الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغاء البطاقة التموينية ... الخطوة الناقصة

قاسم السيد

2012 / 11 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


إن اول ظهور للبطاقة التموينية في حياة الشعب العراقي كانت بسبب ظرف استثنائي تسبب به غزو النظام السابق لدولة الكويت مما ادى الى فرض اسوأ حصار اقتصادي فرض على امة من الأمم في تاريخ الأنسانية المعاصر فاصبح العراق دولة فقيرة تحتاج لترتيب خاص لكي يتم توزيع المتوفر من المواد الغذائية الأساسية على شعبها الفقير وقبل ان تظهر هذا البطاقة كان هناك نظام وكلاء الشركة العامة للمواد الغذائية الذين كانوا باعة المفرد لحزمة طويلة من المواد الغذائية التي تتولى هذه الشركة تسويقها لهم بأسعار مدعومة .
ولما تم رفع الحصار بعد سقوط النظام وبدأت عائدات النفط بالتدفق تراجعت قيمة البطاقة التموينية في حياة المواطن بسبب تردي نوعيات المواد المجهزة فيها واختفاء العدد الأخر منها وبدأنا نسمع الكثير من قصص الفساد المالي والأدراي في الدوائر الرسمية التي ترعى هذا الأمر فقصص الشاي المسرطن والرز التالف والسكر المدعم ببرادة الحديد ولعل فضيحة الأستقالة لوزير التجارة الأسبق فلاح السوداني والتي لاتزال ذيولها تشغل الكثير من وسائل الأعلام والتي لم تكن اخرقصص الفساد في هذا المجال .
كما لعب تحسن الدخل الشهري لشرائح كثيرة من الموظفين ومنتسبي القوات المسلحة ان تتراجع قيمة البطاقة التموينية في حياة هذه الشرائح ولكنه بنفس الوقت تسبب ارتفاع الدخل هذا بأن يأخذ المفسدين فرصتهم بشكل اكبر في اخفاء الكثير من مفردات هذه البطاقة والتلاعب بنوعية البقية الباقية منها فمادامت هذه القطاعات المهمة والمؤثرة في المجتمع قد استطاعت ان تؤمن حاجتها الغذائية بعيدا عن البطاقة التموينية بسبب ارتفاع مداخيلها فإن ردوود افعالها ستكون خافتة وهامشية على تردي نوعية مفردات هذه البطاقة لكونها لم تعد صاحبة مصلحة ملحة في اي ردة فعل مهمة .
وكما اسلفنا فإن اللجوء الى خيار البطاقة سببه ظرف استثنائي مرت به البلاد وبما ان هذا الظرف قد انتهت اسبابه فلابد ان تعود الأمور الى سابق عهدها ولكن مجلس وزرائنا الموقر اكتفى بنصف الحل حينما اقدم على ازالة الأستثناء المتمثل بالبطاقة التموينية دون ان يعيد دورة تجهيز المواطن بالمواد الغذائية عن طريق وكلاء الشركة العامة للمواد الغذائية وليعود تبضع المواطن بما يحتاج من سلع تموينية بشكل مباشر ونقدي كما كان عليه الحال قبل ظهور البطاقة التموينية .
ولعل هناك من يقول ان هذا الأسلوب سيعيدنا الى نظام الأقتصاد الشمولي الذي كان عليه في عهد النظام السابق وهذا لاينسجم مع توجهات الأقتصاد الحر والديمقراطية التي يعيشها العراق مابعد التغيير وعليه فإن خبر الشركة العامة للمواد الغذائية ووكلائها والذين كانوا في نفس الوقت منافذ توزيع مفردات البطاقة التموينية اصبح في خبر كان ولكن يمكن الرد على مثل هذا التقول بأن الدولة العراقية رغم عائداتها المالية الضخمة ليس لديها اي نظام فعال للرعاية الأجتماعية يمكن التعويل عليه في التخفيف من الأثار الأقتصادية السلبية بسبب الغاء البطاقة التموينية والتي لاتزال سلة غذاء العديد من الملايين من مواطني هذه البلاد حيث لايزال الكثير من هذه الملايين لايملك اي دخل شهري حقيقي يمكنه من تحمل نتائج حجب البطاقة التموينية وإن اقتصار البديل على الخمسة عشر الاف دينار لكل مواطن لايمكن التعويل عليه فأن توجه اكثر من ثلاثين مليون عراقي الى السوق لغرض تأمين حاجتهم التي كانت البطاقة التموينية تؤمن البعض منها رغم بعض المؤاخذات على الكثير من مفرداتها من شأنه ان يرفع الأسعار لدرجة انه لن تمر فترة طويلة حتى يصبح مثل هذا المبلغ لاقيمة له في التعويض عن فقدان المواطن لهذه البطاقة .
لقد كان الأجدى بمجلس الوزراء قبل اقدامه على هذه الخطوة بإحياء النظام التعاوني من خلال تكوين شبكة واسعة من الجمعيات الأستهلاكية يتم نشرها على مستوى الأحياء الشعبية يتم من خلالها تأمين حاجة المواطن من السلع التموينية وغيرها من السلع الأستهلاكية بإسعار مدعومة اي سعر الكلفة مع هامش بسيط من الربح يؤمن اجور العاملين في هذه الجمعيات حتى لاتكون اجورهم عالة على ميزانية الدولة التي تنوء حد الأختناق بأجور الموظفين والمتقاعدين ومنتسبي الجيش والشرطة كما ان مثل هذا الأسلوب في تأمين حاجات المواطن الأستهلاكية سيكون لاجما لأسعار السوق كما انه سيؤمن مفردات افضل نوعية واكثر عددا من التي كانت تجهز له من خلال البطاقة التمموينية كما إن مثل هذا الأسلوب سيعمل على سحب اعداد كبير من العاطلين الكاسدين في سوق البطالة المزدحمة بملايين الشباب من الخريجين وغيرهم من الذين هم في سن العمل وبالتالي تكون الدولة قد ضربت اكثر من عصفور بحجر واحد .
إن الموقف المتحفظ لقوى صناعة القرار السياسي في توسيع دائرة الحريات المدنية من خلال التضييق على منظمات المجتمع المدني ومن ضمنها الأتحادات والجمعيات التعاونية هو الذي حجب هذا البديل عن انظار صانع القرار العراقي صحيح ان الشبهة تحوم حول البعض من منظمات المجتمع المدني إلا ان هذا لايمنع انه في الوقت نفسه هناك منظمات تتمع بمصداقية حقيقية فما بالك بمنظمات مجتمعية سيكون لها تعاملات مع عشرات الملايين من المواطنيين من المجتمع فأن الدولة ملزمة بإن ترعى مثل هذه المنظمات المجتمعية وتقدم لها الدعم السخي والمساعدة المفتوحة حتى تثبت حضورها في الساحتين الأجتماعية والأقتصادية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا