الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تفشى التحرش الجنسى فى مصر؟

مجدى خليل

2012 / 11 / 5
العلاقات الجنسية والاسرية



لم اصدق أذنى وأنا استمع إلى احدى الناشطات وهى تقول أن عدد البلاغات للشرطة التى سجلت ضد التحرش فى أيام عيد الاضحى فى القاهرة فقط بلغت الفى بلاغ. هذا رقم مخيف أن تذهب 2000 ضحية للتحرش لقسم الشرطة للتبليغ فى القاهرة وحدها فى عدة أيام، فياترى كم عدد الذين تكاسلوا أو خافوا أو خجلوا من التبليغ على مستوى مصر كلها؟، بالتأكيد أضعاف أضعاف هذا العدد.ماذا جرى للمصريين؟ ولماذا تفشت هذه الظاهرة القبيحة بهذا الشكل المرعب؟، ولماذا أخذت شكل التحرش الجماعى الوحشى منذ عدة سنوات؟، ولماذا تبجحت الظاهرة حتى يمكن أن نسميها اغتصاب بالكلمات نظرا لشدة بذاءة الكلمات الخارجة من الافواه، وذلك بخلاف أنتهاك جسد المرأة ذاته؟.
فكرت كثيرا ما عسى أن يكون السبب وراء هذه الظاهرة الكريهة؟...بعد تفكير عميق وجد ضالتى فى كلمة واحدة هى (الانحطاط القيمى)، فهذه الكلمة الوحيدة التى وجدتها تفسر لى هذه الظاهرة، فهناك انحطاط فى رؤية المرأة لدرجة احتقارها، فالذى يفعل هذا يهبط بعقله إلى دون الحيونات فلا يرى من المرأة سوى جسدها فقط وينسى كل شئ آخر عنها: إنسانيتها –أمومتها-عقلها-تعليمها-عملها-نجاحاتها -شخصيتها-كرامتها-حقوقها فى جسدها-حساسيتها لجسدها-همومها-احزانها-افراحها-مشاعرها- الضغوط التى تعيشها-الحالة النفسية التى عليها... الخ. هو ينسى كل شئ ويحملق فى الجسد ويعزله عن العناصر الإنسانية الأخرى، وهو بهذا يهبط بنفسه من مستوى الإنسان إلى مستوى دون الحيوان ويريد جر الطرف الآخر إلى هذا المستوى.
هناك انحطاط آخر وهو لوم المرأة،فلو كان مظهر المرأة هو سبب التحرش لكانت نسبته هى الأعلى فى أوروبا وأمريكا، ولكن لحسن الحظ فان هذه الظاهرة عند حدها الأدنى فى هذه الدول،ويأتى من يلوم المرأة فى دولة مثل مصر نساءها مفرطين فى الحشمة إلى حد التطرف، فهل لوم المرأة الضحية فى مصر يمكن أن يصنف غير انحطاط قيمى؟. ولا يقل التبرير عن اللوم فى الانحطاط، فالبحث عن العذر للذكر هو أنحطاط قيمى آخر، فالتحرش هو مسئولية المتحرش وحده ولا يوجد أى مبرر لذلك على الاطلاق.هناك انحطاط قيمى آخر وراء هذه الظاهرة المشينة وهو رؤية الإنسان لذاته،ففى مصر تتسارع كراهية الذات وكراهية الآخر بمعدلات مذهلة، وقد استمعت إلى الطبيب النفسى الشهير د. احمد عكاشة وهو يقول أن كراهية المصريين لبعضهم البعض من أعلى المعدلات فى العالم كله، فالذى يكره ذاته ويكره الآخر هو مستعد لإيذاء هذا الآخر،فالعنف اللفظى والجسدى هو منتج من منتجات الكراهية، وكلما تعاظمت كراهية الإنسان لذاته كلما أسقط مشاكله وعقده وأمراضه النفسية على الآخرين، وهل هناك ضحية أنسب من المرأة فى المجتمعات الإسلامية لتنفيس هذه العقد وهذه الكراهية فيها؟.
هناك انحطاط قيمى آخر وهو تتفيه المشكلة، فبعض المسئولين يصرخون فى وجوهنا بأن مصر لديها مشاكل أهم وأخطر من كدها فهناك من لا يجد حتى رغيف الخبز أو سرير للعلاج أو مدرسة لتعليم ابنه على حد قولهم، الحقيقة من يجادل بهذا المنطق الأعوج الملتوى هو التافه وليست المشكلة، فالذى لا يكترث بصيانة جسد الإنسان وكرامته لا يستحق أن يكون مسئولا. وقد رأيت فى خضم اعصار ساندى رجال شرطة ينقذون كلابا وقططا فهل معنى هذا أنهم يأخذون فرصة إنقاذ الإنسان ويعطوها للقطط والكلاب؟ بالطبع لا ولكن الإنسانية لا تتجزأ والرحمة لديهم ليست مبنية على مقاييس مختلة ،والذى يهتم بالكلب سيهتم اضعافا بالإنسان وليس العكس.
هناك انحطاط قيمى آخر وهو الشيزوفيرنيا الاخلاقية، فالشخص يظهر بمظهرين ويتكلم لغتين مختلفتين وله صورة فى السر وصورة فى العلن، وصورة أمام أخته وأمه وزوجته وصورة أخرى أمام المرأة الغريبة، صورة أمام من يعرفهم وصورة مختلفة أمام من لا يعرفهم، صورة فى منطقته وصورة خارج منطقته، صورة عندما يكون بمفرده وصورة أخرى مع الحشد والجمهرة. هذا الشخص كل صورته المعلنة كاذبة ومزيفة أما الصورة المنحطة التى تظهر بعيدا عن الاعين فهى الصورة الحقيقية، هذا الشخص يخضع للقاعدة العربية القبيحة التى تقول يخشون الفضيحة ولا يخشون الرذيلة، هو شخص مزيف نتاج مجتمع مزيف، ومنافق نتاج مجتمع يحبذ ويكافئ المنافقين، وكذاب فى مجتمع هجر الصدق منذ زمن طويل، بأختصار هو صورة من مجتمعه. بالتأكيد مجتمع مثل هذا لديه قيمة منحطة أخرى وهى عدم احترام القانون بل والتباهى بكسره، فعندما تنحدر المجتمعات يكون كسر القانون وجاهة، وعندما تعم الفوضى يقاس نفوذ الفرد بمدى خروجه عن القانون.فالمجتمع المصرى يعانى من مرضين متلازمين وهما انحطاط القيم واختلال القيم،فهناك هبوط كمى مريع فى القيم وهناك انحراف نوعى كبير فى تعريف القيم، وتلازم الظاهرتين يؤدى فى النهاية إلى الانهيار الكامل والشامل لمنظومة القيم.فعندما يوزع الحزب الحاكم فى مصر حاليا منشورات لمحاربة التحرش بعبارة تقول " لا تكونى سبب التحرش" فمعنى هذا أن هناك خللا خطيرا فى القيم وانحطاطا أخطر أدى إلى التلذذ بلوم الضحية وتحميلها المسئولية مما يشجع على استفحال الظاهرة.
لكل هذا فأن ظاهرة التحرش هى مرايا تعكس أزمة القيم التى يعيشها المجتمع المصرى حاليا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليس مصر وحدها
بلبل عبد النهد ( 2012 / 11 / 5 - 08:53 )
ليست مصر وحدها التي تعاني من هذا الداء بل حتى في باقي الدول العربية ففي المغرب الامر يتعدى ما هو عليه في مصر فالمراة او الفتة بل الطفلة دات العشر سنوات من خروجها من بيتها الى ان تصل الى حيث تقصد تسمع كل انواع التحرش من عشرات الاشخاص من مختلف الاعمار في غدوها ورجوعها وكانها ما خلقت الا لذالك وهناك من يتخدون مجالس لهم في الطرقات لا لشئ سوى لمعاكسة المراة ااما في المؤسسات التعليمية وفي محيطها فحدث ولا حرج حتى الاساتذة يتحرشون بتلميذاتهم اما في الجامعات فالفتات التي لا تلبي رغبة الاستلذ خاصة في ما هو شفوي يكون مالها الرسوب


2 - تحليل رائع ولكن
مجدي سعد ( 2012 / 11 / 5 - 16:23 )
سيدي الكاتب تحية علي تحليل رائع ولكنه في رأيي غير مكتمل

لا ادري هل تجامل ام تخجل ام تخشي في الحق لومة لائم؟

دعنا نسأل انفسنا في أي البلاد يتفشي التحرش؟

الاجابة هي البلاد الاسلامية بامتياز

لو اغتصبت فتاة او تحرش احد بها في بلد متحضر يعاملها البوليس بكل احترام ويتم أخذ الاقوال والادلة في سرية كما تتم المحاكمة بدون افشاء هويتها

اما في البلاد الاسلامية فتجبر اما علي الزواج من مغتصبها او الفضيحة وفي بعضها تعاقب كما الزانية وربما بالرجم

يتم هذا بالاستناد الي نصوص من القران او الاحاديث

هل نتعجب من خوف النساء من الابلاغ عن جرائم التحرش والاغتصاب؟

عن معاوية بن قرة ابن إياس (أن دعاراً من دُعَّارِ أهل المدينة كانوا يخرجون بالليل، فينظرون النساء ويغمزونهن.. فانزلت هذه الآية {يا أيها النبي قل لأزواجك
آوبناتك ونساء المؤمنين) إلى آخره

فماذا فعل محمد الذي كان الامر والنهي بل الحياة والموت في يده؟

حجَب زوجاته وكما نري نساء المسلمين

أي عاقب الضحية ولم يفعل شيئا للمتحرش

السبب ياعزيزي والذي يبدو انك تتردد في ذكره هو بالفعل كلمة واحدة وددت لو انك اضفتها الي الانحطاط الخلقي

الاسلام


3 - السبب
اشور عمانوئيل ( 2012 / 11 / 5 - 19:41 )
الاخ مجدي سعد لخص السبب بكلمة واحدة السبب وهي الاسلالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالام وهذه هي الحقيقة المرة يعني لايمكن معالجة هذه القضية وثضايا اخرى الا اذا عولج سببها


4 - علم التحرش
مريم رمضان ( 2012 / 11 / 5 - 22:21 )
كما أُعقب على رد الأخ مجدي سعد ،أن محمد كان يتحرش بالنساء حتى أنه تحرش بزينب وطلقها من إبنه وأخذها لنفسه.
غزو القبائل وأخذ النساء ملكات اليمين وممارسة الجنس معهن أليس هذا تحرش ؟ وعندما كبر وتعب من ملاحقتهن أنزل آيه على أن تأتي المؤمنآت لعنده وتهب نفسها للرسول ويتحرشن به وهذا ما أنعم عليه إلله بنعمت التحرش. والتحرش الجنسي هو من عناصر الإسلام الرئيسيه لتكون مسلماّ حقيقياً يجب عليك أن تكون ملماً بعلم التحرش وعلم التبرير.
وأنا أتسائل لماذا أنت حيران يا أخ مجدى خليل فالإجابه في كُتُبهم.


5 - مصر فى ازمه
على سالم ( 2012 / 11 / 6 - 01:58 )
السيد الكاتب ذكر ان المصريين يكرهوا بعض جدا حسب تحليل الدكتور احمد عكاشه , الغريب ان يتميز المصريين بهذه العاده الكريهه ,وتتضح كراهيه المصريين لبعضهم بالذات فى الخارج , فى الدول الاوربيه واميركا وايضا فى الدول العربيه ,وتعرف الدول العربيه هذه المصائب عن المصريين وبالذات فى دول الخليج والسعوديه ,السعوديه للاسف تعلم هذا جيدا وتتفنن فى اذلال المصريين واستعبادهم بل وضربهم بل والسخره على يد الكفيل وحينما يتذمر المصرى يكون الرد جاهز وهو انت حقير فى بلدك وعديم الكرامه ومصر بلدك تهينك وتعذبك فى السجن والمعتقلات ,كيف تتحدث عن الحقوق وانت حقير مهان فى بلدك ,لقد تم جلد امراه مصريه فى السعوديه اربعمائه وخمسين جلده والسجن خمس سنوات ولم يكترث طويل العمر السعودى للمدعو مرسى العياط وطلبه بالعفو عن المراه ,معنى هذا ايضا ان مرسى العياط ليس له كرامه او اعتبار ,فى الكويت ايضا تم ضرب مصرى على يد رجل بوليس كويتى بل ووضع البوليس الجزمه فى فمه ,ولم يتحرك احد لا السفير ولا وزاره الخارجيه العره


6 - !!المقال رائع
عصام المالح ( 2012 / 11 / 6 - 13:38 )
للاسف يحصل هذا في مصر الحضارة ، الاسلام غزا هذه البلاد وحطم فيها
كل ما تملكه من حضارة عريقة وتاريخ لا يزال الاثاريون والمؤرخون ينهلون من علومه واسراره .الاسلام حطم كل شئ ليس فقط في مصر بل ايضا في كل بقعة جغرافية وصل اليها انظروا ماذا يحصل في العراق مهد اول الحضارات البشرية.
هذا الرابط لعالم يكشف سر لماذا يخاف الغرب من الاسلام.
مشاهدة ممتعة
http://www.youtube.com/watch?v=t_Qpy0mXg8Y

اخر الافلام

.. أغنية قالوا سعيدة في حياتها


.. نساء فلسطين عندما تصبح الأرض هي القضية




.. مشاهد تدمير منطقة الزيتون وحي الصبرة بعد انسحاب القوات الإسر


.. رائدة في علم المحيطات حققت نقلة نوعية في علوم الأرض




.. موريتانيا.. دعوة لإقرار قوانين تحمي المرأة من العنف