الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوء فهم تاريخي للمرأة , أم سوء نيّة ؟! --- مئة فكرة و فكرة عن المرأة -2

فراس سعد

2005 / 3 / 8
ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي


الجنس , ضبط أم أطلاق ؟ :
أستغرب لكثرة المتحدثين عن المرأة دفاعاً أو هجوماً بما يثيره موضوع مثل تحررها أو ضبطها أو موضوع الجنس إباحة أم عقلنة و لاسيما عند الحديث عن موضوع العلاقة الجنسية بين الرجل و المرأة , من الغريب أن كل الذين تحدثوا عن هذا الموضوع قدماء و معاصرين تقليديين و محدّثين لم يخرجوا عن نطاق الحديث الأنفعالي و التحزبي العاطفي إما مع و إما ضد , لكأن الجنس أو القدرة الجنسية للمرأة و الرجل و تنظيمها مسألة سياسية أو عاطفية أو مسألة رأي يصيب أو رأي يخطئ .
لا بد من فهم القوة الجنسية للمرأة و للرجل من منطلق الواقع الفيزيولوجي لكل منهما , ببساطة تتمتع المرأة بقوة أو قدرة جنسية تفوق قدرة الرجل بمرات , يختلف الأمر من امرأة إلى أخرى وفق المنبت الأجتماعي الأقتصادي المعرفي , فالمرأة في البيئات المحافظة – تمثلها أغلب الأرياف العربية التي لم تصل إليها النزعة الستلايتية ولا النزعة الوهابية - تميل إلى عقلنة قواها الجنسية بمعنى أنها لا تطلق لها العنان لأسباب اجتماعية تقتنع بها أو تؤمن بها من باب التسليم , هنا في مثل هكذا مجتمع محافظ يتوسط المستويين الآخرين أي مستوى أو مجتمع الكبت و مستوى أو مجتمع الأنفلات تحافظ المرأة كما الرجل على توازن نفسي و جسدي معقول كذلك على قناعة جنسية متوازنة لا تدفع المرأة و لا الرجل إلى تصعيد قواهما الجنسية بسبب غياب حالتي الأستيهام و الشرود في البيئة القمعية التي تبالغ في قمع مشاعر الرجل و المرأة الجنسية وفي نفس الوقت تبالغ في تأليه قيمة الذكورة بالنسبة للمرأة المقموعة و تبالغ بتأليه قيمة الأنوثة بالنسبة للرجل , فيتحول فيها الرجل و المرأة إلى حيوانات جنسية أو كائنات جنسية , الجنس هو مبرر وجودها الوحيد على عكس ما يبدو من مظاهر الحشمة القسرية شكلية أو كلامية – القسرية هنا بمعنييها الموجهة من الخارج نحو الذات و الداخلية الموجهة من الذات نحو الذات -
و انفلات القوى الجنسية للمرأة و الرجل يحصل بوجود محرضات صناعية – اعلامية مرئية سمعية مكتوبة -
- إن المسألة الجوهرية في عملية ضبط السلوك النسائي و الرجالي هو مسألة تدبير التوازن النفسي للمرأة و التوازن النفسي الجسدي للرجل , لكن لماذا النفسي فقط للمرأة و ليس الجسدي أيضاً ؟! سؤال وجيه
- لمّا كانت المرأة تتمتع بطاقة جنسية هائلة عموما قياسا بالرجل حتى أن بعض القدماء كانوا يعتقدوا أن المرأة تستطيع القيام بالتزاوج في أي وقت و في كل وفت دون أن يؤثر ذلك كثيرا على قواها نسبيا, على خلاف الرجل الذي قدرته محدودة دائما على ممارسة التزاوج , ليس في كل وقت و ليس دائما كان أن وجدت المرأة أولا و قبل الرجل قوانين ضبط السلوك الجنسي بما يؤمن استمرار التوازن الأجتماعي و النفسي و الجسدي للرجل أولا ثم للمجتمع و اخيرا للمرأة – باعتبارها الأقوى جنسيا و بدنيا – يؤكد العلماء أن المرأة أكثر قدرة على التحمل من الرجل و أكثر دقة و أقول أنا أكثر قوة بدليل نساء الريف اللواتي يعملن من الفجر و حتى ساعات متأخرة من الليل في أعمال زراعية عضلية و طبخية وتربوية .... فالمسألة ليست ببروز العضلات بل بماذا تفعله العضلات - بالتالي و سياسيا و اقتصاديا و كل شيء في ذلك الوقت المبكر من الحضارة البشرية أو الحضارة الأنثوية إذا كان ذلك يسعد عزيزاتنا النساء -, كان ذلك في عهد السيطرة المطلقة للمرأة , في العهد الأنثوي , فلنتأمل و الحال كذلك أن يكون للمرأة الحرية المطلقة في المبادرة الجنسية و العمل الجنسي ماذا سيحصل للرجال في العالم ؟ خلال ساعتين لن يكون هناك رجل واحد يستطيع الوقوف على قدميه و لن تنفعنا نحن الرجال كل فياغرات العالم للصمود أكثر من عدة ساعات إضافية في أحسن الأحوال .
- من أجل ذلك وجدت بالتدريج قوانين ضبط السلوك الجنسي و ضبط التحرر الجنسي بالتدريج و كان ذلك مترافقا مع انتقال الزعامة من المرأة إلى الرجل لأسباب اقتصادية اجتماعية لا مجال لذكرها الآن
- المبدأ الأساسي المحرك لقوانين الضبط الأجتماعي الديني للجنس هو مبدأ حفظ الطاقة . فلأن الطاقة الذكورية الجنسية محدودة وجدت القوانين لتضبط المرأة أولا لأنها تملك طاقة جنسية متدفقة بحيث وضعت لها قوانين و ضوابط تمنعها مثلا من ممارسة أغواء الرجل إلا في أوقات مناسبة من العام حيث يكون الرجل في قمة قوته الجنسية و البدنية و تحرقه الجنسي – لاسيما في الربيع و اوائل الصيف – و هذا ما يفسر كون كل أعياد الخصب القديمة تركزت في هذه الفترة حيث كان يسود حفلات الجنس الجماعي التي منحت تفسيرا و معنى دينيا و كونيا راقيا لتخلص الممارسة الجنسية للأنسان من أنانية و دونية ربما كان الأنسان القديم يشعر بها فتم ربط هذه الممارسة الجنسية الجماعية المفتوحة التي تفسح للرجل أطلاق قواه الجنسية دون ضابط - بعد ضبط و قمع استمر عاما كاملا - تم ربطها بتجديد قوة الخصب في الطبيعة بل تم تطوير الفكرة إلى فكرة أكثر ذكاء و جمالا هي تحريض الأنسان للطبيعة على التكاثر و التخصيب بممارسته هو ذاته لهذا الفعل , توصل الأنسان لهذه الفكرة بفعل خبث الرغبة الجنسية الملحّة أو بارتقاء فكري صادق لا علاقة للرغبة الجنسية به , المهم ارتبط الفعل الجنسي الجماعي بطقس بفكرة عليا كونية , تم ربط الجنس المقدس هنا بفكرة الوجود ليس الوجود عن طريق التوالد فحسب الذي هو ربما الغاية الأساسية للأنسان الأول , بل بفكرة تحريض الطبيعة على ضمان وجود الأنسان بوجود محصول زراعي و حيواني وفير يكفي ويزيد حاجات الأنسان , لقد تم شحن العمل الجنسي بحالة نفسية عليا بحيث تصبح المرأة و يصبح الرجل حال قيامهما بهذا الجنس الجماعي مسؤولان عن استمرار الوجود باستمرار خصب الطبيعة هنا تجرد الجنس من الدعارة و القذارات المعاصرة المصطنعة التي تلفقها وسائل الأعلام الإباحية كل يوم – بسبب تحولها إلى صناعة أي مال و بضاعة – و تحول إلى طقس كوني عقائدي أو ديني فيما بعد بحيث أصبحت هذه الطاقة الجنسية للمرأة و الرجل محركة لطاقة الكون الأخصابية مثلما أن الطاقة الكونية تحرك الطاقة الجنسية عند الأنسان .
- هكذا استطاع الأنسان القديم لاسيما في( بلاد الشام- الرافدين ) أن يضبط الطاقة الجنسية غير المحدودة عند المرأة خصوصا و غير المضبوطة عن الرجل و المرأة معا إلى وسيلة و أداة راقية لخدمة الوجود كله , أصبح الجنس عملا ساميا لأول مرة في التاريخ إضافة لكونه حالة وظيفية تحرر الأنسان من طاقته الداخلية و تشعر المرأة بالفرح و الراحة و تخلص الرجل من ضغط يمكن أن يحوله إلى قاتل أو هائج غير متوازن , و باجتماع الهياج مع الفرح التوتر مع الأسترخاء يبني الأنسان وجوده و يكون للجنس دور و معنى أنساني و غاية وجودية كونية على خلاف ما هو عليه اليوم في مجتمع ضحية التصنيع و التصنع و صناعة الجنس و العهر المقزّز .

- مع المسيح الإله الأقرب إلى عالم الأنوثة و التسامح إله المحبة صعد الأنسان إلى أعلى قمم الأنسانية , فلم يستطع رجلا واحد أن يرمي المجدلية بحجر لأن الجميع اعترفوا بأنهم خطاة على خلاف اليوم فالجميع يمارس الخطيئة لاكن أحدا لا يعترف , يمارس الزنا مع القاصرات و الغلمان و ربما البهائم و يظهر نفسه أمام الملأ كشريف مكة أو ولي من الأولياء – ( قولوا معي : إلهي نحن خطاة فلا تجعلنا أكثر خطية بادّعائنا الطهارة )- في عهد الذكورة صارت المرأة جارية سلعة تباع و تشرى , هذا ما وجدناه قبل الأسلام المحمدي و بعد غياب الأشعاع الأسلامي في العهد العباسي بغياب الأيمان و حلول الشريعة التي كان يتلاعب بها الفقهاء بحسب نزوات الملك و السلطان و الأمير , حيث أصبحت الجواري تملأ قصور أمير المسلمين المسمى زورا أمير المؤمنين و ما هو سوى رجل يحلل لنفسه ما يحرمه على الشعب و يحرم على الناس ما يحللّه لنفسه بفضل طابور من الفقهاء المستعدين لاستخراج كل الفتاوى مهما كانت متناقضة و غير معقولة من الكتاب و الحديث لتلبية أوامر و نوازع الخليفة " أمير المؤمنين " , هكذا لم تكن المرأة ضحية سوء فهم تاريخي من الرجل بل كانت أيضاً ضحية سوء نية من جحافل السلاطين و طوابير الفقهاء والواعظين و كل من كان على شاكلتهم من أتباع السلطة و القوة العمياء التي لا تعرف إلا العنف و المصلحة الشخصية .

فراس سعد
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلسل إيريك : كيف تصبح حياتك لو تبخر طفلك فجأة؟ • فرانس 24 /


.. ثاني أكبر جامعة بلجيكية تخضع لقرار طلابها بقطع جميع علاقاتها




.. انتشار الأوبئة والأمراض في خان يونس نتيجة تدمير الاحتلال الب


.. ناشطون للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية: كم طفلا قتلت اليوم؟




.. مدير مكتب الجزيرة يرصد تطورات الموقف الإسرائيلي من مقترح باي