الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زعماء المفاجآت

ساطع راجي

2012 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


لو بحثنا في الارشيف عن تصريحات زعماء القوى السياسية واعضاء مجلس النواب وبقية حواشي الكتل والاحزاب، لوجدنا اننا امام استنساخ رديء للافكار والاقوال والمناورات، إستنساخ يسجل الركود الفكري والعقم السياسي وغياب الابداع رغم هذا الحشد الهائل من الساسة والتنظيمات، وهذه التوصيفات هي التي ادخلت العراق في مآزق فمن لايبتكر ولايجيد صنعته يسارع دائما الى اصطناع مشاكل وأزمات تبعد الانظار عن فشله او يلقي بمسؤولية هذا الفشل على بقية شركائه الذين يصفهم اعلاميا بإنهم خصوم أو مناوئين وهي حالة تواطئ صارت مفضوحة بين الأطراف الممسكة بالسلطة.
بعض الزعماء السياسيين والنواب يستخدم كل فنون الاثارة ويطرح رصيده الكلامي الحاشد الممل لجذب انتباه وسائل الاعلام والمواطنين نحوه في حالة تنافس محموم على الظهور الاعلامي، ولايتردد هؤلاء في اعتماد الحيل القديمة لجذب الانتباه، فيقول أحدهم مثلا "ان العملية السياسية مقبلة على تحولات مهمة" أو "سنشهد مفاجآت كبيرة" ولايتردد الزعماء في اطلاق تهديدات خطيرة تتوعد بالويل والثبور ضد خصوم داخليين وخارجيين لايجرأون على تسميتهم، بعض الساسة يذكرك بالمنادين على الافلام السينمائية أيام زمان، وهناك بينهم من يشبه بائعي "الحاجة بربع" وهم يروجون لبضائع لاتباع معظمها بربع، والاكثر اضحاكا ذلك الزعيم أو السياسي الذي تشعر إن بضاعته "نامت عليه" وهو يريد الخلاص منها بأي شكل أما التهريج على أصوله فنجده عند بعض الساسة ممن لايقدرون على صياغة جملة واضحة ومع ذلك يعتبرون كل ما يقولونه من درر الحكمة ويحسبون اصغاء الناس لهم اهتماما بما يقولون وليس بحثا عن المهازل المضحكة التي يتفوهون بها.
المضحك الى حد البكاء هو حديث بعض المتمسكين بابقاء الامور على حالها عن حدوث مفاجآت رغم ان صمت هذا المتحدث او غيابه عن وسائل الاعلام هي المفاجأة الوحيدة التي ستكون مريحة، انهم زعماء لايستمعون الى ما يقوله الاخرون بل انهم لايحاولون الانصات الى ما يقولونه هم أنفسهم ولا يستذكرون ما قالوه، هم يعتمدون بشكل أساسي على مستمعين لا يمتلكون ذاكرة ولايردون عليهم كلامهم حتى اذا تذكروا سوابقه.
لقد أثبتت السنوات الماضية ان قوانا السياسية وزعماؤها لايمتلكون أي رؤية لادارة البلاد بل هم لايمتلكون اهداف واضحة لتنظيماتهم السياسية، هم يريدون الوصول الى السلطة فاذا وصلوا اليها ضاعوا فيها محاولين ملاحقة تفاصيلها بردود افعال متأخرة أحيانا وبتصريحات جوفاء غالبا، متوعدين ومهددين وواعدين، لكنهم في كل الاحوال لايبتكرون الا اضاعة الوقت، بالمثل يتيه اولئك الذين يفشلون في الوصول الى السلطة، كل ما يفعلونه هو المناداة على بضاعة تالفة رغم ان السوق مغلق.
يتصور الزعماء ان المواطنين في لهفة لسماع كل كلمة منهم وان ما يقولونه هم انما ابداع لا سابق له، تجدهم يتحدثون في كل شيء لكنهم لايفعلون شيئا، لكن هل هم مخطئون في ذلك؟، الاجابة الصادمة هي "لا" لأنهم يتعاملون مع جمهور يعتبر الكلام فعلا متعاليا لايجرؤ عليه الا من امتلك رجاحة العقل والتأييد الاخلاقي والروحي وان الاقوال مقياس للافعال وليس العكس وهو تصور خاطئ تورط فيه الجمهور والساسة، فالقائد المعاصر هو صانع قرارات وليس خطيبا، لكن القائد المتحدث جزء من ارث الثقافة السياسية الدكتاتورية الذي يزداد رسوخا بعد عشر سنوات من انطلاق الديمقراطية في العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موقف التنظيمات المسلحة الموالية لإيران من التصعيد في رفح| ال


.. إسرائيل - حماس: هل ما زالت الهدنة ممكنة في غزة؟




.. احتفال في قصر الإليزيه بمناسبة مرور 60 عاما على العلاقات الف


.. بانتظار الحلم الأوروبي.. المهاجرون يعيشون -الكوابيس- في تونس




.. حقنة تخلصكم من ألم الظهر نهائيا | #برنامج_التشخيص