الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرى بلفور مناسبة لاستخلاص الدروس وليس لممارسة طقوس كربلائية

عليان عليان

2012 / 11 / 6
القضية الفلسطينية


ذكرى بلفور مناسبة لاستخلاص الدروس وليس لممارسة طقوس كربلائية
بقلم : عليان عليان

أحيا العديد من المحاضرين والمنتدين والخطباء الذكرى الخامسة والتسعين لوعد بلفور المشؤوم ، بطريقة أقرب إلى الطقوس الكربلائية ، عبر البدء بقراءة تصريح وزير خارجية بريطانيا الموجه إلى اللورد روتشيلد ، ثم إجهاد أنفسهم بتفنيد الوعد وما ترتب عليه ، دون التعرض للوضع الراهن للقضية الفلسطينية وكأن الجمهور الذي يستمع إليهم ، من هنولولو ويسمع بقضية الوعد لأول مرة .
وفي ذلك تجاهل لحقيقة أن ما تحياه جماهير الشعب الفلسطيني من لجوء وتشرد ، هو نتائج حسية ومعاناة بالدم ، جراء وعد بلفور وتداعياته ، وأن هذه الجماهير ليست بحاجة لمن يقرأ عليهم الوعد فهي تحفظه عن ظهر قلب ، وتدفع ثمنه يوميا بالدم والدموع ، إنما هي بحاجة لاستخلاص الدروس ، وتثبيت البديهيات والحقائق ، والتفاعل معها وإشراكها في الإجابة على سؤال ما العمل ؟ بعد 95 عاماً على صدور ذلك الوعد ، وبعد 64 عاما على المخرجات الرئيسة لذلك الوعد ممثلة بالنكبة الفلسطينية عام 1948 ، التي كانت محصلةً لالتقاء المشروعين الصهيوني الكولونيالي والإمبريالي على أرض فلسطين .
في ذكرى وعد بلفور الذي تحييه جماهير الشعب الفلسطيني والأمة العربية ، لا بد من استخلاص الدروس والعبر التي يجب حفرها في الوجدان الفلسطيني والعربي ، لتكون هادياً للشعب الفلسطيني في مسيرته الكفاحية ، من أجل تحرير فلسطين من رجس الاحتلال الصهيوني وأبرز هذه الدروس:
أولاً: أن بريطانيا وأميركا كانتا ولا تزالا دولتان عدوتين لم تغادرا موقعهما الاستعماري ، وبالتالي فإن الرهان عليهما لإحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، هو عبث في التكتيك وتدمير لإستراتيجية الكفاح الوطني الفلسطيني، التي يجب أن تستند بديهياً إلى تحديد واضح للوحة معسكر الأصدقاء ولوحة معسكر الأعداء.
ثانيا: أن القوى المحلية المرتبطة والتابعة لقوى الاستعمار لعبت دوراً رئيسياً في خلق النكبة، وهذه القوى لا تزال تشكل الاحتياطي الرئيسي للاستعمار والصهيونية في تفعيل مفاعيل النكبة.
في ذكرى وعد بلفور لا بد من استخلاص الحقائق التالية:
أولاً: أن جميع المعاهدات والاتفاقات الموقعة مع الكيان الصهيوني ابتداءً من اتفاقات كامب ديفيد عام 1978 ، وما يسمى بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979 ، مرورا باتفاقات أوسلو 1993 والخطط والمؤتمرات المشتقة منه لاحقاً ، ومعاهدة وادي عربة 1994، كانت في مجملها أدوات لإنهاء الصراع مع العدو الصهيوني ، وإقراراً بحقه في اغتصاب فلسطين وبحقه في الوجود الكياني على أرضها ، ناهيك أنها تنكرت لدماء الشهداء ، دون الحصول على ثمن مقابل هو بالحد الأدنى كما كانوا يعلنون " دولة فلسطينية مستقلة في الضفة والقطاع وعاصمتها القدس ، وتطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين تنفيذا للقرار 194 .
ثانياً: لقد شكلت اتفاقات أوسلو – على وجه التحديد - خطراً على مجمل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وخاصةً ما يتصل منها بقضايا الصراع الراهنة ، وهي " القدس واللاجئين والمستوطنات " حين تم ترحيلها لمرحلة الحل النهائي دون إسنادها بأي قرار من قرارات الشرعية الدولية ، ولا بأي ورقة من أوراق القوة.
وشكلت خطرا كبيراً على قضية حق العودة – على وجه التحديد - من خلال ترحيل قضية اللاجئين ، إلى مفاوضات الحل النهائي دون إسنادها بالقرار 194.
وقد بات واضحاً ومعلناً أن المرجعية القانونية لاتفاق أوسلو الموقع بين الكيان الصهيوني وبين منظمة التحرير هو قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 وقرار رقم 338 ، وذلك انسجاماً مع إطار مؤتمر مدريد التفاوضي كما ورد صراحة في ديباجة" الاتفاقية الفلسطينية- الإسرائيلية المرحلية ، حول الضفة والقطاع ، الموقعة في واشنطن في 28- 9- 1995.
لقد انطوى القرار 242 على خطورة كبيرة فيما يتعلق بقضية فلسطين، حيث خلا من أي عنصر من عناصر ما يسمونه بالتسوية العادلة وتعامل مع نتائج حرب 1967، على حساب القضية الأساسية ووضع حداً لاستمرارية قرار التقسيم رقم 181، وهو القرار الذي يجري الاستناد إليه في مطالبة الكيان الصهيوني للعودة إلى الحدود التي أقرتها الأمم المتحدة، ولا يعترف قرار 242 إلا بخطوط الهدنة التي رسمت عام 1949، وهذا ما تصر عليه أميركا باعتباره أساساً وحيداً للتسوية.
ومن ثم فتحت اتفاقية أوسلو الباب أمام مشاريع تفريطية متعددة بحق العودة، وتطرح بدائل التوطين والتأهيل مثل: وثيقة جنيف، خطة خارطة الطريق، وسري نسيبة- أيلون، والفقرة المتعلقة باللاجئين في مبادرة السلام العربية التي تخضع حق العودة للمساومة..ألخ .
ثالثا: أن النظام العربي الرسمي، بما فيه م.ت.ف، ومنذ توقيع اتفاقات اوسلو، وصولاً الى تفاهمات أنابوليس، والمفاوضات العبثية التي تلتها، وحتى اللحظة، وفر الغطاء السياسي للعدو الصهيوني في مصادرته للأرض والاستيطان، من خلال إشاعة الوهم أمام المجتمع الدولي ، بوجود إمكانية عبر المفاوضات التي تمت وتتم لحل القضية الفلسطيينية بشكل عادل، وبما يضمن الانسحاب من الأراضي المحتلة، مما سهل مهمة العدو الصهيوني في فرض الوقائع الجديدة على الارض ، من استيطان وجدار وتهويد للقدس، وتحويل الضفة الغربية، الى مجرد كانتونات معزولة .
في ذكرى وعد بلفور لا بد من التأكيد على البديهيات والثوابت الوطنية الفلسطينية ، التي يجب وبالضرورة أن تشكل المرجعية في صياغة الإستراتيجية الفلسطينية والعربية ، حيال القضية الفلسطينية وأبرز هذه البديهيات والثوابت ما يلي :
أولاً: أن حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم حق مقدس فردي وجماعي ، غير قابل للتصرف ، ولا للإنابة ، ولا للتفاوض ، ولا يسقط بالتقادم ،ولا يحق لأي شخص مهما كانت صفته التمثيلية ، أن يفاوض أو يتنازل عن هذا الحق .
وبالتالي فإن ما صرح به رئيس السلطة الفلسطينية " أبو مازن " للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي بشأن صفد وبشأن اعتباره فلسطين هي فقط الضفة والقطاع والقدس الشرقية" الأراضي المحتلة عام 1967 " ، يتناقض حتى مع البرنامج الوطني الفلسطيني المعلن منذ منتصف سبعينات القرن الماضي ، الذي يحمل العناوين الثلاثة : العودة وتقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس" (لاحظ هنا أن بند " العودة " سبق بقية البنود ).
ثانياً: أن فلسطين التاريخية وحدة جغرافية لا تتجزأ منن البحر المتوسط وحتى نهر الأردن ، ومن رأس الناقورة شمالاً وحتى رفح المصرية جنوباً.
ثالثاً: أن الصراع مع العدو الصهيوني ليس صراعاً حدودياً أو اقتصادياً ، بل صراعاً وجودياً بامتياز ، وسمة هذا الصراع كانت وستظل - رغم ميزان القوى الراهن ، ورغم خصائص اللحظة الراهنة – سمة تناحرية .
رابعاً: أن المقاومة بكافة أشكالها الشعبية والانتفاضية و الكفاح المسلح هي الأسلوب الرئيسي والمجرب لتحرير الأرض ، وأن تفضيل شكل على آخر ، قد تقتضيه معطيات كل مرحلة يجب أن يتم بالتوافق الوطني ، وأن العمل السياسي والدبلوماسي مشروع فقط في إطار استثمار أوراق القوة وليس التفريط بها.
خامساً: أن قضية فلسطين قضية عربية ، تخص عموم الأمة ولا تخص الشعب الفلسطيني وحده ، وحقائق التاريخ كافة أكدت ولا تزال تؤكد ، أن قيام الكيان الصهيوني ، كان مصلحةً استعمارية تستهدف ضرب وحدة الأمة العربية ، قبل أن يكون مصلحة صهيونية كولونيالية .
ومن هنا لا بد من التأكيد وباستمرار على العمق العربي للقضية الفلسطينية ، وأن معركة تحرير فلسطين بالبعد الاستراتيجي الحاسم معركة عربية قومية ، خاصة وأن الأطماع الصهيونية تتجاوز فلسطين إلى عموم الوطن العربي.
elayyan_e@yahoo. com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران.. صلاحيات وسلطات المرشد والرئيس


.. أمم أوروبا.. إسبانيا تكرس عقدة ألمانيا على أرضها | #هجمة_مرت




.. إغلاق مراكز الاقتراع في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية الإ


.. توقيف مسؤولين سابقين بالكرة الجزائرية في قضايا فساد.. هل هو




.. مراسل الجزيرة يرصد سير المفاوضات بين حماس وإسرائيل في العاصم