الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دية الملك البريء فيصل الثاني شهيد العسكرية الهوجاء

منير حداد

2012 / 11 / 4
الارهاب, الحرب والسلام




القاضي منير حداد
روي عن معارِضة سياسية، من احدى الدول العربية، لجأت الى العراق، خلال الثمانينيات، عادت الى بلدها؛ كي تلقى العقاب الذي فرت منه؛ فاستقبلها ذووها مستغربين، كيف تترك العراق عائدة الى سلطة حكومة تعارضها، ولسوف تعاقب فيها وتنصاع الى ما تعترض عليه، فاخبرتهم بان المثل العراقي يقول: من يرى الموت يرضى بالسخونة!
لا اظن الواقعة بحاجة لتعليق، فالعراق العسكري، بقعة ملعونة الفظاعة، منذ اطاح الخاكي بالوان السماء السبعة، وتفرد بضرب اطناب جبروته.. طغيانا كابوسيا على العراق.
العسكر الغوا الشرعية الدستورية التي تأسس الحكم الملكي بموجبها، واحلوا الشرعية الثورية بديلا عنها، في 14 تموز 1958، الامر الذي بلغ ذروة طيشه، خلال حكم البعث بفصليه الحرس القومي وديكتاتورية المقبور صدام حسين.
استقراء الواقع الاجتماعي خلال الحكم الملكي، لا يخلوا من هنات وثغرات، في بناء الدستور وتركيب نظام الحكم واجراء السياقات ادائيا، فهو نظام وضعي وليس منزلا.. الكمال لله وحده.
مع اتفاقنا على ان الحكم الالهي على الارض يشهد ازمات تذهب بالنص الدستوري المقدس الى نطاق الاحتراب؛ لان للبشر اهواءً، توجب الردع الذي يأخذ معه مجموعة من الابرياء، يتعذر فرز المجرم من بينهم لاختصاصه بالعقاب فردا.
ثمة افراد تحكموا بالملكية سحبوها الى مناطق جارت خلالها على فئات وشرائح وطبقات، من مكونات المجتمع العراقي، لا جرم، انما حكم العسكر، الذي بلغ ذروة الجور بطشا بالفقراء العزل الابرياء، خلال حكم الطاغية صدام، يشكل سلسلة اخطاء متلاحقة.. الاعدام والسجن والحروب والحصار الارهاب، متن سائد، بينما السلام والطمأنينة والمكتسبات الاقتصادية والعمرانية والاجتماعية، مجرد هامش.
من خلال مسلسل تلفزيوني بعنوان (آخر الملوك) عن سيرة حياة الملك فيصل الثاني، مدعوما بقراءات سابقة ولا حقة على مشاهدتي لاجزاء كبيرة من المسلسل، لمست حكمة ووعي ورفعة الملوك، وشخصياتهم السمحاء المتواضعة من دون ابتذال او سفح للذات عالية الجناب، انما تواضع لاشعار المواطن بقيمته وليس للحط من قوة الدولة.
في حين.. بالمقابل، عشنا ولمسنا مباشرة، ضعة وعقد شخصيات العسكر الذين يطويهم كرسي الحكم.. يتلفلف حول ادمغتهم الخالية الا من اصوات البنادق الجبانة، التي تطلق بقوة على الضعفاء، وتنخ متهافتة امام الاقوياء.
وهذا ما لمسته من قراءتي في وقائع صباح ثورة 14 تموز 1958 عندما خارت قوى الجنود المحاصرين لقصر الرحاب، فاعطاهم آمر المراسيم الملكية ماءً وافطارا، ثم ظهر الملك متنازلا عن العرش، طالما ثمة من لا يريده ملكا، لكن رصاصات غادرة من بندقية النقيب عبد الستار العبوسي، حطت من رجولته قبل ان تردي العائلة المالكة.. قتلى.. وهم عزل لا يقاومون، بل تركوا المغانم للعسكر اللاهثين وراءها، وتوجهوا لمغادرة قصر الرحاب بشجاعة وابتسامة واثقة ارتسمت على وجه الملك الشاب فيصل الثاني.
نظير اقتتال مهووس بالسلطة بين العسكر تلى نجاح الثورة، وهي ليست ثورة بالمعنى القاموسي للوقائع انما انقلاب عسكري للاستحواذ على السلطة بالقوة، تواصلت بعده سلسلة الوقائع الشنيعة تدمر العراق حتى هذه اللحظة، وكما تقول العجائز (حوبة شباب الملك البريء).
قَتَلَ العسكرُ براءةَ العراقِ يومَ اسقطوا الملكية وقتلوا العائلة المالكة.. عزلاء من دون مقاومة! وهو سلوك اهوج... ما زلنا ندفع دية الملك المغدور، وهو يرحل من دون ان تفارق الابتسامة وجهه الصبي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليس عادلا اختزال جدتي للتاريخ
البدراني الموصلي ( 2012 / 11 / 11 - 20:53 )
عجبا لك سيدى القاضي , لقد اختزلت في صفحة واحدة موسوعة مشرقة من نضال هذا الشعب الابي, نتيجة لقراءة عجائزنا الطيبات لما كتب عن صبيحة الرابع عشر من تموز فألهمنك ان ما حدث هو حوبة شباب الملك البرئ وكأن لم يكن للمئات والالاف الذين غيبتهم سجون الملكية وحزت اعناقهم حبال مشانقها حوبة ولم يكن لهم شباب برئ وكأن الوطن لم يكن عبدا لاسياد ملوكه ونوريه وعبد الهه وغيرهم من المتحكمين فيه وهم متحكم فيهم
اسفي على ما تقوله يا سيدي بأن ثورة تموز قتلت براءة العراق وان من فجروها كانوا لاهثين وراء السلطة التي غادروها وهم لا يملكون منها شروى نقير وحتى من كان سببا في خرابها واخرهم عبد الرحمن عارف مات دون مستوى اقرانه من الضباط والسياسيين . اسفي ياسيدي ان تشوب نصاعة فكرك المستنير لوثة مما لاث به البعث الاثيم تاريخ هذا الشعب الناصع .
انك يا سيدي من الجيل الذي كان يقرأ ويفهم مايقرأ بنفسه وان تجاذبته عواطف الانسان ليميل الى هذا وهذه من الاهل والاصدقاء فأنه يجب ان لايغيب عقله ووعيه ويمنعهما ان يكونا هما الفيصل في مثل هذه الحقول الاساسية لنمو الذاكرة الجمعية للشعوب نموا سليما وبعافية
تحياتي وتقديري

اخر الافلام

.. وصلت مروحيتان وتحطمت مروحية الرئيس الإيراني.. لماذا اتخذت مس


.. برقيات تعزية وحزن وحداد.. ردود الفعل الدولية على مصرع الرئيس




.. الرئيس الإيراني : نظام ينعيه كشهيد الخدمة الوطنية و معارضون


.. المدعي العام للمحكمة الجنائية: نعتقد أن محمد ضيف والسنوار وإ




.. إيران.. التعرف على هوية ضحايا المروحية الرئاسية المنكوبة