الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يتكالب على الأردن القريب قبل الغريب

منعم زيدان صويص

2012 / 11 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


مرّ الأردن بفترات عصيبة في تاريخه وخرج منها سالما، ولكنه الآن يمر بأزمة غير مسبوقه فرضها عليه القريب قبل الغريب. كانت الأزمات ضد الأردن تطل براسها ثم تختفي، ولو إلى حين، ولكن القريبين والغريبين لم يكونوا كاشحين عن أنيابهم كما يفعلون الآن، ويظهر أن أهدافهم التقت وأن الفرصة غدت سانحة لزعزعة وتفتيت هذا البلد.

فى عام 1950، انضمت الضفة الغربية لشرق الأردن بعد تحريرها وتخليصها من اليهود، والعجب العجاب أن هذا الإنضمام لم يُرض أيأ من الدول العربية، فلم يعترف أي منها بوحدة الضفتين، وكأن الأخوة الفلسطينيين قبلوا بذلك رغما عنهم وكأن هذه الوحدة كانت ستمنع تحرير فلسطين، وقد نفذت لهم إسرائيل ما أرادوه عندما أجبر الأردن على الدخول في حرب 1967، متحالفا مع دول عربية غير مستعدة للحرب. في ذلك الحين كانت الضفتان الغربية والشرقية موحدتين تماما، ومقاعد البرلمان مناصفة بين الضفة الشرقية والضفة الغربية، ولم نكن نعرف الفرق بين الأردني والفلسطيني ولم نكن ندري في الحقيقة، كشباب وطلاب، من هو الفلسطيني ومن هو الأردني.

وكانت فترة الخمسينات من أخطر السنين الني مرت على الأردن، والسبب أن ألأردنيين وقادتهم كانوا طلاب وحدة ومخلصين لأمتهم العربية. في آذار 1956 أقال الملك حسين، قائد الجيش العربي الأردني جون غلوب وبقية الضباط الإنجليز وأصبحت قيادة الجيش أردنية صرفة، وبعد أشهر، في حزيران 1956، أجريت أنتخابات في البلاد، حسب دستور 1952 اشتركت فيها جميع الأحزاب السياسية: الجبهة الوطنية الشيوعية، والبعث العربي الاشتراكي، وحزب التحرير الإسلامي، وحركة القوميين العرب وحزب الاتحاد الدستوري، والحزب الوطني الاشتراكي، وجماعة الإخوان المسلمين، وقد أحرز الحزب الوطني الاشتراكي تسعة مقاعد والإخوان المسلمون اربعة مقاعد، والبعث مقعدين، والتحرير الإسلامي مقعد واحد، والاتحاد العربي الدستوري مقعد واحد. وأحرز المستقلون 20 مقعدا. وبناء على هذه النتيجة كلف الملك الأمين العام للحزب الوطني الاشتراكي سليمان النابلسي بتأليف الحكومة فألفها في 29 أكتوبر1956 وضمت سبعة وزراء من الحزب الوطني الاشتراكي ووزير واحد من الجبهة الوطنية الشيوعية ووزير واحد من حزب البعث. ألم تكن هذه ما يسمونها "الملكية الدستورية؟" أليس هذا ما يطالب به المحتجون في الأردن الآن؟ ولكن ماذا حصل لهذه الديمقراطية التي لم يكن في العالمين العربي والإسلامي مثيل لها في ذلك الوقت؟

كان الملك حسين متحمسا لجعل الأردن حرا ومستقلا تماما تحت قيادته وكان يسعى إلى إلغاء المعاهدة مع بريطانيا، والتي كانت ستنتهي عام 1968-- وشجعه على ذلك الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس السوري شكري القوتلي والملك سعود بن عبد العزيز -- وغني عن القول أن هؤلاء الزعماء لم يكونوا قادة دول ديمقراطية على الإطلاق -- واجتمع الزعماء الأربعة في كانون ثاني 1957 ووقعوا ما سمى في ذلك الحين "إتفاقية التضامن العربي." ووعد الزعماء الثلاثة الملك الوطني المخلص المتحمس أن يعوضوا الإردن مبلغ 12 مليون جنيها استرلينيا سنويا كانت تدفعها بريطانيا كموازنة للأردن بموجب المعاهده. وكان الإتفاق أن تدفع مصرخمسة ملايين والسعودية خمسة ملايين وسوربا مليونين. ووافق الملك وألغى المعاهده. ودفعت السعودية حصتها، غير أن مصر وسوريا لم تدفعا قرشا واحدا. وعندها شعرالملك بالخطر. وبدأت المؤامرات لقلب نظام الحكم بمساعدة بعض الحكومات العربيه، مما جعل الدولة تتخلي عن بعض التقاليد الديمقراطية وتسن قوانين مؤقتة لتأمين الاستقرار والأمن في البلاد ومواجهة التحريض وإثارة الناس والتدخلات والتهديدات المستمرة من جيرانها العرب، ومن أسرائيل أيضا لأن الأردن أصبح مهددا بعد إلغاء المعاهدة. .واستمرت المؤامرات على الحكم في الاردن حتى عام "النكسة" 1967 حيث إضطر الإردن لدخول الحرب برغبة شعبية محلية وعربية عارمة، وكانت نتيجتها أن إنسلخت الضفة الغربية والقدس عن الأردن.

وفي مؤتمر الخرطوم سنة 1967 طلب جمال عبد الناصر من الملك حسين أمام كل القادة العرب أن يحاول إسترجاع الضفة والقدس بأية وسيله لان الأردن قانونيا كان مسؤولا عنهما، وعبثا حاول الملك حسين إقناع العرب والفلسطينيين بالسماح له بالتصرف ومحاولة استرجاع الضفة الغربيه وتسليمها للفلسطينيين إذا أرادوا ذلك. ولم يكن في الأراضي المحتلة آنذاك مستعمرة يهودية واحدة. ولكن السياسات الهوجاء والدون كيشوتية استمرت إلى عام 1974 حينما أجبر العرب في مؤتمر الرباط الأردن على التخلي عن القضية الفلسطينية لمصلحة منظمة التحرير.

واليوم تتعرض الأردن لهجمه عربية وأجنبية هدفها واحد وهو زعزعة الأمن والإستقرار تمهيدا لموجة من الفوضي التي يمكن أن تستمر سنوات يتم بعدها تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن. مامعنى أن توقف مصر ضخ الغاز للأردن وتبقيه مفتوحا لإسرائيل؟ ما معنى موقف بعض دول الخليج المعادي والمبتز للأردن ومنع المساعدات عنه وفرض شروط عليه ومحاولة استخدامه أداة لتنفيذ مآربهم وحثه على دعم المتمردين في سوريا وتعريض البلاد للخطر؟ ما معنى أن يضغط البنك الدولي على الحكومة الأردنية لرفع الدعم عن الفقراء؟ ما معنى أن ينبري الإعلام، وكذلك المسؤولون، في بريطانيا وأمريكا وإسرائيل لتقويض الأمن في البلاد، والإدعاء بأن الفلسطينيين مجردون من حقوقهم السياسية، وإرهاب الشعب الأردني بالقول أن الأردن سيواجه أخطارا داهمة أسواء مما تواجهه سوريا الآن؟ ما معنى عودة الضرب على وتر الفدرالية أو الكونفدرالية والضجه الهائلة التي أحدثتها تصريحات محمود عباس وفاروق قدومي الأخيرة؟

بقي أن نقول إن السبيل الوحيد لمجابهة هذه المخاطر والتهديدات هو الوحدة الوطنية بين كل من يعيش على الأراضي الأردنية، فهذه الوحدة هي الضمان لإستقرار البلاد ومنع الإنزلاق في هذه الفوضى العارمة من حولنا، وعلينا الدفاع عن سيادة واستقلال البلاد ومحاربة أي محاولة لتقويض الأمن وإشعال حرب داخلية لا تبقي ولا تذر، وعلينا التضامن والتآزر لمحاربة الفساد ومعالجة المشاكل الإقتصادية والأمراض الأخرى. أما قضية فلسطين فكانت وستبقى قضيتنا، ويجب أن يحصل الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات على حقوقه قبل أي تفكير في أي نوع من الإتحاد بين شرق النهر وغربه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وعندما يتكالب عللى العراق القريب قبل الغريب !
هوما ( 2012 / 11 / 8 - 22:25 )
بدءا من ايران الى سوريا ثم بلدكم الاردن والسعودية راْس الافعى !!

اخر الافلام

.. قتلة مخدّرون أم حراس للعدالة؟.. الحشاشين وأسرار أول تنظيم لل


.. وكالة رويترز: قطر تدرس مستقبل المكتب السياسي لحركة حماس في أ




.. أوكرانيا تستهدف القرم.. كيف غيّرت الصواريخ معادلة الحرب؟| #ا


.. وصول وفدين من حماس وقطر إلى القاهرة سعيا لاستكمال المفاوضات




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - وفد من حماس يصل إلى القاهرة لاستكم