الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطاع العدل والاضراب

امغار محمد
محام باحت في العلوم السياسية

(Amrhar Mohamed)

2012 / 11 / 6
الحركة العمالية والنقابية


إن الإضراب حق من حقوق التعبير عن الذات و شكل من أشكال ممارسة الاحتجاج للمطالبة بالحقوق ,والإضراب بهذا المعنى هو الامتناع عن القيام بعمل قانوني ,للمطالبة بتغيير الأوضاع المرتبطة بالشغل والحقوق الاجتماعية , أو إثارة الانتباه الى ظروف العمل وغيرها.
وتتفق كل القوانين والدساتير والاتفاقيات الدولية على ضمان هذا الحق او الشكل الاحتجاجي وتنظيمه بالقانون لكي لا يتحول الحق إلى التعسف في استعمال الحق، وهكذا فان الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية, تطرقت في المادة الثامنة منها للإضراب واعتبرته حقا اصيلا شريطة ممارسته ,وفقا لقوانين البلد المعنى واعتبرت الاتفاقية ان هده المادة لاتحول دون اخضاع افراد القوات المسلحة او رجال الشرطة او موظفي الادارات الحكومية الى قيود قانونية على ممارستهم لهدا الحق , ونفس النهج سارت عليه الدساتير المغربية المتعاقبة من دستور 1962 الى دستور 1996 مرورا بدستور 1970 ودستور 1972ودستور 1992 والتي نصت في مقتضيات المادة 15 منها على ان حق الإضراب مضمون وهو نفس المقتضى الذي نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 29 من الدستور الاخير لسنة 2011 والتي جاء فيها ان حق الإضراب مضمون , وسيحدد قانون تنظيمي شروط ممارسة هدا الحق ,والملاحظ ان الدساتير السابقة وعلى الرغم انها تطرقت للقانون التنظيمي فان هدا القانون لم يوضع ولم يدخل حيز التنفيذ على مدار 50 سنة من الحياة الدستورية المغربية.
وادا كان المبدأ القانوني والدستوري يذهب في اتجاه حماية حق الاضراب واعتباره من الحقوق المضمونة , فان المقتضيات الدستورية كذلك نصت على ضرورة ممارسة هذا الحق بحسن نية وتجنب التعسف في استعماله ذلك ان مقتضيات المادة37 من نفس الدستور المغربي لسنة 2011 ذهبت الى انه يجب على جميع المواطنات والمواطنين احترام الدستور والتقيد بالقانون ,ويتعين عليهم ممارسة الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور بروح المسؤولية ,والمواطنة الملتزمة، التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق بالنهوض بأداء الواجبات.
وإذا كان الإضراب بالنسبة الى الموظف حق دستوري فان هدا الحق يجب أن يمارس في تناغم مع الحفاظ على استمرارية المرفق العام المتمثل في مرفق العدالة , وفي هدا الاطار فان الحفاظ على استمرارية المرفق العام يعتبر بدوره مبدأ دستوريا لما له من حيوية في خدمة مصالح المواطنين, والأجانب المقيمين بالمغرب, على حد سواء, وبدون تمييز,
ان العامل بالمرفق العام وقبل ان يمارس حقوقه بحسن نية ينبغي أن يستحضر أن تنظيم المرافق العمومية يتم على أساس المساواة بين المواطنات و المواطنين في الولوج اليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني، والاستمرارية في أداء الخدمات، وان المرافق العمومية يجب ان تخضع لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي اقرها الدستور.
مناسبة هذا الكلام مرتبطة بمقاربة الإضرابات والوقفات الاحتجاجية التي يعرفها قطاع العدل في الآونة الأخيرة.
ان مقاربة هذا التحرك أو السلوك ومحاولة فهمه لن يتم بدون استحضار المبادئ ,والقيم الإنسانية , التي ينبغي ان تتحكم في سلوك جميع الفرقاء بالقطاع بدءا بنخبة الدولة , ومرورا بالمحاماة التي تعتبر الضامن والمدافع عن الحقوق, ونهاية بالموظف البسيط في مرفق العدالة،
ان المراحل التي مرت منها هذه الإضرابات, وطبيعة التركيبة النقابية للقطاع وعلاقتها بالفرقاء السياسيين, من جهة ونخبة الدولة من جهة أخرى, تطرح أكثر من علامة استفهام بخصوص مدى مشروعية وشرعية الفعل ورد الفعل المرتبط بالممارسة لهذا الحق.
ان ممارسة الإضراب وما يترتب عنه من تعطل الجلسات مثلا بالمحاكم العادية من اجتماعية ومدنية وجنائية من طرف مضربين ينتمون لنفس الإطار النقابي في نفس الوقت الذي تستأنف فيه الجلسات بالمحاكم التجارية، ابتدائية كانت واستئنافية، يدفع إلى القول بان مصالح النخبة وكبار رجال المال والإعمال في منأى من الآثار السلبية المرتبطة بممارسة هذا الحق, وهو سلوك عرفه اضراب القطاع في مراحله المختلفة ,سواء لما دعت إليه الان نقابة محسوبة على اليسار ,أو لما دعت إليه نقابة محسوبة على الحزب الموجود على رأس الحكومة في مغرب هنا والان.
فهل الأمر يتعلق بممارسة لحق الاضراب وفق ملف مطلبي معقول ,ام ممارسة للمزايدات السياسية على حساب المواطن البسيط ؟ وهل الأمر يتعلق من جهة اخرى بالخضوع لتوازنات الجهات المتحكمة في دواليب الدولة الاقتصادية والسياسية ؟
ان المزايدات المثمتلة في البلاغات والبلاغات المضادة على شاكلة الوقوف على التجلي الميداني للنقابة الاكثر تمثيلية بالقطاع ولمدى الايمان وتشبث موظفي هيئة كتابة الضبط بخطها الكفاحي كلام لايستقيم مع الايمان بمبادئ الديمقراطية وخدمة مصالح القطاع التي ينبغي ان تكون جزء من المصلحة العامة بشكلها المجرد ان العمل على تمكين المواطنين من حريتهم مبدأ انساني مرتبط بمفهوم استمرارية المرفق العام وليس فقط بمناسبة عيد الاضحى المبارك لان تعطل الجلسات جراء التعسف في استعمال الحق يؤدي بالضرورة الى ضرب مبدأ استمرارية المرفق العام.
ان هدا ينبغي ان يدفع المحاماة التي تعد في الوقت الراهن دعامة من دعائم العدالة ووسيلة من وسائل حماية حقوق الانسان الى ان تقوم بوظيفتها الحقيقية التي تستهدف الدفاع عن الحقوق الطبيعية والموضوعية للافراد والجماعات والوطن والأمة والإنسانية ,والمحامي الذي يتحمل هدا العبء ,عبئ الدفاع عن الحقوق والحريات يتعين عليه ان ينتصر للقانون وان يحمي القانون ليتأتى له القيام بالخدمة العامة المنوطة به على الوجه الأكمل لان المحامي لن يكون محاميا إلا ادا كرس نفسه للآخرين من خلال القيام بدوره المجتمعي المتمثل في الدفاع عن حقوق الانسان التي هي حقوق الاخر ولايمكن لأي ظروف ان تحول دون تمكين المحامي من الدفاع عن المحاكمة العادلة, التي ينبغي ان تتحقق في الوقت المعقول, والمقبول ولاينبغي للمحامي مسايرة العبث السائد الان الى مالا نهاية
ان الفاعل السياسي ملزم بتطبيق القانون في ظل المشروعية ,واحترام القوانين يقتضي من الجهة الأخرى حماية مصالح الفئات الشعبية ,وما تبقى من الطبقة الوسطى ,التي انتخبت الفرقاء السياسيين الموجودين على راس الحكومة الحالية لكي تمثلها في ممارسة السلطة ,او على الاقل في محاولة ممارسة السلطة . و ليس من المعقول ان يتم إعادة إنتاج, سلوكيات الفاعل السياسي, الذي ادعى البعض بأنه جاء لكي يقوم بتغييره، وهدا مايدفعنا في ظل الأوضاع الحالية الى التساؤل عن قدرة الفاعل الحكومي ان يجسد على ارض الواقع التطبيق السليم للمبادئ ,التي حملها كشعارات, أم ان القول بان الاكراهات أقوى من الإرادة الحسنة, يعفيه من الوفاء بالعهود .
الخوف كل الخوف ان يتم إعادة إنتاج الماضي ,وفق صيرورة قارة قائمة على إعادة إنتاج سلوكيات نخبة الدولة من خلال الحفاظ على مصالحها الضيقة ,عوض فتح الباب على مصراعيه للتدافع في إطار حراك اجتماعي حقيقي ,يدفع بالكفاءات إلى القيادة, وهو المدخل الحقيقي لتنزيل الدستور, ووضع الارضية الحقيقية لدولة الحق والقانون .
ان العاملين في قطاع العدل لا يمكن ان يخدموا انفسهم, ويخدموا المجتمع, ويدفعوا به إلى الأمام إذا لم يكن هدفهم الحقيقي قائم على إعادة الاعتبار لجسم العدالة كمدخل للمواطنة الحقة, لدلك فان الإصلاح الحقيقي, رهين بالقطع مع سياسة المزايدات العقيمة , لان العدالة الحقيقية هي النزاهة والنزاهة ثم النزاهة وجهاز العدالة بمعناه العام لن يكون نزيها إلا إذا انتصر بداخله المصلحين الذين يتبنون الإصلاح قولا وفعلا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 8 شهداء من العاملين ضمن فرق تأمين المساعدات إثر غارة إسرائيل


.. الطلاب المؤيدون للفلسطينيين يواصلون اعتصامهم في جامعة كولومب




.. عضو المجلس القومي للأجور: شكلنا لجنة لدراسة موقف القطاع الخا


.. كل يوم - رفع الحد الأدنى للأجور سيطبق إلزاميًا بدءًا من شهر




.. طلاب من جامعة هارفارد يواصلون اعتصامهم المفتوح احتجاجا على ا