الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لتكن ذكرى الرئيس الخالد ياسر عرفات مواصلة الكفاح ورفع راية النضال

عباس الجمعة

2012 / 11 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



ثمانية سنوات مضت على استشهاد رمز الصورة الفلسطينية صاحب الطلقة الأولى ومفجر الثورة ورمز الشموخ وسيد الشهداء الرئيس الخالد ياسر عرفات، نفتقد في هذه الايام قائدا كان عنوانا للوحدة الوطنية، وقائدا صهر الجهد الوطني لمختلف الأطياف على الساحة الفلسطينية في بوتقة واحدة، رغم ما عصف بالقضية من خلافات داخلية، وتدخلات خارجية .
فمنذ انطلاقة شرارة الثورة الفلسطينية في ستينيات القرن الماضي، كان الرئيس الشهيد حريصا على الوحدة، وشكل عنوانا لهذه الوحدة، طوال حياته، رغم التحولات والظروف التي مرت بها القضية الفلسطينية .
الرئيس الشهيد ياسر عرفات القائد الفلسطيني والعربي الذى شكل الرقم الصعب فى المعادلة السياسية العربية والإقليمية والدولية وقائد أطول ثورة عرفها التاريخ المعاصر ،الذي زاوج بين الفكر الثوري والسياسي فكان رجل الحرب والسلام الذي حمل غصن الزيتزن بيد والبندقية بيد أخرى ليشكل معادلة أذهلت العالم ووضعت القضية الفلسطينية على سلم أولويات الإهتمام الإقليمى والدولي ، فوضع بذلك القضية الفلسطينية على الخارطة السياسية الإقليمية والدولية مع حفاظه على الثوابت والحقوق والهوية الفلسطينية فى ظل متقلبات ومتغيرات سياسية عصفت بالمنطقة العربية ... واضعا أمام عينيه هدف تحقيق القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذى خاض من أجله العديد من الصراعات مع الزعامات العربية لمنع سيطرة الأنظمة العربية عليه متزامنا مع هدفه فى انجاز الحلم الوطنى بالإستقلال بدولة فلسطين فى مواجهة شرسة لمشروع الحلم الصهيونى التوراتي الرامي لتهويد الأرض الفلسطينية وإلغاء حق العودة لأبناء المنافى والمخيمات التى عايشها أبو عمار لحظة بلحظة .
الرئيس الشهيد نجح عبر سنوات نضاله الطويلة فى خلق اسطورة ياسر عرفات الذى أثار الكثير من الجدل حوله حيا وميتا ، لأنه امتاز بالمراوغة السياسة ، فالأحداث التى عصفت بالمنطقة العربية أوصلت القضية الفلسطينية إلى طريق مسدود فضاعت فى متاهات الخلافات العربية دفعه للإنخراط فى العملية السلمية مرغما والتى ابتدأت بمؤتمر مدريد 1991 وانتهت باتفاق أوسلو 1993 ، فخلق نوع من التماهى بين شخصية الفدائي المناضل والسياسى المسالم مع تصلب فى الموقف حينما تعلق الأمر بقضايا الحل النهائي للقضية الفلسطينية ، فلم يجد العدو أمامه إلا طريق القضاء عليه عن طريق حصاره فى رام الله إلى أن تدهورت حالته الصحية فغادر أرض الوطن وهو مصر على العودة ولكن هذه المرة ( شهيدا شهيدا شهيد ) وتحقق له ما كان يردد دوما عندما خرج من بيروت 30/8/1982 انه عائد إلى فلسطين .. وهاهو قد عاد واحتضنه تراب فلسطين .
مما لاشك فيه أن هناك قادة استثنائيين في تاريخ الشعب الفلسطيني،والشهيد الرئيس الراحل ياسر عرفات واحد من أولئك القادة الذين أنجبتهم الثورة الفلسطينية، كما القادة فارس فلسطين الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية ابو العباس وحكيم الثورة القائد الراحل جورج حبش وامير الشهداء أبو جهاد الوزير وامين عام الجبهة الشعبية فارس الانتفاضة أبو علي مصطفى وسنديانة فلسطين ابو عدنان قيس وفارس القدس امين عام جبهة النضال الدكتور سمير غوشه ورمز الكفاح المناضل الامين العام لحزب الشعب الفلسطيني بشير البرغوثي وغيرهم من قادة شعبنا العظام.
ولا بد من القول ان الشهيد ياسر عرفات سواء اتفقت معه أو اختلفت في النهج والسياسة أو غيرها، فهذا الرجل شكل حالة و"كريزما"قيادية فريدة فلسطينياً وعربياً ودولياً،فعلى الصعيد الفلسطيني كان القاسم المشترك والموحد لحركة فتح ، وكان يعرف كيف يحافظ عليها قوية ومتماسكة، وهو كذلك شكل عنواناً وبيتاً لوحدة كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني،وأنا أجزم أن القادة التاريخيين للثورة الفلسطينية، كان الهم الوطني عندهم له الألوية على الاعتبارات الحزبية والتنظيمية الضيقة، وأبو عمار لو لم تكن له "كريزما" خاصة لما كان قادراً على قيادة وتوحيد كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني من مختلف القوى الفكرية والانتماءات السياسية خلف عنوان واحد هو الوحدة الوطنية في إطار ائتلاف جبهوي عريض هو منظمة التحرير الفلسطينية،وأبو عمار في نهجه السياسي البراغماتي اختلف مع رفاق دربه من قادة الفصائل الأخرى حول التسوية والاعتراف بإسرائيل وبلغت تلك الخلافات ذروتها ولكن كان هناك وعي لدة القادة الفلسطينيين واذكر ان الشهيد الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية ابو العباس قال ان الرئيس ياسر عرفات لن يخرج أو يتجاوز الثوابت او الخطوط الحمراء كحرمة الدم الفلسطيني،مؤكدا ان اي خلاف سياسي يجب ان يبقى تحت سقف منظمة التحرير الفلسطينية الكيان السياسي والممثل الشرعي للشعب الفلسطيني. .
أما على الصعيد العربي فأبو عمار كان يجيد الإبحار في البحر العربي المتلاطم الأمواج وينجح في قيادة السفينة الفلسطينية الى شط الأمان رغم حدة وشدة التجاذبات والخلافات العربية وتدخلاتها ومحاولة استخدامها للورقة الفلسطينية في خلافاتها وتناقضاتها،وكان يقف على مسافة من تلك الخلافات،ويرى أن مصلحة الشعب الفلسطيني تتطلب منه حنكة وحكمة في القيادة وتسيير أمور الشعب الفلسطيني وتحديداً في دول الطوق،وكان قادراً على جعل القضية الفلسطينية حاضرة على طاولة القمم العربية،بل وكانت القيادة الفلسطينية تلعب دوراً مهماً في رسم وتحديد المواقف العربية من القضية الفلسطينية،وتوفير الدعم والإسناد لها سياسيا وماليا وتسليحيا وغير ذلك.
أما على الصعيد العالمي فالرئيس الشهيد كان بمثابة رمز لكل الشعوب وحركات التحرر والقوى الثورية العالمية، وكان في كل جولاته يستقبل استقبال الأبطال والقادة الكبار،وهو من وقف على منبر الأمم المتحدة عام 1974 مخاطباً العالم من خلال ذلك المنبر حيث جرى الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد قائلاً " لا تسقطوا غصن الزيتون الأخضر من يدي"،وأبو عمار الذي أوغل في التسوية كثيراً،معتقداً بأنه من الممكن انتزاع ولو الحد الأدنى من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وإحقاق حق العودة، وجد أن ذلك ليس بالإمكان تحقيقه، حيث أن الكيان الصهيوني قيادة وشعباً لا يريد السلام، والمطلوب هو استسلام فلسطيني وليس سلام،والرجل يحسب له في مفاوضات كامب ديفيد/2000،أنه وقف أمام كل الضغوط الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية وحتى العربية منها، من أجل التنازل والتخلي عن حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني ،وهذا الموقف دفع الولايات المتحدة وإسرائيل، الى القول بأنه ليس بالشريك في صنع السلام، وهو "إرهابي" وضالع في "الإرهاب"،أي دعم المقاومة ضد الاحتلال،ومن هنا كانت عملية السور الواقي في عام 2002 ومحاصرة الرئيس الشهيد في مقر المقاطعة برام الله ومحاولة الضغط عليه من أجل تليين وتغيير مواقفه، ضغوط كانت تمارس عليه من العرب والادارة الامريكية والأوروبيين لتغيير مواقفه أو التنازل عن القيادة وصلاحياته، ولكنه رفض بإصرار وعناد، بل ومن المقاطعة المحاصرة والتي هدمتها بلدوزرات الاحتلال كان يقول"عالقدس رايحين شهداء بالملايين".
أمام عناد الرئيس الشهيد الرئيس وثباته على مواقفه ورفض التنازل عن الحقوق والثوابت الفلسطينية،كان هناك قرار أمريكي- إسرائيلي بتصفية الرئيس الشهيد والتخلص منه،حيث جرت عملية اغتياله بالسم، تلك العملية التي من حق شعبنا ان يتطلع فيها على التقرير الطبي المتعلق بتلك العملية،وكشف ومحاسبة كل المشاركين ،فلا أحد يختلف على أن حكومة الاحتلال هي من نفذت الجريمة،ولكن هناك أدوات استخدمت في التنفيذ،هذه الأدوات بالضرورة كشفها ومحاسبتها ومحاكمتها،حتى يطمئن الشعب الفلسطيني الى أن دم رئيسه لم يذهب هدراً ،وأن القتلة والمجرمين سوف ينالوا جزاءهم وعقابهم على جريمتهم.
نعم نحن أحوج ما نكون فيه الى الثبات على مواقف الرئيس الشهيد ياسر عرفات ، وأن أي خلاف مهما كانت شدته أو درجته،لا تبرر الانقسام او التهرب منها من قبل البعض ،نحن بحاجة الى وحدة وطنية حقيقية في إطار البيت الفلسطيني الجامع منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني تتمثل فيها كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني على أسس ديمقراطية باعتبارها العنوان والهوية والاطار الجبهوي مع ضرورة تطوير وتفعيل مؤسسات المنظمة، وكل ذلك بحاجة الى الإرادة السياسية الحقيقية من أجل إنهاء الانقسام المدمر الذي يعصف بحقوق وثوابت ومنجزات ومكتسبات شعبنا.
وامام ذكرى رمز فلسطين تخوض القيادة الفلسطينية معركة التوجه الى الامم المتحدة لنيل عضو دولة غير عضو او "مراقب" هذه المعركة الدبلوماسية التي لا تقل اهمية عن المعركة التي خاضها الرئيس الشهيد عام 1974 في الامم المتحدة ، وتأتي هذه المعركة السياسية بعد نجاح فلسطين في اليونسكو حيث تحقق أول حلم بانضمام "دولة فلسطين" إلى إحدى المنظمات الأممية ، حيث نشكل هذه المعركة الدبلوماسية منعطفا هاما في النضال الوطني الفلسطيني رغم التهديدات والضغوطات الكبيرة على القيادة الفلسطينية من قبل الولايات المتحدة وحكومة الاحتلال وبعض الدول ، وبالتالي فمهما اختلفنا في تقييم النهج السياسي والنضالي للسلطة الفلسطينية فلا ينبغي أن نستهين بهذه المعركة الدبلوماسية والتي تعتبر خطوة في اتجاه إقامة الدولة الفلسطينية، واقرار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعودة وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة .
ختاما : لا بد من القول نحن بحاجة إلى مواصلة الكفاح والنضال والمقاومة من أجل تجسيد حلم الرئيس الشهيد بأن يرفع شبل من أشبال فلسطين وزهرة من زهراته علم فلسطين فوق أسوار القدس ومآذن مساجدها وأجراس كنائسها.
كاتب سياسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضيوف الحج يتوافدون إلى مشعر منى لأداء شعيرة رمي الجمرات


.. إيران ترد على بيان مجموعة السبع بشأن البرنامج النووي




.. في ظل الحرب على غزة.. آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة عيد الأضحى


.. كلمة لإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في أول أيا




.. كلمة لإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في أول أيا