الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدبلوماسية المغربية

حميد المصباحي

2012 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


المعارك الدبلوماسية في المغرب,تبدو غريبة,فعندما نطرح السؤال المحرج,ما عدد المعارك التي ربحها المغرب,تصاب بالصدمة,والغرابة في الوقت نفسه,فالعدد مهول من حيث الخسارات,لكن الغريب,هو سعي دبلوماسينا الدائم لتحويل الإنكسارات إلى انتصارات مدوية,بحيث يتم اللجوء إلى عبارات اللاعبين الدوليين الغامضة وتفسيرها,بما يعلي من شأن المعارك حتى لو كانت عادية في سياق الصراعات التي تخوضها كل الدول دفاعا عن مصالحها واختياراتها,ثم سرعة الثقة في معسكر على حساب آخر,إذ سرعان ما نكتشف أننا قدمنا تنازلات للقوى الكبرى,الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا,,وتجاهلنا أخرى قادمة يحسب لها ألف حساب,مثل الصين روسيا والهند وغيرهم من الدول,التي صارت من اللاعبين في الساحة الدولية,وهذا طبيعي,فمن حق الدولة المغربية ودبلوماسيتها الإنحياز لهذا الطرف أو ذاك,بعد قراءة متأنية لمنطق الربح والخسارة في العلاقات الدولية,لكن المثير,هو تنكر القوى التي دعمناها سياسيا وانحزنا لها لما قدمه المغرب لصالحها,وكأنها معتادة على الموقف الدبلوماسي المغربي,الذي يقدم لها تضحيات بدون أن يطالب بأي مقابل؟
وهناك الكثير من مثل هذه المواقف,سوف نذكر بعضها,فقد اتخذ المغرب الدبلوماسي موقفا شجاعا من روس,وأعلن موقفه جهارا,وطمعا أو تقديرا لانتظاراته من اللاعبين الغربيين,انحاز لهم في الملف السوري,وكذلك الإيراني,وبشكل عام صارت مواقفه مناقضة للصين وروسيا,ومعرضة مستقبلا لاحتكاكات سياسية مع إيران وكل حلفائها البارزين والمحتملين,لكن المواقف الغربية أصرت كما هي عادتها على عدم القبول بما يقرر المغرب اتخاذه من مواقف في قضية حساسة للغاية,ولا يمكنه فيها تقديم أي تنازل,ويعود روس وكأن شيئا لم يحدث,وبذلك تراهن الدبلوماسية على لعبة النسيان,وتحويل الإنكسار إلى معركة مربوحة,وتصوير القوى الغربية كطرف داعم لقضيتنا,التي لا يمكن أن نربحها إلا بابتداع آليات جديدة للدفاع عنها,وعدم احتكارها من طرف دبلوماسيين قدامى,اعتادو على منطق قديم,بينما العالم عرف الكثير من التحولات في خطابات التفاوض,وكيفيات ربح حلفاء جدد في كل القارات,البعيدة والقريبة,وتشكيل قوى ضاغطة في الدول العظمى,التي لايمكن أن تقنعها جلسات الشاي في السفارات والقنصليات,ولا التعاطفات مع لوبيات قوية لها رهاناتها الخاصة,فالمغرب له القدرة على ممارسة ضغوطاتها بلوبياته,وقوى الضغط لديه ممكنة وواجبة,بعيدا عن تلك الإنتظارية,التي ترهن الفعل الدبلوماسي بالردود,أي ردات الفعل,التي تأتي إما متسرعة أو متأخرة,رغم أن الدستور الجديد فتح أمام الحكومة باب الإجتهادات الخلاقة,التي يمكنها إبداع آليات مبتكرة تدفع بالملف المغربي إلى الأمام,بعد قراءات للوضع الدولي,والتحالفات الجديدة,التي فرضت إعادة النظر في الكثير من آليات التحرك الدبلوماسي,من قبيل الدبلوماسية الموازية,أو ماعرف بالدبلوماسية الشعبية وحتى الثقافية والإقتصادية,فمعركة الوحدة,الترابية للمغرب في صيغة الحكم الذاتي لست معركة الدبلوماسية وحدها,وليس من حقها احتكارها,وعدم خضوعها للمحاسبة عندما تخطئ في التقدير والقراءة للوضع الدولي ومختلف المتغيرات التي يعرفها العالم,بل إن الحاجة تدعو لقراءة متغيرات حتى القوى العظمى,وكيفيات توظيف تدخلها وحتى اختلافها لصالح المقترح المغربي,لكن النكسات التي يتعرض لها ليست دليل ضعفه,بل هي مجرد هفوات في كيفيات الدفاع عنه,التي تحتاج لتجديد,والفعل لا يتغير بدون تغيير الفاعلين دبلوماسيا,أي المفاوضين وإلا فإن عناصر القوة مع المدة قد تضعف,ويتم استغلال ضعفها من طرف المنافسين والخصوم,الباحثين عن مثل هذه الهفوات.
لكن كيف تتجد هاته الآليات؟؟
من الملاحظ في الساحة المغربية السياسية,غياب المقترح المغربي حول الصحراء,توضيحا ومطارحة وتفسيرا,وكأنه ملف موجه فقط نحو العالم والدول الأخرى,فتبدو الدبلوماسية المغربية متعالية عن الإهتمامات اليومية,والحزبية,وهي بذلك مكتفية بذاتها,لا تقبل نقاشا ولا حوارا إلا مع المؤسسات الدولية وخصوم الوحدة الترابية,وهذا منطق غير مقبول في ظل الإصلاحات التي عرفها الدستور الجديد,فلم تعد هناك ملفات سرية,يتخيل الدبلوماسي المغربي نفسه وكأنه الوحيد الذي له حق التفكير في قضية تعني المغاربة جميعا,أحزابا سياسية ومجتمعا مدنيا وجمعيات ومواطنين ومثقفين وفاعلين اقتصاديين,فالوطن ملك للجميع,ومن حق الكل الخوض في قضاياه والتفكير فيها علنا,أي إعلاميا وجماهيريا بدون أية رغبة في احتكار هذه المعركة وتحويلها إلى معركة سرية,للدبلوماسية المغربية حق التخطيط لها وتدبير كيفيات إدارتها.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدبابات الإسرائيلية تتوغل في حي الشجاعية وسط معارك عنيفة مع


.. إسرائيل تطلق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة وعشرات السجناء الآ




.. الديمقراطيون يدعمون بايدن رغم أدائه السيئ في المناظرة أمام ت


.. الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده بمعارك جنوب قطاع غزة




.. مستشفى فريد من نوعه لكبار السن بمصر| #برنامج_التشخيص