الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاصلاح في فنجان مكسور

جمعه عبدالله

2012 / 11 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


الاصلاح في فنجان مكسور
اعتمد العراقيون على البطاقة التموينية بعد الحصار الاقتصادي الدولي في عام ( 1991 ) . وصارت مصدر رزق ولقمة عيش تسهم في حلحة الاعباء الاقتصادية القاهرة , في بلد دمرته الحروب المتواصلة بنزعة مجنون ومعتوه بحب العظمة , وبعد سقوط النظام المقبور , توقع الكثير في زيادة كمياتها وتحسين نوعيتها , وتوصيلها بشكل منظم للمواطن دون تأخير , وتأمينها للعوائل الفقيرة وذوي الدخل المحدود دون تقصير او تلاعب . لكن الواقع المرير احبط هذه التمنيات وافشل الامال , بفعل الفساد الذي ظهر كالسرطان واحتل مفاصل ومرافق الدولة بشكل معيب ومخزي , فتقلصت كميات المفردات البطاقة التموينية وتفاقمت رداءة نوعياتها , وبدأ التلاعب المبرمج في عمليات النهب والسلب في المشتريات واختيار النوعيات الفاسدة والرديئة ومثال واحد يحدد فداحة وعمق عمليات الفساد في وزارة التجارة . اذ بلغت معدلات الفساد في البطاقة التموينية لهذا العام ( 2012 ) ما قيمته ( 12,3 ) مليار دينار عراقي . اقتطع دون وجع من الضمير الحي من مفردات هذه البطاقة , التي ابتلت بممارسة عمليات التلاعب والاحتيال , وهو يدل بشكل قاطع عن سوء الادارة وفشل واخفاق في وزارة التجارة من اعلى الهرم الى اسفله , الموبؤ برائحة الفساد , الذي صار ظاهرة يومية مقترن بنشاطات الوزارة , دون حسيب او رقيب وفي ظل الفوضى السياسية العارمة في الحياة العامة . ولهذا ياتي قرار مجلس الوزراء بالغاء نظام البطاقة التموينية وتعويض المواطنين بمبلغ زهيد ومعيب ومخجل ( 15 ) الف دينار , بحجة معاقبة المفسدين , لكنه يساوي بين الجلاد والضحية , وبين العوائل الفقيرة المحرومة من العدل والانصاف , وبين الفاسدين الذين يكتنزون الاموال الطائلة على حساب معاناة الشعب , ان هؤلاء اصحاب الجشع والابتزاز , الذين يستغلون ضعف الحكومة والبرلمان في محاربة الفساد . ان الرابح الاكبر من هذا القرار المجحف هو الفساد بكل صنوفه , والذين يتحكمون في مصير البطاقة التموينية من تلاعب في مفرداتها , ومن خلال قيمة المشتريات , والكم الهائل من البطاقات الوهمية والمزيفة , وكذلك من خلال اختيار النوعيات الرديئة والفاسدة , ومن خلال توزيعها الى المواطنين بشكل مريب بالاحتيال والابتزاز . اما الخاسر الاكبر فهم العوائل الفقيرة وذوي الدخل المحدود , ويمثل انهزام شنيع امام حيتان الفساد .. انه قرار غير صائب وغير مدروس ومتسرع , وكان بحق خيبة امل كبيرة وغيرة متوقعة . فقد ظن الكثير ان النخب السياسية المتنفذة , التي تشوهت مكانتها بصفات السيئة والمشينة واهتزت ثقة المواطن بها , بانها ستحاول تجميل صورتها بقرارات تراعي الطبقات المسحوقة والشعبية وخاصة وان انتخابات مجالس المحافظات على الابواب , لكن هذا القرار الجائر والمعيب قصم ظهر البعير , وهذا يؤكد بانها منفصلة تماما عن هموم ومعاناة غاليبية افراد الشعب , لان هذا القرارسيزيد معاناة العوائل الفقيرة ويضيف ازمة جديدة تضاف الى ازمات البلاد الخانقة . لذا فان معالجة البطاقة التموينية تتطلب تحقيق الاهداف التي تصب في دعم ورعاية الشرائح الفقيرة واصحاب الدخل المحدود في تخفيف حدة الضائقة الاقتصادية . وهذا يتطلب العمل على
1 - ضبط البطاقات الوهمية والمزيفة من خلال عمليات الاحصاء والجرد لمعرفة الرقم الحقيقي عن البطاقات المزيفة
2 - يجب ان تكون البطاقة التموينية مخصصة لدعم ورعاية العوائل الفقيرة والمحتاجة وهذا يتطلب مضاعفة كمياتها وتحسين نوعياتها وزيادة عدد مفرداتها , لانها العامل المهم لمقارعة الفقر والظلم والعوز المادي
3 - اصدار قوانين صارمة وقاسية بحق المخالفين الذين يتلاعبون ببطاقتها من خلال لجنة برلمانية تمتلك الشرعية الكاملة في مراقبة ومتابعة ومحاسبة ومعاقبة الفاسدين وارسالهم الى السلطة القضائية
4 - يجب وضع ضوابط ملزمة لتحديد اسعار المواد الغذائية في الاسواق , ومحاربة ومعاقبة التجار والسماسرة الذين يتلاعبون بقيمة الاسعار من اجل الربح الحرام
5 - يجب ان تكون البطاقة التموينية احدى القلاع المحصنة من الفساد والفاسدين , واعتبارها قلاع آمنة للعوائل الفقيرة وذوي الدخل المحدود , لان الغاء البطاقة التموينية سيزيد من النتائج السلبية لقطاعات واسعة من افراد الشعب
6 - يجب دمج البطاقة التموينية بقانون الرعاية الاجتماعية مثل ماهو معمول به في الدول المتقدمة
اذا اراد فعلآ رئيس مجلس الوزراء معاقبة المفسدين ومحاربة الفساد , ينبغي ان تكون قراراته عادلة ومنصفة بحق المتضررين , وان تؤدي الى قرارات ناجحة , يتطلب استمرار البطاقة التموينية بشكل عادل ونزيه وبعيدا عن حيتان الفساد الذي ابتلاء بهم الشعب العراقي , يجب تضيق الخناق عليهم بالوسائل الناجحة وصيانة حق المظلومين والمحرومين
جمعة عبدالله





29022012013 (95x100).jpg 29022012013 (95x100).jpg
41 K Προβολή Κοινή χρήση Λήψη αρχείου








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا