الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ينبغى ان يختار الاولاد دينهم الخاص ؟

مجدى زكريا

2012 / 11 / 4
حقوق الاطفال والشبيبة


اليوم ترتفع دعاوى وتتعالى اصوات كثيرة بأن يترك الاولاد بلا ارشاد دينى حتى يكبروا, ثم يختاروا هم الدين الذى يفضلوه. ولكن هل هذا الكلام يعبر عن حكمة وتفكير صائب. تعالوا نعرف معا ماذا يجدر بنا فعله فى هذا الامر.
من اللحظة التى يولد فيها الولد حتى سن المراهقة. يأخذ والداه على عاتقهما اختيار الامور عوضا عنه. وفى الوقت نفسه. يعرف الوالد الحكيم متى يكون مرنا, اخذا بعين الاعتبار - كلما امكن - مايفضله الولد.
لكن الحد الذى اليه تترك للولد حرية الاختيارقد يشكل تحديا للوالدين. صحيح ان الاولاد يمكن ان يقوموا باختيارات صائبة ويستفيدوا من مقدار معين من الاستقلال. ولكن صحيح ايضا انهم قد يقومون باختيارات خاطئة تكون عاقبتها وخيمة.
مثلا, غالبا ما يفضل الاولاد الطعام الذى يفتقر الغذاء المفيد على الطعام المغذى. ولماذا ؟ لأنهم لا يستطيعون وهم صغار السن, ان يتخذوا قرارات صائبة وحدهم. فهل من الحكمة ان يرخى الوالدون العنان لأولادهم فى هذه المسألة املين ان يبختاروا فى النهاية الطعام المغذى ؟ كلا, بل يجب على الوالدين ان يقوموا بالاختيار عن اولادهم, وذلك بدافع الاهتمام الاصيل بخير ذريتهم على المدى البعيد.
لذلك من الصائب ان يختار الوالدون عن اولادهم الامور المتعلقة بالطعام, اللباس, الهندام, والاداب. ولكن ماذا عن الدين ؟ هل ينبغى ان يختاره الوالدون ايضا ؟
يقول البعض انه لا ينبغى الا يفرض الوالدون اقتناعاتهم الدينية على اولادهم. وفى الواقع, قبل اكثر من 160 سنة, عرض بعض مدعى اعتناق المعتقدات المسيحية الفكرة انه " لا يجب تعليم الاولاد الدين مخافة ان تنحاز افكارهم الى عقيدة معينة. بل يجب تركهم وشأنهم الى ان يصيروا قادرين على اختيار شئ, ثم يقرروا ماذا يختارون. "
لكن هذه الفكرة لا تنسجم مع وجهة نظر الكتاب المقدس. فالكتاب المقدس يشدد على اهمية غرس المعتقدات الدينية فى الاولاد من الولادة. تقول الامثال 22 عدد 6 : " رب الولد فى طريقه فمتى شاخ ايضا لا يحيد عنه ".
ان الكلمة العبرانية المنقولة الى " الولد " تشمل الفترة من سن الطفولية حتى المراهقة. وعن اهمية التعليم فى سن مبكرة, قال الدكتور جوزيف م. هانت, من جامعة ايلينوى فى الولايات المتحدة الاميركية : " خلال السنوات الاربع او الخمس الاولى من الحياة يكون نمو الطفل هو الاسرع والاكثر قابلية للتكيف . . . فربما 20 فى المئة من قدرات الطفل الاساسية تنمو قبل عيد ميلاده الاول. وربما النصف قبل بلوغه الرابعة من العمر. " وليس ذلك سوى تأكيد على مشورة الكتاب المقدس الملهمة التى تشدد على ضرورة قيام الوالدين بتزويد التوجيه الحكيم فى سن مبكرة من حياة الولد, مدربين اياه فى سبل الله.
من الملاحظ ان الاسفار المقدسة تأمر الوالدين الاتقياء بغرس محبة الله فى اولادهم. تقول التثنية 6 من 5 الى 7 : " تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل وقتك. ولتكن هذه الكلمات التى انا اوصيك بها اليوم على قلبك وقصها على اولادك وتكلم بها حين تجلس فى بيتك وحين تمشى فى الطريق وحين تنام وحين تقوم. " ان الكلمة العبرانية المنقولة الى " قص " تتضمن فكرة شحذ اداة, كما على مسن مثلا. ولا يمكن ان يتم ذلك بتمريرها بضع مرات عليه. بل يجب فعل ذلك بمثابرة, مرة بعد اخرى. لهذا تنقل الترجمة اليسوعية الفعل العبرانى الى " كرر " وهكذا فان الهدف من " القص " هو ترك انطباع دائم.
لذلك يجب على الوالدين الامناء ان يحملوا محمل الجد التزامهم ان يغرسوا فى اولادهم اقتناعاتهم الدينية. ولا يمكنهم التخلى بحق عن هذه المسؤولية بالسماح لاولادهم ان يختاروا لأنفسهم. ويشمل ذلك كل ماتتطلبه العبادة من الاستمرارية وبذل الجهد الدؤوب لتحقيق هذا الهدف الذى سندفع حسابا عنه ان اهملناه واستخففنا به.
ان مجرد القول للولد ان بأكل طعاما ما لأنه مغذ لا يعنى ان الولد سيستمتع به. وهكذا تعرف الام الحكيمة كيف تجعل هذه الاطعمة الاساسية شهية قدر الامكان ليستسيغها الولد. وهى طبعا تحضر الطعام بطريقة تمكن الولد من هضمه.
وبشكل مماثل, قد يمتعض الولد فى البداية من التعليم الدينى, وقد يجد الولد ان التحدث اليه لاقناعه لا ينجح, ومع ذلك فان وصية الكتاب المقدس واضحة - يجب ان يبذل الوالدون قصارى جهدهم ليدربوا اولادهم منذ الطفولية. لذلك يجعل الوالدون الحكماء التعليم الدينى مستساغا من خلال تقديمه بطريقة تروق الولد, اخذين بعين الاعتبار قدرته على استيعابه.
يغمر الوالدين المحبين شعور شديد بأنهم تحت التزام تزويد اولادهم ضروريات الحياة. وفى معظم الحالات لا احد يعرف حاجات الولد اكثر من والديه. وانسجاما مع ذلك, يلقى الكتاب المقدس التزام الاعالة ماديا وروحيا اولا على كاهل الوالدين - وخصوصا الاب. لذلك يجب الا يتهرب الوالدون من مسؤوليتهم بالسعى الى تحويل الالتزام الى شخص اخر. ومع انه يمكنهم ان يستفيدوا من المساعدة التى يقدمها الاخرون, يجب ان تكون هذه المساعدة مكملا للتعليم الدينى الذى يزوده الوالدون لابديلا له.
فى سن معينة يقرر كل فرد اية معتقدات دينية يعتنقها. هذا اذا اعتنق اى منها. فاذا تحمل الوالدون الذين يتقون الله شخصيا مسؤولية تزويد اولادهم التعليم الدينى فى سن مبكرة واذا استخدموا هذا الوقت ليعلموهم التفكير على اساس المبادئ الصائبة, فمن المحتمل كثيرا ان يكون خيار ذريتهم فى المستقبل هو الخيار الصائب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير المالية الإسرائيلي: إسرائيل لن تنتحر للإفراج عن الأسرى.


.. مراسل العربية: قصف إسرائيلي يستهدف النازحين في المواصي ونسف




.. السودان.. قوات الدعم السريع تطلق سراح مئات الأسرى بمبادرة أح


.. ماذا تعني الأمم المتحدة بالصدمة الزلزالية في حديثها عن الوضع




.. المتحدث باسم -الأونروا-: هناك مئات الآلاف من الإصابات بالكبد