الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سؤال الحريم الشعري.. أمام قرننا الواحد والعشرين

عدنان الصائغ

2005 / 3 / 8
ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي


وإني لأنوي القصد ثم يردني
عن القصد ميلان الهوئ فأميلُ.
ضاحية الهلالية "شاعرة جاهلية"



ماذا قالوا عن غادة السمان؟ لقد اتهموها حتى بمعاشرة الكلاب والقطط! ثم ماذا فعلوا بليلى بلعبكي؟ حاكموها أخلاقياً (على صورة نقد) لفقرات من رواية كتبتها وحاولوا تشويه صورتها بالخلط بينها وبين بطلاتها.. ثم ماذا فعل الواقع الثقافي بمي زيادة؟. أوصلها إلى الجنون ولا يهم في ذلك الإحتفاء الخارجي والإعلامي فيما بعد.. وفدوى طوقان وسحر خليفة التي مارست النميمة الثقافية عليها تشويهات مجانية وأخريات وأخريات.. إن لم يكن الجميع فأن أغلب المبدعات العربيات خضعن لمرارة التشويه والارهاب الأخلاقي ولو بمسميات مختلفة..

فوزية رشيد



أدب نسوي!.. أنه لأمر مضحك.. أنهن يكتبن خفية رسائل إلى أبنائهن أو أخواتهن أو عشاقهن ويدعون ذلك بأدب المرأة.

سيمون دي بوفوار



جلدي مشبع من تلك العطور الحية. يمكنك أن تقبّل ألف امرأة. ولكن لا توجد واحدة بينهن. يمكنها أن تعطيك مذاق الجداول والغابة الذي أحمله في داخلي.

خوانا دي ايباربورو "شاعرة من أورجواي"



أيمم كذبي نحو السماء السعيدة

فتكون القصيدة.

سعدية مفرح





هل الشعر ذكوري، بمعنى لو أننا قلّبنا كل كتب التراث العربي، فما نعثر عليه من شعر نسائي لا يكاد يشكل إلا موجة أو رافداً صغيراً في نهر الشعر الذكوري المتلاطم. وإذا كان البعض يلقي تبعة ذلك على الظروف الاجتماعية لحياة المرآة في العصور القديمة التي جعلتها في أحيان كثيرة تعيش على الهامش إلى حد أن يتجاهل مؤلف موسوعي مثل أبن عبد ربه الأندلسي وهو "حجة الأدب" كما يصفه الفتح بن خاقان، والجامع المانع أن يذكر أسماء الشاعرات اللواتي برزن في عصره مثل: (حسانة التيمية، والجارية العجفاء، وحفصه بنت حمدو الحجازية، وعائشة بنت أحمد القرطبية) ويأبى أن يستشهد بأي بيتٍ شعري من نظمهن، مكتفياً بذكر أسماء اثنتين وثلاثين شاعرة فقط من مئات ومئات الشعراء الذين احتواهم كتابه الضخم "العقد الفريد". ولا ينطبق هذا الأمر على أبن عبد ربه بل يتعداه إلى الكثيرين كما يورد الباحث إبراهيم ونوس في كتابه "شاعرات العرب"..

وفي مختارات أدونيس من ديوان الشعر العربي بمجلداته الثلاثة لا نعثر إلا على خمس شاعرات فقط من بين أربعمائة وسبعة وثلاثين شاعراً مختاراً..

ولا يقتصر الأمر على الشعر وحده بل يشمل كافة الفنون الإبداعية.

بل أن الأمر ينعدم تماماً في بعض المجالات فلا نجد في تآليف كتب التفسير وجمع الأحاديث والسنن أسم مؤلفة واحدة، وكأنَّ هذا العلم الخطير غير مسموح للنساء بالدخول فيه، وكذلك في تدوين التأريخ فنرى تأريخ الطبري واليعقوبي والمسعودي وأبن كثير وأبن الأثير والسيوطي والبغدادي والدمشقي، ولكننا لا نرى تأريخاً مدوناً من قبل امرأة. وفي تأليف كتب الأدب والجمهرات والأمالي والطبقات والمختارات والرسائل والشروح والرحلات والمعاجم اللغوية وجمع الأمثال وغيرها لا نعثر على مؤلفةٍ قامت في غفلة من عيون الرجال بجمع جمهرة واحدة..

