو أكثر؟؟؟
- هيثة التنسيق مازالت في واد و الثورة في واد, و شخصياً كنت أعقد عليها الأمل لأنها من الداخل و الأقرب للثورة.

اليوم يطرح مشروع هيئة المبادرة الوطنية السورية؟ في البداية يجب أن يتفق الجميع ممن يحملون هم الثورة السورية و يريدون تحقيق أهدافها, أن إلغاء مبدأ التخوين من الخطاب الثوري و السياسي أساسي لانتصار الثورة و هذا شرط لازم و كاف لدفع الامور بالاتجاه الصحيح و باتجاه بوصلة الثورة الاساسية, ثانياً لنفهم أن النظام مازال يملك الأدوات و الأجهزة التي تعمل ليل نهار لاسقاط أي عمل يؤدي لقيام قيادة للثورة, سيمنحها العالم بالقسر الشرعية للمرحلة الانتقالية و خلال عملية إسقاط النظام و سيجيش النظام أفراد و مجموعات و دول لإجهاض مثل هذا العمل, ثالثاً هناك منتفعين من الحالة السورية ممن يدعون المعارضة و الثورجية و لا يفيدهم قيام قيادة سياسية تبعدهم عن مكتسباتهم التي يعيشون عليها منذ تسعة عشر شهراً من الثورة, رابعاً هناك معارضون يعارضون من أجل المعارضة و أكثرهم مثقفين أو ممن يدعون الثقافة و لا يحملون حلاً لأي شيء, خامساً الدول الأقليمية و الدولية تضع العراقيل في وجه أي تكتل سوري وطني يؤسس لمشروع دولة حرة ديمقراطية مدنية تعددية قد تشكل في المستقبل حالة هجرة للتجربة السورية أى تهديداً لكيانات طائفية في المنطقة.
في قراءة متأنية لمشروع المبادرة, فهي مشروع وطني قابل للنقاش و الحوار بطريقة أكثر عقلانية و تطرح شكلاً للتوافق أو التحالف المرحلي السياسي و العسكري أساسه إسقاط النظام و هذا مطلب جماهيري سوري بامتياز و من ثم التأسيس للمرحلة الانتقالية و ما يليها من تطورات.
لا يكفي أن تمارس النقد للنقد فقط, من المصلحة الوطنية أن تطرح البدائل و الحلول المنطقية و العلمية و الواقعية, و من جهة أخرى فشل تجربة لا يعني الاكتفاء بها و قد يكون البناء على أيجابياتها و هناك أنجازات كبيرة للثورة و لنقل للمعارضات أيضاً يمكن الاستفادة و التأسيس لها كوثائق القاهرة.
الشعب السوري الذي حرم من حقوقه السياسية منذ تسع و أربعين سنة له الحق في إعادة التجرية و إعادة تشكيل مكوناته السياسية من جديد قد يتعثر و هذا طبيعي في وضعه السياسي الجنيني و لكن يجب على الجميع الدعم و المساندة هذا إن خلصت النوايا و اقترنت بالأفعال.
سورية و السوريون لن يعدموا الوسيلة لتحقيق غاياتهم المشروعة في الحرية و الديمقراطية و الدولة المدنية التعددية, دولة العدل و دولة الوطن و المواطنة و لطالما ثقتي بهذا الشعب الأصيل كانت و ستبقى كبيرة و راسخة مهما شابها من شوائب نتيجة للعنف و الوحشية التي يتعرض لها من نظام مافيوي آيل للسقوط. سورية خصبة بالشباب و بالمبدعين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا تقر قانونا لتسهيل طرد مؤيدي الجرائم الإرهابية | الأخ


.. أردوغان لا يستبعد عقد اجتماع مع الأسد: هل اقتربت المصالحة؟




.. قراءة ميدانية.. معارك ضارية وقصف عنيف على حي الشجاعية بمدينة


.. -من الصعب مناقشة كاذب-.. هكذا علق بايدن على -التنحي- | #عاجل




.. -لكمات- بين بايدن وترامب .. والأميركيون في مأزق ! | #التاسعة