الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبو حفص الموريتاني وسياسة الجزيرة التحريرية الجديدة

منعم زيدان صويص

2012 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


في السابع عشر من الشهر الماضي بثت قناة الجزيرة، ضمن برنامج لقاء اليوم، مقابلة مع محفوظ ولد الوالد، الملقب بأبي حفص الموريتاني، الذي وصفه مقدم الحلقة بأنه كان الرجل الثالث في تنظيم القاعدة. ويقول أبو حفص، الذى كان يرأس "الهيئة الشرعية للقاعدة" انه عارض هجوم 11 سبتمبرعلى الولايات المتحدة ولكن رأيه "لم يؤخذ به." وقال أبو حفص ان القاعدة عام 2001 قررت أن "عملاً عنيفاً سوف يتم ضد الولايات المتحدة الأميركية و سيكون هنالك الآلاف من الضحايا." وقال إنه، وعدد آخر من رجال القاعدة -- سمّى بعضهم ولم يسمّي الآخرين -- عارضوا الهجوم. ومع أنه إمتدح أسامة بن لادن قائلا إنه يتمتع "بميزات كثيرة جدا"ً منها حُسن الخلق والسماحة والتواضع ، إلا أنه أضاف أن "الشيخ أسامة قرر أن تتم الأعمال كما هي والأحداث كما هي وهذا كان سبب إنفصالي عن التنظيم بعد إصرار الشيخ على هذا في جلسات كثيرة وحوارات كثيرة." وقال إنه قدم استقالته لبن لادن قبل الهجوم "بأسابيع."

وقد شرح أبو حفص اسباب اعتراضه على العملية على النحو التالي:

" معارضتنا كانت انطلاقاً من منطلقات شرعية، فالجهاد هو ذروة سنام الإسلام، وهو من أفضل الأعمال، ولكن الجهاد ليس فقط أن تقتل وتدمر دون النظر في العواقب، الإسلام ينظر إلى صورة العبادة ولكنه في الحقيقة ينظر إلى المآلات وما تنتهي إليه هذه الأفعال، والناظر في عواقب أحداث سبتمبر في ذلك يدرك أن أضرارها أكثر من نفعها."

ويضيف: "السبب الآخر الذي جعلنا نعارض هذه العملية هو أنها تشتمل على محورين: هناك مدنيون سوف يقتلون، وديننا يمنعنا من قتل المدنيين. المدنيون في مفهوم الإسلام هم كل من ليس له شأن في القتال، يدخل فيهم النساء والأطفال والشيوخ والناس العاديون الذين لا شأن لهم بالقتال، وهؤلاء نهانا نبينا عن قتلهم."

وقال: "أن مثل هذه العمليات تشتمل على نقض لعهد وآمان موجود لأن الذين يدخلون مثلا إلى الولايات المتحدة الأميركية يحصلون على تأشيرات دخول. نحن وجدنا من الناحية الفقهية أن هذه التأشيرة بمثابة أمان، ومن أمنه العدو فالعدو منه في أمان كما هو معروف في الفقه الإسلامي، فلا يجوز له الإخلال بمقتضيات هذا الآمان. الأمر الآخر الذي جعلنا نعارض هذه الأحداث هو أننا في ضيافة إمارة طالبان وقد أكدوا علينا مرارا في هذه المسألة وقالوا لنا لا تقدموا على أي عمل من هذا القبيل فوضعنا لا يتحمل ردة الفعل على عمل كهذا، وللأسف القاعدة تجاهلت كل هذه الأمور وضربت بها عرض الحائط."

عندما نفذت منظمة القاعدة هجومها على أمريكا في 11 أيلول 2001، كثيرون في منطقتنا كانوا ميالين إلى تأييد هجوم القاعدة لأنهم لم يتفهموا خطورة نتائج هذا العمل. أما إسرائيل فاستغلته بطريقة عجيبة . فلم تمض أيام قليله على "غزوة نيويورك،" حتى بدأ اريئيل شارون باستفزاز الفلسطينيين حتى يقوموا بهجمات انتحارية ضد المدنيين داخل اسرائيل لكي يقول للحكومة الأمريكية والشعب الأمريكي انه يحارب نفس الإرهابيين الذين يحاربهم الشعب الأمريكي، وبالفعل فقد قال شارون ذلك لجورج بوش بالحرف الواحد. وتحقق هدف شارون، وبعد ذلك أمعن الجيش الإسرائيلي في قتل الفلسطينيين وتهديم بيوتهم امام الدنيا كلها، و بقي العالم كله، وخاصة الغرب، مشغولا بأحداث 11 سبتمبر.

وبعد اسابيع قليلة إكتشف العرب أنهم كانوا مخطئين في تفكيرهم وأن هذا العمل ليس من صالحهم. فبدأو يتشبثون بكل تصريح او تقرير يلمح إلى أن إسرائيل، أو حتى الحكومة الأمريكيه نفسها، كانت وراء العمليه، وصدق العرب هذه القصص وتبنوها. والحقيقة أن بعضهم لا يزال يصدقها ويستشهد بكتاب غربيين على ذلك. ففي الشهر الماضي ظهرت في الصحف المحلية ترجمة لمقال كتبه أمريكي إسمه كافن بارت (Kevin Barret) يقول فيه إن أسرائيل نفذت الهجوم.

هذه المقابله مع أبو حفص توضح تماما أن المسؤول عن الهجوم كان بن لادن والقاعدة. لقد إعترف بن لادن بذالك منذ البدايه وشوهد مع معاونية على شريط مسجل وهم يحتفلون بالمناسبة، ولكن تعلّق العرب بنظرية المؤامرة وبإدعاءات بضعة أفراد في الغرب ذوي أجندات خاصة بأن أسرائيل أو الصهيونيين من الأمريكان هم من قاموا بهذا العمل، دعم هذه الفكرة. وأنا أعتقد أن هذه الاإدعاءات نشرت عمدا، ولم تغضب الإسرائيليين أو الأمريكان ولم يعلقوا عليها لأنهم كانوا يعرفون أن العرب والإعلام العربي سيتبناها. وكان الهدف أن يجرّدوا العرب وإعلامهم من أية مصداقية.

إن بث هذه المقابله هو جزء من السياسة التحريرية الجديدة للجزيرة، التي بدأت مع الثورات العربية، ففي بداية القرن كانت الجزيرة تشجع كل الحركات المتطرفة في العالم العربي وتنشرلها أفكارها، وتعطي متحدثيها وقتا كافيا على الهواء، معتبرة إياهم مظلومين ومضطهدين، فأثرت على الشباب بوضوح وخدمت أهداف المتطرفين. فقد شجعت القناة فروع القاعدة ومن يتبنى أفكارها في افغانستان وباكستان والصومال واليمن والعراق ولبنان ودول المغرب العربي، حتى أنها كانت تقدم برنامجا خاصا عن أخبار دول المغرب العربي مخصصا للإثارة وخلق عدم الإستقرار، مما أدى إلى إحتجاجات عديدة من هذه الدول. غير أن تأييد الجزيرة ودولة قطر الآن، محصور في حركات الإخوان المسلمين في جميع هذه البلدان وتشجيعها على القضاء على الحركات الإسلامية المتطرفة -- والهدف من إذاعة مقابلة أبي حفص واضح. ويظهر أن هذا يتفق مع تأييد الغرب للإخوان المسلمين وأسباب هذا التأييد. ولا نستبعد أن تبدأ الجزيرة في وقت قريب بتسليط الضوء على كتاب شريكها الشيخ يوسف القرضاوي عن "فقه الجهاد" الذي الفه عام 2008 والذي يقدم فكرا أسلاميا جديدا بخصوص هذه المسألة، فقد كانت الجزيرة كل هذا الوقت تذكره على إستحيا. ويحتوى الكتاب على تصريحات ثورية عن مسألة الجهاد، فيقول: "إننا نستطيع أن نعيش في ظل إسلامنا في عالم ينادي بالسلام لا الحرب وبالأمان لا الخوف، وبالتسامح لا التعصب وبالحب لا بالكراهية... نستطيع أن نعيش مع الأمم المتحدة والقوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان وجماعات حماية البيئة. والحق أن مشكلتنا الكبرى هي مع إخواننا المتشددين الذين أغلقوا على أنفسهم النوافذ وأصروا على وجهة نظر واحدة. آفتهم أنهم يحيون في الماضي لا في الحاضر، في الكتب لا في الواقع."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تفض بالقوة اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق بين حماس وإسرائيل




.. جيروزاليم بوست: صحفيون إسرائيليون قرروا فضح نتنياهو ولعبته ا


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. فلسطيني يعيد بناء منزله المدمر في خان يونس