الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة العربية لن تتحرر ابدا

بكر أحمد

2005 / 3 / 8
ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي


وذلك حسب مفهوم الحرية الذي يعني ملكية التصرف التامة بالذات وتحمل نتيجة
ومسئولية أي عواقب تترتب على هذه الحرية ، والحرية الذاتية والشخصية تعني
بالضرورة أن تكون المرأة مستقلة أولا اقتصاديا وثانيا تملك عقلية تمكنها
من
التصدي لما هو سائد ونمطي وثالثا وهو الأهم أن تكون هناك آليات مدنية تعمل
ضمن
قانون واضح وصريح يعطيها كامل الحقوق والحماية والفضاء الاجتماعي وذلك
يعني
توفر البنية التحتية من مناهج تعليمية ووسائل ثقافية عبر طرق الإعلام
المختلفة




لذا أسمحوا لي بأن أفرط في التشاؤم حيال الاحتفال بعيد المرأة العالمي ،
لأن
هذا الاحتفال لا يذكرنا إلا بعمق ما عانيه من تخلف ليس على مستوى المرأة
وحسب
بل على مختلف الأصعدة التي وأن تخلصنا منها سيرتقي دور المرأة إلى الرؤية
العالمية المنشودة .

نقاء البيئة هو ما أتحدث عنه ، فالمستنقعات الآسنة لا تنبت سوى تلك
الطفيليات
والطحالب ، وأنا أو أي شخص كان في هذا الكون لا يستطيع أن يتعامل مع
الطفيل أو
الطحلب ويدعوه بأن يرتقى خلقيا ويتجاهل المستنقع المحيط به . فالمرأة في
الوطن
العربي هي مركز الأمية الذي تصل إلى ما فوق الستين بالمائة ، والمرأة
بجوار
الرجل تظل المتلقية للمعونة المادية تحيط بها قوانين قبلية عشائرية ونظرة
ذكورية ونظام سياسي يرفض التخلي عن الحلف مع رجل الدين الذي يحمل في طياته
مواقف ثابتة ضدها ... هذا هو المستنقع وتطهيره أولا وأخيرا ، لأن هذا
الأمر
يهم الإنسان بشقيه الذكر والأنثى ، ومن المعيب أو الترف القفز عليه حتى
نبدو
أكثر حضارة ، لأننا حينها سنبدو بمظهر سطحي وسمج جدا .

الإصلاح الشامل هو أمر أهم من أمر المرأة ، فما هي إلا حلقة ترتقي وتسقط
ضمن
حلقة متكاملة ، وإلا يا ترى لماذا فشلنا في عصر النهضة بينما نجح الآخرون
،
أليس الأمر متعلق بوهم ألأممية وعولمة القضايا واستيراد مشاكل وتعقيدات
الآخرين
وحلها في منطقتنا بينما تم تجاهل الإرث الذي نحمله وتم التعامل معه كطارئ
سيتم
تجاوزه متى ما قمنا بتطبيق تجربة الآخرين وإسقاطها علينا عمليا .



سياسة ودين وأعراف ورجل ، كلها عوامل مترابطة ومتشابكة لا يمكن حل أحدها
دون
الآخر ، لذا ليس من الغريب أن نجد الكثير من النساء العربيات يرفضن التحدث
عن
حقوقهن بحجة أن الدين قد كفلها كلهم ، فهي هنا لا تنطق عن الهوى ، بل عن
وحي
مكرر وثابت يؤمن به من يؤمن ويستغله كمصلحة من يستغله ، فهذه الأقاويل
يكررها
الجميع من أعلى هرم في السلطة حتى الصبي في سن الثالثة من عمره .

هنا إشكالية عميقة بعمق تاريخنا والمواجهة الجادة تبدأ من قيادة سياسية
منتخبة
تقرر خوض المعركة الثقافية الكبرى والشاملة وتتيح العمل للجبهات التوعوية
ألتي
تتغلغل إلى جوهر الإنسان العربي وتغير مكنونه لا أن تحاكي المظاهر
الخارجية
لأنها وأن فعلت فما أسهل حينها الردة ، وعلى المرأة أن تتولى فعليا دورها
المناط إليها نحو التحدث عن حقوق المرأة وممارستها فعليا ، فانا ما زلت
أذكر
ظهور امرأة يمنية مبرقعة على قناة الجزيرة وتتحدث عن المرأة وحقوقها
ومنتسبة
على كثير من الجمعيات الحقوقية والمدنية ، تحدثت تلك المرأة بمرارة شديدة
عن
رغبتها بإزالة البرقع عن وجهها إلا أنها تخشى " المستنقع " الذي حولها ،
فيا
ترى أن لم تقم المرأة بنفسها خطوة نحو الأمام ، فمن سيفعله عنها ، وفي
نفس
الوقت لا نستطيع أن نلومها دون أن نزيل هذه الكومة التي تثقل كاهلها ،
ففي
السبعينات في دولة اليمن الجنوبي أقيمت مظاهرة نسوية تم بها إحراق
العباءات
السوداء التي تلتف بها المرأة ، وقيل حينها بأن المرأة تحررت ، والآن وبعد
مرور
أكثر من عشرون عام عادت المرأة في عدن التي كانت تملك أقوى القوانين
المدنية
حفظا لحقوقها على مستوى الوطن العربي إلى عباءتها السوداء مخفية وجهها خلف
ساتر
وعادت هيمنة التيار الأصولي . وذلك لسبب بسيط هو أن الإكراه يترك في
النفس
شيء من اللوعة وشعور بالغبن والخطيئة ويكون مهيأ وبقوة إلى العودة إلى ما
أجبر
على تركه ، وهذا ما نراه ليس في اليمن وحسب ، بل على لمستوى القومي ، فلا
احد
يستطيع أن ينكر بأن المرأة في الستينات أو السبعينات كان حالها أفضل مما
هي
عليه الآن ، فالصراع باقي بين القوى الرجعية التي تستغل الهفوات وتعيد
تشكيل
نفسها وبين الأقلية الفكرية التنويرية .



هنا خسارة لمعركة المرأة ، لأننا بشكل أو بآخر داهنا الطغاة والأنظمة
الفاسدة
التي حملت زورا شعلة التقدمية وأغلق المثقف على نفسه برجه العاجي وغدا
منظرا
لمجتمع لا يسكنه ولا يعرفه في وقت الأنظمة بعقد تحالفات إستراتيجية لمن
يمنحهم
الشرعية المفقودة باسم الدين والقريبة في نفس الوقت من نبض الشارع الفقير
والمتخلف الذي يعاني من بطالة وفقدان أمل واضطهاد وقسوة بالغة في الإفراط
...
أليس مجتمع مثل هذا من السهل تحريك به الأمل عبر الحلول السريعة الوهمية
والتي
يتقنها رجال الأساطير والماورائيات ؟!



لا أكره المرأة .. ولكني أحب حين أنها تنال حقوقها نقيم لها عيدا عربيا
على
مدار السنة , لا يوم خرافي يشبه العنقاء ، وأيضا لا أكره المرأة ، ولكني
أحب
النهوض الشامل الذي يمنحني أنا وهي حقوقا متساوية يسمى اليوم العالمي
لحقوق
الإنسان العربي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد