الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البطاقة التموينية والمبالغ النقدية

حسين علي الحمداني

2012 / 11 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


أستغرب من امتعاض بعض القوى السياسية لقرار مجلس الوزراء بإلغاء مفردات البطاقة التموينية ودفع مبالغ عوضا عنها ، ومبعث استغرابي يكمن بأن كل هذه القوى والشخصيات السياسية لديها ممثليها في مجلس الوزراء الذين صوتوا جميعا على هذا القرار الذي لم يكن قرار المالكي لوحده، وهو الذي يمتلك صوتا واحدة أسوة بالسادة الوزراء الذين يمثلون كل الكتل السياسية دون استثناء.
وعلينا أن نقولها بصراحة أمام كل المزايدين على الشعب والذين يتحدثون باسمه ، بأن الشعب العراقي مرتاح لهذا القرار بدرجة كبيرة جدا، وتعويض المواطن مبلغا ماليا بدلا عنها يمثل حلقة مهمة من حلقات القضاء على الفساد الإداري من جهة ومن جهة ثانية عدم التخلي عن دعم الدولة للمواطن في مسألة توفير الغذاء وهي عملية دعم مادي مباشرة للمواطن حيث تتاح أمامه فرصة شراء نفس المواد وبنفس الكميات وقد تكون بجودة أكثر خاصة وإن ما يوزع من مفردات لا يتعدى ( السكر والرز والزيت والطحين) .
إن الأسباب التي دعت مجلس الوزراء لأخذ هذه الخطوة نابعة من تردي عملية توزيع مفردات البطاقة أولا، وتذمر المواطنين من هذه الحالة ثانيا ، وتفشي حالات الفساد في هذا القطاع من جهة ثالثة،وهذا يعني بأن مفردات البطاقة التموينية تقلصت أولا ولم تعد تعني شيئا للعائلة العراقية من جهة ومن جهة ثانية وهي التي تشغل المواطن بأنها أصبحت بابا للفساد المالي الكبير حيث إن موازنة كل عام تخصص مبالغ مالية كبيرة لمفرداتها والمواطن لا يستلم إلا النزر اليسير منها وأحيانا لا يستلمها مع ألأخذ بنظر الاعتبار بأن جهات عديدة مستفيدة من البطاقة التموينية إلا المواطن نفسه فهو متضرر منها.
ورغم إن البعض نظر لقرار إلغاء البطاقة بسلبية تامة ورسم صورة سوداوية لمستقبل ألأمن الغذائي للمواطن وتناسى بأن مفردات البطاقة موجودة في السوق المحلية وهو يشتريها شهريا وبأسعار ثابتة لا صعود فيها ولن تصعد أسعار الرز والطحين والسكر وحتى حليب الأطفال،وإن ثبات ألأسعار للمواد الغذائية الأخرى التي لا توزع ضمن البطاقة التموينية يعطينا الطمأنينة على إن السوق لن يتأثر صعودا بغياب دور وزارة التجارة في توزيع المفردات الغذائية التي توزعها خاصة وإن وزارة التجارة تعتمد على تجار محليين في تأمين مفردات البطاقة التموينية.
وما يجعلنا نطمئن أكثر بأن لا زيادة في أسعار المواد الغذائية بأن السوق العراقي الآن ليس سوقا احتكاريا يٌدار من قبل أشخاص محددين كما كان في سنوات الحصار، بل سوقا تنافسيا وبالتأكيد فإن الكثير من تجار الكهربائيات وحتى السيارات سيتحولون لتجارة المواد الغذائية وعلينا أن نشير هنا بأن المناسبات الدينية ومنها أيام عاشوراء تستهلك موادا غذائية أساسية ( الرز والطحين والزيت) كميات كبيرة جدا دون أن نرى تأثرا بزيادة ألأسعار لأن السوق العراقي كما قلنا سوق تنافسي وليس احتكاري ، والحدود مفتوحة للاستيراد دون ضرائب ولا تعرفه كمركية ، وإن التجار لا يمكن لهم أن يحتكروا في ظل وجود من يبيع بأرخص الأسعار ولنا في أسعار المواد الغذائية الغير موجودة ضمن البطاقة التموينية ما يؤكد حديثنا .
ولكن المخاوف التي تنتاب البعض من الناس مبنية على أرث سنوات الحصار، وهي مخاوف متوارثة من إن السوق ( راح يشتعل) إذا تم إلغاء البطاقة التموينية ، لكن وجدنا وعبر السنوات الماضية بأن السوق العراقي غزير بالمواد من شتى الأنواع والأصناف وبأسعار تكاد تكون ثابتة بسبب ثبات سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار .
ومخاوف الناس متأتية بما تولد لديهم من شعور بعدم وجود أمن غذائي طالما إنهم ربطوا هذا الأمن بالبطاقة التموينية المدعومة من قبل الدولة، متناسين بأن أسباب استحداث هذه البطاقة كان الغزو الصدامي للكويت والحظر الاقتصادي الذي تبع ذلك،وهو الموقف الذي أربك أمن المواطن الغذائي وجعله يشعر بالحاجة للبطاقة التموينية، لكن نفس المواطن شعر بالأمن الغذائي منذ سنوات بدليل إنه يشتري بضاعته من السوق ولا ينتظر مواعيد قدوم(الحصة) ولا يقلق إن تأخرت أو حتى لو تم سرقتها من ( الوكيل) أو (الحلقات الوسطية) أو تم تبديلها بنوعيات رديئة ،وهذا يعني بأن ثمة أمنا غذائيا ترسخ لأن مسببات القلق زالت بزوال النظام الذي ابتكر البطاقة التموينية وأستخدمها كورقة ضد المواطن وليس لصالحه.
وهنا علينا أن نقول بأن هنالك أغلبية من الشعب تجد في المبالغ المالية التعويضية حلا أفضل بكثير من مواد رديئة ، ولو عملنا استفتاء حقيقي وليس ( فضائيات تختار عينة مقصودة) لوجدنا بأن المبالغ النقدية محل ترحيب المواطن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا وفرنسا.. تصاعد في التوتر والتصريحات المتبادلة| #غرفة_ا


.. مصر تصعد من لهجتها تجاه إسرائيل وتحملها مسؤولية ما يحدث في ق




.. مارتن غريفيث لسكاي نيوز عربية: الحرب في غزة مازالت بعيدة عن


.. فض اعتصام طلاب جامعة ميشيغان الداعم لغزة بالقوة




.. في شهر واحد.. تعرف على حصيلة قتلى جيش الاحتلال الإسرائيلي