الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كابوس فجر البارحة أو مجرى الهلع والدّم

مهنّد يعقوب

2012 / 11 / 2
الادب والفن


الطريق التي رأيتها البارحة كنتُ قد مشيتها بصحبة فتاتين يغطيهما رداء أسود.لم يسبق لي أن رأيتهما من قبل، بل لم يسبق لي أن رأيت نفسي كذلك.لقد خطونا فجأة الى الحياة عبر الفراغ من الجانب ، عبرنا الساقية من دون أن يكلم أحدنا الآخر او يعبأ بخطواته.كانت ساقية في منحدر وعليها معبر خشبي نحيف بطابقين ، ولا أعرف لِمَ يوجد معبر خشبي بطابقين أحدهما يبعد عن الآخر مسافة تكفي لترك سؤال ؟ مثلما لا أعرف ما الذي ستعنيه حياتي مستقبلاً أكثر من أنها شبكة أنابيب عملاقة محشوة بالصراخ والمشاكل وعليّ الاستمرار بداخلها حتى النهاية ؟.إختفت الفتاتان للحظات وأنا أعبر المنحدر الى القرية ولم أجد الأمر مقنعاً بالرجوع ، فقد عاودت إحداهن الظهور وهي عارية تماماً وحزينة تركض باتجاه الساقية.تابعت سيري نحو شيء غريب سيحدث، شيء يشدني لشخص ما لا يشبه احداً من الذين أعرفهم او سبق أن رأيته في أي فيلم سينمائي.شخص من النوع الذي تناط به مهام ليست سهلة مثل الصمت لفترات طويلة او الموت.شخص إما أن يقودك الى الشقاء او الخلاص ولا تجد طريقة للتخلص من مرافقته لا بالكراهية ولا بالحب.أنت منقاد له بفعل الغموض والحنين ، واختيارك أن تسبح الى جانبه في الحياة أختيار غريزي لتمنع عنه ضواري الماء بعصيهم ومعاولهم وصرخاتهم المتوحشة. لم يكن يحمل اسماً ولم يناديه أحد بصفة او لقب ، هو شخص غير مسمّى . يقول عنه أهل القرية أشياءً مبهمة وأنه ذات مرة تحدث الى النّاس وأخبرهم إنه على إستعداد لأن يموت بالنيابة عن أي شيء يحدث حتى وإن كان ذلك الشيء" أثر فراشة".كان أزرق ونحيفاً لا تستطيع أن لا تمدّ إليه النظر ، وله قريب يكبره سناً في الأربعينات رأيته مرة ونحن نصعد في إحدى الباصات الصغيرة والمتهالكة في القرية،همس له بكلمات لم تكن نهاياتها واضحة كان يبدو عليه الإرتياح ، ثم إختفى فجأة مع تلك السعادة.عرفتُ إنني سأرى كل شيء بمنتهى الحدود والملامح مثلما رأيت عريّ المرأة ، وإني في مهمّة قاسية كانت قد بدأت للتو.يركض النّاس باتجاه الشخص غير المسمّى وهم يجلدون كلّ شيء بصراخهم المتعالي ، وهو يركض نحو المنحدر بملابسه الرثة والممزقة ، يركض بأنفاسه المحترقة ، وأنا بينهما أرى كلّ شيء ، ولا أستطيع إيقاف مجرى الهلع والدّم ، الذي أريق على جانبي الساقية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ياسمين سمير: كواليس دواعى السفر كلها لطيفة.. وأمير عيد فنان


.. تفاعلكم | بعد حالة الطوارئ الثقافية التي سببها في الرباط، حو




.. تفاعلكم | مخرج فيلم -آخر سهرة في طريق ر-، محمود صباغ، يرد عل


.. أحمد السقا يروى كواليس تعرضه للخطر في أفلامه ونجاته من الموت




.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 13 مايو 2024