وإذا كان بعض الدارسين والباحثين يذهب إلى إلقاء التبعية على العوامل التاريخية والظروف السياسية أو الدينية أو الاجتماعية في تهميش الشعر النسوي، فأي تبرير يمكنه أن يفسر هذا الإقصاء الواضح في العصر الحديث، ولا يقتصر الأمر على الإبداع العربي بل يتعداه إلى الإبداع الغربي وفنونه الأخرى والشعر بشكل أعم.

فعلى الرغم من كل ما تظهر لدينا من عناوين التحرر والمساواة إلا أننا لا نستطيع إلا أن نعدّ على رؤوس أصابعنا أسماء الأديبات والشاعرات العربيات أو الأجنبيات قياساً إلى مجلداتٍ من أسماء الأدباء والشعراء الرجال ونتاجاتهم..

هذا الاستنتاج الخطير يحتاج من المعنيين إلى دراسة شاملة واستقصاء، لكنني أسأل بالدرجة الأولى ما رأي النساء العربيات المبدعات بتلك الظاهرة، وهل يمكنهن مناقشتها معنا بهدوء وروية بعيداً عن تعليق المبررات الجاهزة في أعناق الرجال لوحدهم.. أو تعليق الأمر في أجياد النساء لوحدهن.

من هذا الإطار يمكننا أن ندخل في رؤية أي نتاج نسوي لأن هذا الإطار الخارجي – أي الاجتماعي والتاريخي – سرعان ما يفرش ظلاله على مساحة الصورة الداخلية – أي النص – وبالتالي يمكنه أن يفسر لنا ما يختفي داخل بنية النص النسوي وما يحدث من تفاعلات معلنة أو غير معلنة كالانكسار والقهر والفرح والحب والهروب نحو التصوف والاغتصاب الفكري والجسدي والتحدي وغير ذلك، عنواناً مغرياً يفتحُ لنا أكثر من مدخلٍ للرؤية والتأمل والاستقصاء. فالعنوان - كما يرى كونغور - يؤسس غواية النص، ومن خلاله يمكننا أن نرى المشهد على مستويين:

المستوى العام: أي بُنى الشعر النسوي داخل إطار الشعر الذكوري، ممتزجاً به. المستوى الخاص: أي رؤية واقع الشعر النسوي ومكنوناته وبواطنه بشكل منفصل. وهو يدعونا - وهذا هو المهم - إلى اكتشاف الميزات الأنوثية بلسان الأنثى نفسها داخل شمولية التجربة الإنسانية، وماهية التراكيب الإجتماعية المهشمة التي تركتها وراءها وهي تخرج من إطارها باتجاهنا.

هذا على صعيد التجربة.

أما على صعيد الفن فلا بد أن نرى مستويات الاستعارة الشعرية، والتي هي سبب كل الانزياحات – كما يسميها جان كوهن، التي يمارسها الشعر بواسطة التضاد أو المنافرة، ورؤية هذه النقطة تأخذنا إلى التساؤل ثانيةً عن هذه القلة النوعية والكمية في النتاج النسوي مفتاحاً لسؤال أكبر يبدأ من حرية المرأة إلى حرية الكتابة وانتهاءً إلى صورة المرأة/ المركز، داخل الرجل/ المدار.

أو بأعتبارها مداراً / لمركز الرجل.

ومنها محاولة تهشيم المركز (أياً كان) والانطلاق إلى هيولى الوجود (المدار الأرحب)..

ويمكن أن نرى ذلك بشكل واضح في أغلب الكتابات النسوية (القديمة خاصةً) التي تنزع إلى الخروج من ذاتها إلى المطلق من خلال الشعر الصوفي سعياً إلى كسر ثنائية الرجل والمرأة (جسدين أو روحين)، وذلك طريق أسلم للتغزل دون إثارة نقمة المجتمع الذكوري، حيث تحلق الشاعرات الصوفيات بقصائدهن الغزلية في فضاءات ذلك المدار المطلق دون قيد أو حاجز أو نقمة، فتتلمس في الحب معناه الشمولي الذي لا يتوقف عند معنىً واحد أو رجلٍ واحد أو مدار واحد، ربما هروباً من واقع التجربة كما لدى بعض الشاعرات أو سعياً إلى شمولية الحب بمعناه الإنساني/ الإلهي/ الوجودي/ الواسع، الذي ارتقى بالحلاج والنفرّي والبسطامي والشبلي وغيرهم مثلما ارتقى برابعة العدوية وغيرها إلى الدخول في بهاء الملكوت.

* * *








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة