الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الشعب العراقي .. شعبا جبان ؟

ليث الجادر

2012 / 11 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


يؤكد الفكر الماركسي على ان النشاط العملي الانتاجي وانعكاس العلاقات التي تنظمه هما مصدر واساس كينونة المجتمع ومنهما وعليهما تتاسس باقي اشكال العلاقات والموؤسسات الفوقيه ومن جدلية التفاعل بين كل هذه الاشكال وبين انعكاسات تطور النشاط الانتاجي تتشكل داخل كينونة المجتمع شروط تفرز نوع من النمطيه السلوكيه المحكومه بالقيم والاخلاقيات وكواحد من الاستنتاجات التي تبنى على هذا الطرح هو ان مفهوم (الشعب ) بمعناه البرجوازي الكلاسيكي والذي يعني مجموع افراد المجتمع او السكان يصبح مفهوما باليا وخالي من اي معنى سوى انه يبقى محافظا على دلالاته المخادعه باشاراته المجرده من كل ما هو واقعي .. وليتطور هذا المفهوم بمعناه عندنا على انه ( اي الشعب ) يعني اؤلئك الافراد من مجموع المجتمع اللذين ينشطون بالدفاع عن مصالحه واخلاقياته وقيمه الخاصه باعتبارهم القوه الحقيقه التي يقوم عليها الكيان الاجتماعي برمته وبمعنى ان هؤلاء الافراد هم القوه المضطلعه بمهام النشاط الاقتصادي والانتاجي .. وهذا يعني ان الشعب لدينا تحول الى طبقه او الطبقه السائده اقتصاديا وليست بالتاكيد الطبقه المتسيده ..كما يجب ان لايفهم من هذا بان هذه الطبقه تكون في معناها الواعي لذاتها او انها ترتبط بالفكر الطبقي بل على العكس انما يعني هذا ان الطبقه في سيرورتها لان تعي ذاتها وشروط حياتها بشكل تجريبي عملي هي البديل الذي حل مقام مفهوم الشعب بمعناه البرجوازي الذي اسس له ابان نشؤ الدوله القوميه ..وهذا مايفسر لنا اختلاف سلوكيات الشعوب اتجاه مختلف القضايا وبالاخص منها تلك التي ترتبط بنوعية العلاقه التي تقوم بين الشعب وسلطته , والكيفيه التي ترسم شكل نشاطه بهذا المجال .. وعلى سبيل المثال هناك شعوب اذا ما قيمنا ادائها بصوره منطقيه وموضوعيه نجدها شعوب بركانيه شعوب حماسيه لا تغفر لسلطاتها اي تجاوز على بنود العقد المبروم بينهما وشعوب معتزه بحياة افرادها وحريصه على ادامة مطالبها فهي ان تاخذ حقها من السلطه بهذه اليد فانها تلوح بقضة الاخرى اليها .. شعوب عنيده ومتحفزه .. وبالمقابل نرى العكس عند شعوب اخرى ويزداد هذا الاختلاف ويتدرج حتى نصل الى شعوب تبدوا وانها مستسلمه نهائيا وخانعه ..وهذا يبدوا لنا بسبب المقارنه التي نقيمها مع سلوكيات الشعوب التي ذكرناها اولا .. ولهذا فان مثقفي البرجوازيه وحسب طبيعتهم الفكريه لايجدون مناصا من تقييم المجتمعات الانسانيه وفق هذا الوصف الشكلي لكي يصبح عندنا في النهايه شعوب شجاعه وشعوب جبانه او خامله على اساس ان هذا ينبع من طبيعة افرادها او يتبع طبيعة مكونها العرقي والقومي ( شعب مسالم , شعب عنيد , شعب شجاع ...الخ ) .. هذا هراء .. وتفاهه عقليه بائسه .. انما هناك حقيقه واحده هي التي خلقت كل هذه الاختلافات واكدت موضوعيا قيمها ..هذه الحقيقه تؤشر على ان اختلاف طبيعة النشاط الاقتصادي واشكاله بين المجتمعات هو الذي يحدد كل تلك الاختلافات في سلوكيات المجتمعات اتجاه مؤوسساتها السلطويه ..