الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اتجاهات العلوم الاجتماعية في السياق الفلسطيني

فيروز شحرور
(Fairouz Shahrour)

2012 / 11 / 9
القضية الفلسطينية


إن أول من نبه لعلم العلوم الاجتماعية هو ابن خلدون بقوله "العمران البشري"، لكنه نشأ كعلم مستقل وتطور في بيئة أوروبية على يد كونت، وارتبطت هذه النشأة بالتحول الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والفكري في تلك البيئة. وقد قدم التاريخ وفلسفته للعلوم الاجتماعية، أفكار النمو والتطور والمراحل والأنماط التاريخية والاجتماعية، وبالتالي فإن العلوم الاجتماعية: " دراسة وصفية تفسيرية مقارنة للمجتمعات الإنسانية، كما تبدو في الزمان والمكان، للتوصل إلى قوانين التطور، التي تخضع لها هذه المجتمعات الإنسانية في تقدمها وتغيرها" (1)، ويحدد الدارسون لهذه العلوم موضوعهم من خلال التفاعل البشري وما ينتج عن ذلك التفاعل من أنشطة وأفكار وثقافات، ومن أكثر الطرق المنهجية شيوعا، المنهج التاريخي المقارن والمنهج التجريبي والوصفي.
فعلى المستوى السياسي الفلسطيني، شهدت فلسطين حركات استعمارية، فقد كان لموقعها الاستراتيجي دور في جلب المطامع العثمانية والبريطانية والصهيونية- المستمرة-..الخ! وجميع تلك الحركات الاستعمارية كانت تحمل التفاصيل التي من شأنها أن تغير على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والفكري من خلال الثورات الكفاحية، فأنشأت الأحزاب والنقابات ونودي بأفكار عدّة، ففي عام 1948 على سبيل المثال تشكلت عصبة التحرر الوطني كطليعة للمثقفين والكادحين العرب في فلسطين، وذلك على خلفية الانتصارات التي يحققها الاتحاد السوفيتي ضد الفاشية، وهذا أثر على بنية المجتمع الفلسطيني، حيث ازدادت حركة ودور الطبقة العاملة في المستوى الاجتماعي والسياسي (2) وفي الوقت الحالي نجد السياسات الخارجية والصهيونية وأيضا الأحزاب الفلسطينية، تلعب دور مهم في تغيير الشكل الفلسطيني، فالمجتمع الفلسطيني يعاني حالة انقسام سياسي وفكري وتمزق جغرافي! لذا العلوم الاجتماعية في هذه الحقول ستعتمد على المنهج التاريخي ودراسة الماضي، لكن من يكتب التاريخ؟!
نتيجة للوضع السياسي، ولأن فلسطين عبارة عن دائرة لا منعطفات لها ولا أفق! فإن مناحي الحياة الأخرى تأثرت بذلك أيضا؛ الاقتصاد مثلا، بقي مرهونا للاحتلال وسياساته، فلم تتمتع فلسطين بالحرية الاقتصادية وحرية التجارة وتحديد الأسعار، كما السياحة فيها تحددت من قبل الاحتلال ونوعية الوافدين وكَمّهم أيضا، وهذا أثر على الاقتصاد الفلسطيني، إضافة إلى الاتفاقيات التي وقعت مع الطرف الإسرائيلي والذي هو أيضا محصلة مما ذكر آنفا.. كل ذلك انعكس أيضا على المستوى الاجتماعي والفكري ونوعية الحياة، وحاليا يظهر ذلك بوضوح مع الأزمة المالية التي يعيشها الشعب الفلسطيني.

وهذا التفكك الجغرافي والسياسي، سيؤثر في علم الاجتماع وما يتناوله من شكل العلاقات المجتمعية والسلوكيات البشرية. ويقول خالد عودة الله أن معظم من يطلقون على أنفسهم علماء اجتماع ب " الخبراء الذين يستخدمون معارف السّوسيولوجيا والإنثربولوجيا في الهندسة الاجتماعية" مما يجعلهم باحثين يوردون معلومات وبيانات، لا تترك حّي فلسطيني دون إشارة USAID، مما يشكل وعي معرفي آخر وتحريف للمسار الفلسطيني.
وعلى مستوى العلوم السياسية، فقد عبرت حنين شحتو وهي تعد برسالة الدكتوراة ضمن هذا المجال في هولندا، لكن من جانب نفسي وإنساني عن: "دراسة الإهانة.. مساق غير مطروح في العلوم السياسية"، فهناك إهانة مستقصدة من قبل الاحتلال وضمن منهجية، بقصد الأذى والتحريض على العنف، فتجريد الآخر من انسانيته وجعله غير متساوي مع القيمة الإنسانية للشخص المجرِد، يمكنك من فعل ما تشاء به، وهذا ما يفعله الاحتلال في الفلسطينيين عبر الحواجز وغيرها (3(
مع ذلك، إن فلسطين تشهد انحسار في إنتاج واقع نقدي، فالنقد يتبع الأهواء الشخصية وكلٌّ ينقد حسب المدرسة التي يختارها ويعممها، دون وجود مرجعية واضحة للنقد، مما جعلت العلوم الفلسطينية بين أيادي "بضع مرتزقين"! وهذا يبرر ضعف المنهجية المتبعة في الأبحاث والتنظير النقدي فيها.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- " العوامل الممهدة لبروز علم الاجتماع ومحطات بروز علم الاجتماع الغربي" مصطفى، حمدي عبد الحميد. http://hamdisocio.blogspot.com/
2- " نشوء وتطور القضية الفلسطينية" http://www.palpeople.org/atemplate.php?id=429
3- " دراسة الإهانة.. مساق غير مطروح في العلوم السياسية"صراص، عبير. http://www.rnw.nl/arabic/article/717640








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها