الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يقتاتون من المزابل ..و الحكومة تحتفل ..

أم الزين بنشيخة المسكيني

2012 / 11 / 3
كتابات ساخرة


التاريخ ههنا على قدم و ساق و أعضائه الباقية معلّقة بين حوانيت الحكومة و اللحوم الحمراء ..التاريخ في ديارنا يُضطّرونه أحيانا الى الزحف على بطنه المنتفخة بأحشاء كئيبة ...متى ستصير أحشاؤنا أحشاءا مرحة ؟ لا أحد قادر على التحديق بهذا السؤال لأنّ المزبلة تنمو و تسطو على كل المدى البصري الذي بحوزتنا ..و دائرة فارغة تثير الغثيان ..في أيّ زمن سقط هذا الشعب ؟ و من دفع به في هذه الدوّامة التي لا تنتهي ؟ مسرح للجريمة الساخرة ..عبث بالأرواح و الأقدار ..عمّال جدد و رهط من البشر يولد تحت أنظارهم ..و العمى الديمقراطي يستولي على كلّ العيون .. و الحكومة تحتفل بمسودّة الدستور ..بماذا سوّدوها ؟ و بأي حبر يخطّون تاريخ هذا الشعب ؟و القمامة تزحف في كلّ الاتجاهات ..هل تكون صناديق القمامة أرحم من صناديق الاقتراع ؟؟ هاهم يلجؤون الىى المزابل يبحثون عن قوتهم ..و أضاحي معلّقة بعناية على الجدران ..كلّ و كبشه و كلّ و نوع القرون التي تزيّن جمجمة خروفه..يعلّمون أطفالهم أنّ العلاليش لعبة يتباهون بها أمام الجيران ..لاحمون و مُلتحون و حمّالون للحطب ..و دخان كثيف يلفّ المدينة و رائحة الرؤوس المشوية و الأدمغة المقلية تمتزج بروائح العرق البشري الحالم بقطعان محلية جديدة ..و بمذابح أكثر ثورية و أقلّ بؤسا و أزيد في الشهرية و أخفّ في أسعار السوق الأسبوعية ..
"القماميون " طبقة جديدة وُلدت بفضل "الثورة المجيدة " و في عهد الخلافة الرشيدة ..و من فيض الخيرات يلجؤون في نوع من" الرفاه الديمقراطي" الى المزابل ..أطفال و كهول و شيوخ ..نساء و رجال ..يوحّدهم البؤس و يجمع بين قلوبهم الجوع الثوري ..عمّ يبحثون يا تُرى ؟ لا شيء يشغلهم غير بقايا عشاء عائلي ..لبطون متخمة و قلوب شجعة .. المزابل أرحم من الدساتير المسوّدة و من الحكومات الزرقاء ..انّ المزابل لا تفرّق بين النساء و الرجال و لا تنشغل بهوياتهم و لا بطقوسهم و لا بدعواتهم .. ليس ثمّة نساء عورات في المزابل و لا متنقبات ..لا أحد سيشتكي من سعادة العميد بعد اليوم ..في المزبلة ..كل الناس مواطنون ..و كل العمّال الأحرار بشر كونيّون في مزبلة تتسع للجميع ..
طبعا كلّ القماميون يعلمون أنّ مزابل العيد الكبير أكرم من مزابل الأعياد الأخرى ..فالقماميون أذكى من الفقراء ..لأنّهم ليسوا من الفقراء ..لقد قرّروا أن يستقلّوا بطبقة اجتماعية خاصّة بهم ..هم لا يسكنون ..هم لا يعيّدون ..ليس لهم رؤوس " للشوشطة" و لا مصارين للحشو بالسبانخ ..و لا أدمغة طريّة لطبخ الطواجن ..انّهم متفرّغون للبحث في المزابل عن الجلود المرمية و عن الرؤوس الملقية المصابة بالصداع النصفي ..و عن الرئات المرضيّة الحاملة لدماء فاسدة ..هم سعيدون لأنّهم مستقلّون عن الأحزاب السياسية و هم سعيدون لأنّهم لا يُبالون بالدستور المسوّد و لا المبيّض ..و هم سعيدون لأنّهم ليسوا من طبقة الفقراء ..بل هم أفسد حال منهم .. هم ليسوا "فقراء " لذلك لا أحد من الأحزاب التجارية سيصادر أصواتهم .انّهم مختلفون و لذلك هم سعيدون ..اختاروا المزبلة على البطاقة الحزبية ، و اختاروا المزبلة الحقيقية لأنّها أصدق من المزبلة الرمزية ..
لقد قرّر " القماميون " هذا اليوم اعلان ولادة طبقتهم الجديدة ..سيظلون يعيشون في المزابل الجديدة الى أن يقع تكنيس البلاد من كل المزابل القديمة ..انّهم قماميون مبدعون ..سرّيالون جدُد يطمحون الى رسم لوحات عابثة بكلّ ما بحوزتهم من موضوعات قُمامية ..
من يريد الانتماء الى القماميين ، عليه أن يكون موهوبا جدّا ، مقتدرا جدّا و من نوع خاص و استثنائي جدّا.. غير شبيه بالترويكا و لا بأعضاء الحكومة المؤقتة .. القماميون لا يقبلون بينهم غير الضاحكين و المتفائلين ..لا مكان لطبقة الأغنياء و الكذّابين ..و لا لتجّار الدين القماميون : قدرة على العبور دون أن تتلطّخ أقدامكم بأوحال المستنقع ..لا تتخلّفوا ..كلّكم مدعوّ و كلّكم داعية الى السخرية من المزبلة حيثما ثمّة مزبلة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