الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لكي لا يتلعثم اللسان عند ا لمسا ء لة !!! ( 1 )

عبد الزهرة العيفاري

2012 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


لكي لا يتلعثم اللسـان عند المساءلة! (1)
الدكـتور عـبد الـزهـرة الـعـيـفـا ري
هناك لحظات من العمر غير قابلة للنسيان ! . بل وهي تقوم مقام الدروس التاريخية لمن يتميز بالذاكرة الجيدة من جهة وبالقدرة على استيعاب التجارب ودروس الحياة من جهة اخرى . وما اكثر التجارب والدروس في الحياة العراقية !! . ولكن العبرة باستيعابها والاستفادة منها !! . ففي الامس القريب ازيلت شخوص من على خشبة المسرح السياسي عندنا وتركوا في مكانهم احاديث عن السياسات الدكتاتورية والاخفاقات في ادارة البلاد بل وتركوا لعنة التاريخ كعلامة فارقة عـالقة على اسمائهم التي ذهبت وهي تسحب وراءها اذيال تلك اللعنة واثارها !!. ونحن كـشعب قاسى مرارة تلك السياسيات من حقنا اذن تذكير السلطات التي جاءت بديلة لمن قبلها بالمرارات السابقة والتحذير من نسيان غضبة التاريخ التي جاءت ممزوجة بالدماء والدموع التي اعطاها العراق مرغماً على مدى سنين طوال . خاصة وان المساءلة قد تأتي احيانا
بسرعة خاطفة وبدون انذارات ومقدمات .
فـقـــد كثرت الشكاوى خلال السنوات الاخيرة لدى ابناء الشعب العراقي ، وذلك من الجفـاء المطبق الذي تمارسه الحكومة ازاء المواطنين صغيرهم وكبيرهم ، نسا ئهم ورجالهم . حتى بدأ هؤلاء المواطنون يتظاهرون ويهتفون باعلى اصواتهم ليعلنوا المظالم التي يتعرضون لها ، وينادون بالمطالب التي يدعون الدولة لتحقيقها . والواقع ، عند سماع المطاليب تلك ، تجد انها ـــ كالعادة ـــ نابعة من حياة الناس الفقراء والمعوزين بالدرجة الاولى ، فضلاً عــن الشكاوى التي اخذت تصدر ايضاً من جانب التجار والمزارعين وجمـاهير المثقفين المـيـسورين ومتوسطي الحال ايضاً ،هذا عدا اولئك الذين يمـثـلون فئات معذبة تماما كالعمال العاطلين وابناء الشهداء والارامل وسكنة الاطلال والخرائب التي اورثها لهم نظام القتل والدماء والمقابر الجماعية . وبكلمة ، ان الدولة ( كدولة ) تـبـدو فاشلة في ادائها فيما يتعلق بتلبية الحاجات الاساسية للجماهير الشعبية .
و من الغريب حقــا ، ان التجاهل المقيت الذي تبديه الحكومة ازاء حياة الشعب اصبح ظاهرة رافقـتنـا على مدى كل السنوات التسع التي اعقبت اسقاط الدكتاتورية البعثية في بلادنا . ولكن بالرغم من ان صدام قد ازيح وان نظامه قد ازيل واصبح العــراق ، من الناحية العملية ، جاهزاً لبناء اسس التنمية و الازدهار الاقتصادي والعدالة الاجتماعية اذا اريد له ذلك حقاً . وقـــد بقي الامر محصورا بالسؤال : هل ان الحكومة القا ئــمة مستعدة للبناء والاعمار ورفع الحيف عن الجماهير العراقية صدقاً ؟؟ اي هل انها مستعدة لحل الازمات في ميادين الاقتصاد والحياة الاجتماعية و توفير الخدمات للشعب ـــ الذي هو الصاحب الشرعي لكل ثروات البلاد النفطية وغيرها ؟؟ وهل هي قادرة على النهوض بهذا العمل الجبار ؟؟؟ . هـذه اسـئـلة ــ في الواقع ــ بقيت معـلقة وهي بالذات تشخص في مقدمة المشاكل التي عانـى ويعاني منها شعبـنـا .
و مما يؤسفنا ان هذه الامور بالذات في تفاقم وتعقيد غير مسبوق ! . والمصيبة ان الحكومة من جانب والكيانات السياسية من جانب آخر قد ساهموا في ادخال البلاد في الزقاق الضيق مع التعتيم الاعلامي الذي يستهدف اخفاء تـخــا ذ ل الكيانات السياسية ( ومعها مجلس الوزراء ) امام الهجمة الشرسة الموجهة ضد الامــن و النهج الديمقراطي من جانب الجهات الخارجية و العناصر الرجعية التي رفعت رأسها من جديد واخذت تعمل بمختلف الاساليب على حرماننا من مستقبلنا وافشال التنمية الاقتصادية في بلادنا واخيراً على سمعتنا ومكانـتـنا الدبلوماسية في العالم .
ويعلم العالم اجمع ايضا ان عندنا ضمن الاوساط الشعبية علماء مرموقين واختصاصيين لهم اسمهم الوطني وحتى انهم معروفون على النطاق العالمي ولكنهم مضايقون ومحرومون من تحقيق ما يريدون للبلاد بسبب سياسة الاقصاء والتهميش لصالح " مستشارين " غير اكفاء ( في معظمهم ) . يحتلون كراسي وثيرة وزوايا دافـئة في عروش السلطة . ومع اننا لا نسمح لانفسنا بمزاحـمـتهم على تلك الامكنة الوثيرة ندعو في الوقت نفسه قيادة السلطة التنفيذية الى الالتفات الى اصحاب الكفاءات ( وليس الى ذوي القربى وجماعة الحزب ) !!! اذ ان هؤلاء العلماء لابد ان يـمـدوا ايديـهـم الى الحكومة فـيـقدموا خبراتهم الملموسة التي تخدم اهدافــنا الوطنية المشتركة ثــم يساعدون في العمل الحازم من اجل توفير الامــان والظروف الضرورية للعمل المنتج المثمــر .
وبالرغم من اننا عندما نستعرض هذه المشكلة لا نستبعد التجاهل والجفاء كما كان الامر في كل مرة . وهنا نجد من الضروري ان نقول : يا قادة حكومتنا !! : انظروا الى ساحتنا السياسية ّ! . فـلقـد بلغ السيل الزبــى ! . وقد ضاق الشعب ذرعاً ً من الخراب الذي يعم اكثر مفاصل الدولة ونواحي الحياة العراقية . بينما خزائن العراق لا تشكو من الفقر بل هي مليـئة بالمليارات و لكنها بدون ايادي ادارية تعرف كيفية التصرف العقلاني بهــا .. ! وفي حين ان هذه المليارات ينبغي ان تستخدم لتنمية جمهورية العراق ولصالح الجماهـير العراقية عموما من الموصل حتى البصرة ومن الفلوجة الى السليمانية . اذ غالبا ما تسمى المنطقة الجنوبية بابارها النفطية وتذكر الى جانبها " الفيدرالية " ثم تسمى جماهير محافظات بعينها منعزلة عن باقي اجزاء البلاد مع ( الدولار النفطي من كل برميل ) .و ان الامر المحير هنا يكمن في ان الحكومة كانت ولم تزل تتجاهل ضرورة رسم برنامج اقتصادي يوازن تنمية المحافظات كلها باستخدام ليس فقط الدولار النفطي بل وخيرات العراق حسب التناسب الرياضي المعروف لتعم العدالة بين اقسام وجغرافية و تعداد سكان العراق اي المحافظات الجنوبية والغربية والشمالية بدون تفريق !! . فلا نخفي واقع كون التـهـمـيش والاقصاء دائما من حصة الانبار والموصل مثـــلا في حين تتمتع هاتان المحافظتان بميزات نادرة بالنسبة لاقتصاد العراق !!! لو احسن استعمالها !.
ان المباديء الاولية للتخطيط الاقتصادي توجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار الاستفادة القصوى من كل دولار يدخل خزينة الدولة بفضل موارد البترول ( او السياحة ـــ وهي نفط آخر ولكنها مهملة تماما) او غيرهـمـا . ولا يتم ذلك الا بواسطة الاسترشاد ببرنامج موحد للبلاد . عــلــمـا ان اتخاذ برنامج موحد انما يؤدي الى توحيد الكيانات السياسية ( او اكثرها ) على ضوء البرنامج المذكور . وبالتالي تخفيف حدة الخلافات في الشارع السياسي وتجميع الطاقات لـلـبـناء المشترك المنشود ! . بينما نجد اليوم ان الحكومة العراقية ذات الموارد ( الملياريـة ) تـفـتـقــر حتـى الى اي شـيء يشير الى وجود اي مـعـلـم مــن مـعـالـم المستقبل الاقتصادي المقبول ( مع انها تسمح باستيراد البلاط المقرنص لتبليط بعض الامكنة المخصصة للسير على الاقدام ).ان الحكومة ( ويا للاسف ) لم تشعر بوجود احتمالات متوقعة لكوارثتهدد الشعب والوطن . اذ قـــد تسببها الازمات الاقتصادية العالمية اوتقلبات السوق المحلية والعالمية اوالمشاكل الاقليمية التي ليس لها آخــر . كل هذا قد يحدث فجأة دون ريب . =========================================
الا ان الحكومة خلال سنوات وجودها لم تؤسس ما يحمي البلاد من الانهيار الاقتصادي االذي قـد يأتي بصورة مفاجئة . و لم تجهد نفسها في بناء اساس متين لحماية استقلال بــلادنا عسكرياً... ثم لم تستغـل الظروف لوحدة طوائف الشعب وحفظها من التشرذم ومن الكوارث اللاحقة. اننا نود ان يتم ذلك لكي لا يحدث لبعض الأ لسنة ان تتلعثم عند المساءلة التي لا بد ان تأتي يـوما مـــا .
=================================================
وضمن هذا السياق نريد التنبيه الى ضرورة اعادة النظر في السياسة الخارجية للعراق . وعن الخيوط التي لها صلة بــا يـــرا ن . ان هذه الدولة ( اللعوبة ) ، حسب الدلائل السياسية العالمية والتجربة العراقية بالذات تسعى دائــمــا الى توريط العراق بالاستفزازات الرعـناء في المجالات الدولية والاقليمية وحتى الداخلية ثــــم تحاول ان تستمر على العيش الطفيلي على اقتصاد العراق .
وبما ان الفكرة التي تراود رأس الحكومة وبعض الكيانات السياسية في الوقت الحاضر تتعلق بالنظام الرئاسي وقضايا الانتخابات الجديدة ومعالجات انتشار ظاهرة الفساد والاختلاسات وتهريب العملة الصعبة من العراق ... وما الى ذلك ، نجد من الضروري التذكير بان اية حلول ستكون مجرد سفسطة ولغو مكرور اذا لم تـقـتـرن باقامة اجهزة حكومية على شكل مؤسـسـات لها قيمة رسمية وقـانونية معتبرة عالميا ومحلياً . وبرأينا من الضروري ان تستحدث وظيفة / نائب رئيس الوزراء لشـئون المؤسـسـات : ليكون مسؤولا عن مؤسسة (( التخطيط والتنمية الاقتصادية )) مثلا وذلك لقيادة العملية التخطيطية ـــ التنموية باسم مجلس الوزراء ومسؤولا عن تنفيذ تلك الخطط امام المجلس المذكور وبذلك سيتم انقاذ عملية التخطيط التي هي الان تعاني من المرض العضال المتمثل بالادارة المتخلفة مـمـا يترك الاقتصاد الوطني سائـبـا . / امــا المؤسـسات التي نجد ضرورتها لعـــراق اليوم ، فهي على وجه التقريب : : 1) مـؤسـسة التخطيط الاقتصادي في العراق . 2) المجلس الاعلى للثروة النفطية . 3) هيئة تـنـمـيـة القطاع الصناعي 4) هيئة تنمية القطاع الزراعي 5) مجلس تنظيم التجارة .6)المجلس الاعلى للسـيـاحــة العراقية 7).مجلس نشر الثقافة الوطنية .( المـعني بتبني و تطوير نشاط وزارة الثقافة في العراق ) .. الخ .
واخيرا نود التذكير ان التاريخ لا ينسى ولا يهمل شيئـا .
ويا ليت اننا سنكون في تعاون مع حكومتنا في خدمة وطننا الغالي .

( سيأتي قريبا القسم الثاني من المقال )
الدكتور عبد الزهرة العيفاري موسـكو 5/11/2012










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو