الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة العربية

حميد المصباحي

2012 / 11 / 6
الادب والفن


صحيح جدا أن العالم العربي يعيش تخلفا مهولا,بعمقه وطوله,وحتى عوائقه,التي جعلت الكثير من المنتفعين منه يعملون على استمراره,كتجار الحروب,الذين لاتعنيهم خسارات البشر وموتهم ماداموا يستفيدون ويكدسون الثروات بالبنوك,كذلك بعض الساسة,في الحكومات الشكلية بالعالم العربي والمعارضة أيضا,الديمقراطية,تفرض المساواة وهم يقتاتون من التفاوت بين الناس,به يتطاولون بقاماتهم السامقة على الضعفاء من الناس والمواطنين,وكأنهم يعبرون عن أمراضهم الدفينة,تلك التي تفرض تماهي المقهور مع قاهريه,بحيث يمارس الظلم الذي مورس عليه أو على آبائه من قبل,وبذلك يصير للتخلف حراسه,من طرف الساسة وبعض المثقفين وحتى عامة الناس,أي المجتمعات العربية نفسها,فكثير من العادات يدافع عنها,لتترسخ وتتعمق في الوعي الشعبي,بمبررات حضارية ودينية ومذهبية,منها الأعياد والطقوس,التي هي نفسها تخلق تفاوتا بين البشر لتدافع عن ضرورة استمرار التعالي على العامة من طرف القادة والحكام,وهناك مؤسسات دينية وعسكرية تعمل على ترسيخ مثل هذه القيم والدفاع عنها حتى في المنتديات العالمية,حيث توجد دول غربية,لاتتردد في الدفاع عما عرف بالخصوصيات الثقافية والحضارية لبعض الدول وخصوصا منها العربيةوالمعتزة بقيم التخلف والتدهور الحضاري والثقافي العام,بل هناك مؤسسات دينية بأروبا تعمل على تنشيط مظاهر التخلف الديني والحضاري والحضاري,بدعم التجمعات الدينية في العالم العربي وتنشيط الصراعات المذهبية بين الطوائف,لتستمر المناوشات والإحترازات والحزازات التي عمرت قرونا من الزمن,ولازال العالم العربي يخوض فيها معتقدا أنه ينتصر للإسلام من منظوره العقدي والمذهبي
رغم كل ذلك فهناك ثقافة عربية,ومثقفين عرب,يساهمون في إنتاج المعرفة الإنسانية,ويبدعون فنا أدبيا وصورا وسينما,ولهم مساهماتهم في مختلف الأنشطة العالمية,مما يعني ما سبق أن نبه له ماركس,أي التفاوت الإستثنائي بين درجة تطور البنية التحتية والبنية الفوقية,التي تنتمي إليها الثقافة,ولا يشكل العالم العربي وحده ظاهرة غريبة,بل هناك الكثير من الحضارات التي عاشت هذه الحالة,أو نقيضها,بحيث عاشت خمولا ثقافيا,وفي المقابل كانت لها قوة اقتصادية أهلتها للسيطرة على جيرانها وفي حالات أخرى غزت العالم,وامتدت قوتها لحضارات أخرى أكثر عمقا في الفكر والفن,فالعالم العربي بتخلفه لا يمكن الجزم على الأقل,بأن هناك توازي بين الثقافي والإقتصادي فيه من حيث درجة التقدم والتطور,مقارنة مع الدول الصناعية والقوى الكبرى,أو التي تخلصت من تخلفها وتبعيتها للغرب الأروبي والأمريكي,لذلك فعلى المثقف في العالم العربي,الإنتباه إلى تلك الحركات,التي تنظر إلى الثقافة العربية وما راكمته,وما تنتجه وكأنه أقل عمقا مما تنتجه الثقافة الأروبية وغيرها من الحضارات,فهناك تفاعل بين الحضارات,والمعارف والفنون,ويحدث أن تتقدم بعض الحضارات على بعضها,في مجالات العلمية والتقنية وحتى الثقافية,لكن ذلك ليس مبررا,لأن يولد لنا ذلك إحساسا بدونية مقيتة,ومحبطة,خصواصا وأن المجتمعات العربية,لها ثقافات سابقة على الإسلام غنية,وعريقة وقابلة للتفاعل مع الثقافة الإسلامية,التي فيها الكثير من الإشراقات,وقدمت للعالم الغربي الكثير من الأفكار التي أغنى بها وجوده الثقافي والفني وخصوصا الفلسفي,والأمر لا يحتاج لأدلة,فالسهروردي حاضر في نظام القيم,والأخلاق,والفكر التنويري في صيغته الدينية,المميزة بين الحقيقة الدينية والحقيقة الفلسفية,استمد من فكر إبن رشد,بشهادة الفكر الغربي نفسه,فلكي نكبر ليس بالضرورة,علينا التحول إلى أقزام في متحف الحضارات القوية والمسيطرة,فلنا آدابنا المترجم,وقد اطلعت عليه الكثير من الحضارات الإنسانية,وثمنت محتوياته الفنية ورؤاه,وتصوراته لكيفيات الوجود,رغم وجود تفاوت زمني من حيث المنطلقات,فأمريكا اللاتينية,لا تقارن اقتصاديا بالكثير من الدول الأروبية,لكنها فرضت نفسها ثقافيا من خلال الآداب,رواية وقصة,لكن ذلك ليس مبررا,لأن نتخلص من الدونية تجاه أروبا ونذهب لدونية أخرى أمام أمريكا اللاتينية أو غيرها من الحضارات الأخرى,ونحن موقنون,بأن القدرات لا تورث,بل هي اجتهادات,مفتوحة أمام كل البشر,فقط يلزم التفاني في بذل العطاء,فأول ما يعترض تقدم وانتشار الثقافة العربية,ليس محتواها,بل طبيعة الدول والسلط القائمة في العالم العربي,التي أسست مشروع وجودها على الجهالة وليس العلم,على المادي وليس الرمزي,على الإقتصادي,الذي لم تفلح فيه وليس الثقافي,وبذلك هيجت المجتمعات التي تحكمها,فكرهت لديها الثقافة,وحرضتها على المثقفين,ودعمت الساسة المعادين للفن والثقافة,وسلحتهم ببرغماتية الحكم,فطردوا المثقف من توجيه السياسات العامة,وأقفلوا عليه أبواب الإنخراط في مؤسسات تمثيل الشعوب والتعبير عن حاجياتها ورغباتها.
حميد المصباحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غادة عبد الرازق: ليس لي منافس على الساحة الفنية ولا يوجد من


.. غادة عبد الرازق: الساحة الفنية المصرية لم تعد بنفس قوة الماض




.. الفنان درويش صيرفي.. ضيف صباح العربية


.. -بحب الاستعراض من صغري-.. غادة عبد الرازق تتحدث عن تجربتها ف




.. أمسيات شعرية - الشاعرة سنية مدوري- مع السيد التوي والشاذلي ف