الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بطاقة الى المرأة

أحمد الناصري

2005 / 3 / 8
ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي


المرأة هي الأصل ، وهي المعنى الكامل المقابل لمعنى الحياة العميق والجميل والغامض ، ومن رحم المرأة المقدس خرج الكائن الإنساني بشكله الراهن ، لم تخلق المرأة من ضلع أحد ، وعليها درات الأساطير الأولى وبداية تشكل الرغبة والحس الجمالي . وكان يجب أن يصاحب دورها الرئيسي المكون للحياة بيلوجياً دوراً آخر وهو تكوين العقل البشري الاجتماعي والفردي ، تكوين الوعي الإنساني باعتباره ضرورة حياتية تكمل الوجود وتأنسنه ، وتؤكد طبيعته الخاصة الجديدة التي بدأت مع تكون الإنسان الراهن . لذلك كان دور المرأة سباقاً في طرح الفكر البشري الابتدائي عبر إفهام وتطوير اللغة الأولية للطفل ، ولاحقاً عندما طورت المرأة الفكر البشري عبر طرح الفكر الديني البسيط والذي كان يعتمد بالدرجة الرئيسية على النساء الآلهات ، أو المرأة – الإلة ، بينما كان دور الإله الرجل ثانوي حيث يقبع في العالم السفلي حسب الأساطير الأولى ، ودوره لم يكن قد بدأ بعد ، لأن دور المرأة المنفرد في دق مداميك الحياة البشرية وركائزها لم ينته بعد !!

لكن بعد إن تطورت الكومونة الصغيرة وتوسعت مشاغلها وواجباتها تغير الوجه المجتمعي الداخلي وتقدم الرجل على المرأة ، هذا التقدم الذي تحول فيما بعد إلى تمييز وفوارق واضطهاد اجتماعي واسع دخل ميادين الفكر والقوانين والأديان ، ثم كرسته مراحل الاستغلال والحروب والغزوات الواسعة والدائمة في التاريخ البشري والتي مست المرأة والطفل بشكل خاص بسبب تكوينهما الجسدي وموقعهما الاجتماعي الجديد . وظهرت أشكال كثيرة للاضطهاد والتمييز ، وسقط العقل البشري في غيبوبة الانحطاط قرون طويلة . بعدها استطاع الفكر الإنساني أن يستعيد ويستولد قيم راقية ، خاصة بعد مرحلة النهضة والتنوير ، التي ترافقت مع الثورة الصناعية وهذبتها كثيراً وقللت من وحشيتها وصرامتها التي تسعى وراء الربح كقيمة عليا ورئيسية وهدف ينبغي تحقيقه بكافة الأساليب القسرية عموماً، وكان نصيب المرأة من الاستغلال الفاحش لا يوصف ، رغم ما عانته من جور وتخلف في الزمن الإقطاعي القاسي ، وهذا لا يعني عدم وجود أفكار اجتماعية هامة في كل المراحل والفترات الإنسانية ، لكنها لم تكن سائدة ، وهنا تكمن المشاكل التطبيقية !!

بالنسبة للمرأة في المجتمعات المتخلفة والمرأة العراقية خاصة القصة طويلة وحزينة جداً ، ومصدر الحزن اتجاه حالتنا ، هو كبر الأهوال التي تعرضت لها المرأة المعاصرة ، بعد إن كان شيء من الضوء الأمل قد بدء مع بداية القرن العشرين ، وقد ساهمت المرأة العراقية بنشاط ملفت ومتميز ، فكان لها دور في التعليم والثقافة والفنون والصحافة والعلوم الاجتماعية والطبيعية ، لكن نكسة ما قد حصلت ، وحصل الانقطاع ، وبدأت التراجعات السياسية والاجتماعية والحقوقية والقانونية تحركت وتراكمت مستندة إلى السلطة ، والى جانب قسم من المجتمع تمترس وراء التقاليد الاجتماعية والدينية وقاوم أية رغبة في التغير والتقدم في مجال حقوق المرأة والإنسان عموماً . وكان ذروة الخراب والدمار الاجتماعي هو صعود الفاشية المتخلفة التي فرضت ثقافة القرية الضيقة ، وشنت حروبها العبثية الطويلة ، وحولت المرأة إلى ولاُدة تقدم أجساد أبناءها إلى مطحنة الحرب الشرسة ، وخسر الوطن كل شيء ، لكن تبقى المرأة الخاسر الأكبر والأول .

ثم جاءت هذه التحولات والفوضى العارمة التي خلقها الاحتلال لتدفع بالمرأة إلى الخلف في ظل الإستقواء والخراب والإستزلام والتخلف والنهب والإرهاب الجماعي الغامض . فمن يسمع صوت المرأة الرقيق الخافت وسط الضجيج ، ومن يقدر صبرها العجيب !! بينما تهددها قوى الإسلام السياسي وهي تلوح بالقانون الرجعي رقم ( 137 ) والذي سوف تعيد طرحة وفرضه من جديد بعد إن فشلت في المرة الأولى ، وستفرض غيره من القرارات والتطبيقات التي ستقودها هيئات هائجة لفرض ( الأمر بالمعروف وغير المعروف ) ... أننا إزاء محنة وطنية شاملة تتحمل المرأة من جديد العبء الأكبر ، دون أن يلوح أفق قريب !!
يبدو إن العقل البشري لم يستطع حتى الآن من عبور الدورة الطويلة الخاطئة ، ويحتاج إلى جهد ووقت طويلين كي يتعرف على خصائص المرأة ويساعدها على مسح عار الاضطهاد من على وجه التاريخ ، ويبدو إننا سننتظر طويلاً !! لكن الأمر في الأخير يتوقف على عمل ونضال المرأة والرجل ، وفهم المرأة لمكانتها الإنسانية الخاصة ودورها الطبيعي .

من يعيد إلى تلك الوردة والريحانة والنبية سحرها وسعادتها ومكانتها الطبيعية الأولى !!

أحمد الناصري
8 .3 . 05








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الشرق الأوسط لدفع مساعي الهدنة وإسرائيل تواصل عملي


.. إيران تعلن القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية الم




.. واشنطن والرياض.. معاهدة أمنية والعين على التطبيع | #ملف_اليو


.. الحكومة الإسرائيلية تضطر لدفع فوائد أعلى على أدوات الديون بس




.. صور أقمار صناعية.. اتساع مساحة الدمار وتوغل آليات الاحتلال ف