الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سرقة المستقبل جريمة من جرائم الفساد

عزام راشد العزومى

2012 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


سرقة المستقبل جريمة من جرائم الفسـاد

قال تعالى في محكم كتابه العزيز (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَاد َ) سورة البقرة آية 205، وفي هذا الذكر الحكيم من وصف للولاية الفاسدة ما يغني عن أي وصف آخر ،فهي السبب في هلاك المجتمعات وتدهور الاقتصاد و انحدار الحياة الاجتماعية.
الفساد يهدد التنمية الإنسانية: يشكل الفساد اعتداءاً على حق الانسان في التعليم الجيد والرعاية الصحية الجيدة وحقه في العيش في بيئة نظيفة .
قطاع التربية والتعليم
الفساد في قطاع التربية والتعليم " جريمة سرقة المستقبل " التعليم هو بناء القدرة البشرية كما ويعتبر حجر الزاوية في التنمية الإنسانية، وهو حق وهدف وغاية في حد ذاته ، فالمعرفة قوة بحد ذاتها ، فضلا عما يوفره التعليم من من فرص لتحسين الرفاه الاجتماعي وتأثيره المباشر على نمو الاقتصاد ورفع مستوى القيم والتحضر في المجتمع . وخلصت دراسة اشار اليها تقرير الامم المتحدة للتنمية الانسانية الى ان رأس المال البشري والاجتماعي "المتعلم " يساهم بما لا يقل عن 64 % من أداء النمو ، بينما يسهم رأس المال المادي "الالات والبنى التحتية الأساسية " بنسبة 16 % من النمو ، بينما يسهم رأس المال الطبيعي بالنسبة المتبقية . وتظهر التقديرات العالمية الى ان زيادة نسبة خريجي المرحلة الثانوية بنسبة 1 % تقترن بزيادة تتراوح بين 6 :15 % في دخل 40 % من أفقر السكان . وعليه كما يؤكد التقرير فان التعليم يخدم النمو والمساواة ، وان تكاليف تحسين التعليم قد تكون ضخمة الا ان كلفة استمرار الجهل لا حدود لها .
وعلى اساس هذا الوعي للدور للخطير الذي يمكن ان يلعبه التعليم في حياة المجتمع تخصص اغلب الدول ميزانيات ضخمة للتعليم مدعومة غالباً بمساعدات دولية ، ألا ان الفساد يمتص اغلب هذه الموارد ويحرف المتبقي منها عن أهدافه . حيث يؤدي الفساد الى انحدار مستوى التعليم وضياع فرص توفر تعليم شامل عالي الجودة ، وبالتالي تدني مستوى التعليم الى أدنى مستوياته ، مما يلحق اكبر الضرر بفرص التقدم والنمو الاقتصادي والاجتماعي، وتشكل الميزانيات الضخمة التي تخصصها الدول لقطاع التعليم هدفا للفاسدين. وقد أطلق بحق على جريمة الفساد في نطاق التعليم وصف ( جريمة سرقة المستقبل ) .
ويتجسد الفساد في إطار التعليم في الصور التالية:
1ـ عدم وجود ستراتيجية واضحة للنظام التعليمي بما في ذلك تحديد نوع القيم التي يجب ان يوفرها التعليم للتلاميذ والطلبة ، وكذلك عدم وجود برنامج لتقييم الاداء والجودة في قطاع التعليم ، وعدم الاهتمام بنوعية وكفاءة القائمين على التعليم ، يعتبر نوعا من الفساد الاداري ،
كما تعتبر اللامبالاة وعدم الاهتمام بالمظهر الخارجي للطالب ومراقبة نظافته، كما كان سائداً من قبل ، نوعا من الفساد .
2ـ عزوف المعلمين والمدرسين عن أداء واجباتهم التعليمية بصورة صحيحة في نطاق المؤسسة التعليمية كوسيلة للضغط على الطلبة لدفع الرشاوى المبطنة عبر واجهة الدروس الخصوصية.
3ـ إيقاع نسبة رسوب كبيرة بين الطلبة بوسائل متعددة منها وضع أسئلة تعجيزية او تحتمل عدة وجوه للإجابة ، مما يثير الذعر بين أوساط الطلبة وعوائلهم ومن ثم يضطرون الى دفع الرشاوى والهدايا الثمينة . وتؤدي صور هذا النوع من الفساد الى ضياع فرصة تمييز الطالب الموهوب المتفوق او العبقري عن أقرانه من أصحاب الكفاءات المتوسطة أو المتدنية ، وهذه ولاشك نتيجة خطيرة ، ذلك ان شخص موهوب او عبقري واحد يمكن ان يغير وجهة التاريخ
4ـ وفي اطار الإدارة التعليمية المحلية، تعتبر المشتريات المدرسية من اهم وسائل امتصاص الأموال المخصصة للتعليم ، حيث تدون في قوائم المشتريات أسعار تزيد عن الأسعار الحقيقية للشراء تصل إلى عدة أضعاف . وتصل الفروق بين السعر الحقيقي والسعر المزيف أحيانا الى مليارات الدولارات .
5ـ تعتبر مقاولات الأبنية المدرسية الأشهر في قضايا الفساد ، حيث تستخدم مواد أولية مخالفة للمواصفات المطلوبة مما يقلل من العمر التشغيلي لهذه الأبنية فضلا عن تدني كفاءة الأجهزة والأدوات المخصصة للمؤسسة ، كالمختبرات ومقاعد الجلوس ووسائل الإيضاح ، مما يستدعي استبدالها في أوقات قصيرة لتكون محلاً للفساد مرة أخرى .
6ـ تخصيص الدراسات العليا والمنح الدراسية على أساس الانتماء الحزبي والمحسوبية او المنسوبية او مقابل الرشاوى ، مما يعني استبعاد اصحاب الكفاءات الحقيقية الذين يمكن ان يقدموا انجازات علمية وفنية وثقافية حقيقية للبلد ، والنتيجة حملة شهادات عليا لا يملكون من قدرات الخلق والابداع شيئاً يذكر وهكذا تضيع فرص التقدم والتطور ، ويبقى المجتمع يدور في حلقة الجهل والتخلف.
7ـ الغش في الامتحانات : الغش في الامتحانات والتغاضي عنه اكبر خديعة ترتكب بحق المجتمع بل هي مؤمراة وخيانة كبيرة للمجتمع ، فالغشاش يمكن ان يتخرج من كلية الطب ليكون طبيباً لا يعرف معنى الامانة الطبية او من كلية القانون ليكون قاضيا مرتشياً غير عادل او محاميا متآمرا على العدالة او سفيرا او رجل دولة انتهازي او صيدلي يمارس بيع الادوية المغشوشة او استاذا يبيع الاسئلة، فلا يتوقع ممن كان وصوله عن طريق الغش ان يكون مستقيماً وفاضلاً، ذلك ان الفضيلة تعني استعداداً دائماً ومستمراً للنفس البشرية لفعل الخير ورد الشر ونبذ الغش والفساد ، فالفضيلة تحمل طابع الدوام والثبات والتعود ، اما اذا اتخذ السلوك الفاضل صفة التقطع فلا يعد فضيلة ، لان التقطع يرتبط بالانتهازية والتحيز والفساد ، وعلى هذا النحو فان الانسان اما ان يكون فاضلاً على طول الخط او لا يكون .
بقلم: عـزام راشـد العـزومى
باحث دكتوراة - علوم سياسية - جامعة القاهرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ctمقتل فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وسط رفح


.. المستشفى الميداني الإماراتي في رفح ينظم حملة جديدة للتبرع با




.. تصاعد وتيرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وسلسلة غارات على


.. أكسيوس: الرئيس الأميركي يحمل -يحيى السنوار- مسؤولية فشل المف




.. الجزيرة ترصد وصول أول قافلة شاحنات إلى الرصيف البحري بشمال ق