الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضربة مفاجئة

ساطع راجي

2012 / 11 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


بينما المواطنون غارقون بالتصريحات اليومية عن الازمات التي تفتعلها الاطراف السياسية الحاكمة، سددت الحكومة للمواطنين ضربة مفاجئة في موضع لم ينتبهوا اليه، بل كان آخر ما يمكن ان يتوقعه الجميع، ولو فتشنا في كل وسائل الاعلام خلال الساعات الاربع والعشرين السابقة لاجتماع مجلس الوزراء يوم الثلاثاء (6/11/2012) لما وجدنا الى ما يشير لامكانية الغاء الحصة التموينية، بل على العكس لو سألت اي مواطن عن الحصة لطالب بتحسينها والالتزام بمواعيدها الثابتة، وكان الجميع منشغلا في وسائل الاعلام بانتظار مناقشة مجلس النواب لملف البنك المركزي الذي يهدد استقرار العملة وبالتالي يهدد استقرار الاقتصاد العراقي المتخم بدولارات النفط ولكنه العاجز ايضا عن توفير الحصة التموينية وفرص عمل لملايين الشبان والعاجز ايضا عن تأمين برامج رعاية اجتماعية وضمانات حقيقية للمرضى والعاجزين والمسنين والايتام والارامل فضلا عن توفير السكن، لكنه ايضا الاقتصاد المنشغل بتوفير المليارات من اجل شراء اسلحة شرقية ستستخدم في الاعراس والمآتم ومباريات كرة القدم وقد تتسرب الى المليشيات واللصوص كما حدث مع اسلحة النظام السابق.
الحكومة سددت ضربة مفاجئة للمواطنين جميعا دون ادنى اشارة مسبقة او توضيح، فمهما قلنا عن سيئات الحصة التموينية فهي تشكل جزءا مهما من فعاليات الاقتصاد العراقي ومن معيشة الاف العوائل العراقية وبدل الغائها ببدل مالي تافه لن يواجه حريق الاسعار الذي يتقنه تجار البلاد وخاصة المستجدون منهم سواء اصدقاء المسؤولين او ممن يديرون ثروات المسؤولين، كان الاجدر بالحكومة مواجهة الفساد الذي يضرب برنامج الحصة التموينية وخلق اليات مؤسسية لمراقبة الاسعار ومنع الاحتكار وضمان تدفق البضائع وبناء خزين ستراتيجي من الاغذية وبدل القفز في الفراغ بل كان من الممكن التدرج في الالغاء.
يعيش العراق خللا اداريا واقتصاديا واضحا للعيان منذ سنوات، فالحصة جاءت لمواجهة ظرف الحصار ولا نعرف لماذا استمرت حاجة المواطن لهذه الحصة بعد انتهاء الحصار ولماذا لم ترجع الدولة الى المنهج العادي القائم على تجهيز وكلاء الغذائية والاسواق بالسلع المدعومة، وهو في كل الاحوال خلل يزداد تأثيره السلبي مع هذه القفزة الحكومية المفاجئة التي كانت بعيدة كل البعد عن الشفافية التي يلغط بها المسؤولون ليل نهار، وجاء قرار الالغاء شبيها ببيانات رقم واحد، انه انقلاب حقيقي على المواطن لان وعود كل الكتل كانت تسير في اتجاه مضاد بينما تضامنت هذه الكتل جميعا في اتخاذ القرار داخل الحكومة ولم يخرج احد ليقول للمواطنين عامة ولانصاره خاصة انه كوزير او كتنظيم سياسي ضد هذا القرار ويعترض عليه وانه رفض تأييده داخل جلسة مجلس الوزراء، بل التزم الجميع بالصمت وهو من علامات الرضا اما الكلام فسيقوم به النواب لاغراض الاستهلاك الاعلامي لا أكثر، وحينها سيكون الجميع ضد القرار.
هناك من يقول إن الحكومة ستتراجع عن القرار قبيل انتخابات مجالس المحافظات ليكون الالغاء انجازا بعدما تحقق من فشل، وهذه طريقة عجيبة لاصطناع النجاح ان صدقت النبؤات، لكن الغاء الحصة التموينية وتقليص هامش الرفاهية والضغط على احتياجات المواطنين الاساسية امر متوقع من الشروع في سياسة التسلح المفتوح، ها نحن نقترب من دائرة الفشل التي نعرفها، خطابات وسلاح وجوع واللجوء الى تقنية الالغاء فما لانقدر عليه لا نسعى لتحقيقه بل نسارع الى الغائه وهكذا بدلا من مكافحة الفساد وتحسين اداء برنامج الحصة التموينية نذهب الى الغائها وقد يمتد الامر الى بقية التزامات الدولة التي قد تتحول الى دولة توزيع رواتب وطبع عملة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تبدع في تجهيز أكلة مقلقل اللحم السعودي


.. حفل زفاف لمؤثرة عراقية في القصر العباسي يثير الجدل بين العرا




.. نتنياهو و-الفخ الأميركي- في صفقة الهدنة..


.. نووي إيران إلى الواجهة.. فهل اقتربت من امتلاك القنبلة النووي




.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب نتنياهو أركان حكومته المتطرف