وهنا اضع خط عريض تحت كلمة (يحدد) لاشير الى عدم اهمال او نفي تاثير نوع الثقافه ومصادرها التراثيه والحضاريه والتي تلعب دورا في تشكيل القواعد النفسيه لدى الفرد , اذن صفات وطبيعة سلوكية الشعوب تنبع من طبيعة نشاطها الاقتصادي ولا تنبع ولا ترتبط بعلاقات الدم والجينات .. لناخذ مثلا يخصنا نحن العراقيين .. وحتى اختصر يجب ان اشير الى حقيقة ان الشعب العراقي في الفتره مابين عام 1932 وحتى عام 1958 قامت باتفاضات كبيره عديده وبعشرات الانتفاضات المحدوده (باستثناء الانقلابات العسكريه ) شكل خلالها تجسيدا حيا وفعالا لمعنى مواقفه من النظام الملكي والهيمنه البريطانيه والسلطه وافرادها .. تاريخ مجيد حينما نتوقف عنده ونتمعن في تفاصيله تاخذنا الدهشه ونحن نشخص اداء هذا الشعب بعد عام 1963 وحتى هذه الساعه من عامنا هذا .. اي اداء تعس واي خنوع واي استسلام واي طئطئة راس لسلطه حلت في سلوكية ذاك الشعب المتمرد المتحفز ؟؟ والامر يبدوا كمقارنه بين المرحلتين وكأن في ليلة ظلماء حالكة السواد من ليالي عام 1963 امتدت يد سريه , يد خارقه الى جسد الشعب العراقي وقامت باخصائه .. مالذي حدث ؟ كيف يمكن ان يحدث مثل هذا الانقلاب في السلوكيه ؟ هل تغيرت جيناتنا ام هل ان الاجيال قد اختلفت وان الاجيال اللاحقه لم ترث من سابقاتها تلك الجينات ؟ ومن اشكال هذه الاسئله سيرد الكثير منه اذا ما بقينا ندور في محيط الثقافه البرجوازيه ومفهومها لمعنى الشعب !! وبالتالي ستكون اجوبه ومواقف مختلفه .. اما الفكر الماركسي فانه يشير الينا في ثقه تامه وبهدوء المتيقن الى ان نعود الى تاريخ المرحلتين وان نتمعن في طبيعة النشاط الاقتصادي لكليهما وحينها سندرك بان الجواب على حيرتنا وتساؤلنا انما يتمثل في اختلاف النشاط الاقتصادي بين المرحلتين فمنذ عام 1932-1963 كنا نمارس ونؤوسس اقتصادا انتاجيا حديثا ( الموؤسسات المصرفيه, شركات التنقيب واستخراج النفط , تاسيس المصانع والمعامل الانتاجيه الحديثه ,,) ولهذا فان كل اشكال الحراك الشعبي والانتفاضات والفعاليات السياسيه الجماهيريه انما كانت الطبقه المنتجه والطبقه السائده اقتصاديا هي التي تنظمها وتنهض بها ومن ثم تلتحق بها الفئات الطبقيه الاخرى ( هنا يتم تكون مفهوم الشعب الثوري )... الشعب كان اساسه العمال , الشعب كان يبدأ بالتكون كجنين بالطبقه العامله .. فكل الانتفاضات كانت تبدأ بالعمال والكادحين وكانت تنتهي بهم كطليعه لكل العراقيين ..اما في المرحله الثانيه .. والتي بدات بالتدرج فان مجمل نشاطنا الاقتصادي بدا يدخل مرحلة الرده المتناميه من النمط الانتاجي الحديث الى نمط الاقتصاد الربوي ويتخلله شكل انتاجي محدد للغايه جعل من القوه العامله مجرد طبقه هامشيه لاتملك في الواقع اية امكانيه موضوعيه .. شيئا فشيء كان يتم تهميش القوه المنتجه في واقع الاقتصاد الاستهلاكي الذي يستمد امكانياته من استغلال الثروه النفطيه ووارداتها الماليه ..شيئا فشيء كانت درجة اخصاء ثوريه المجتمع العراقي تزداد وضوحا .. ومع تزايد نسبة مساهمة الواردات النفطيه من اجمالي الثروه القوميه كانت قيمة وفعالية الشعب العراقي السياسيه تتجه نحو التضائل والسلبيه وهنا لا اتحرج في ان اتخذ الارقام والاحصائيات التي تضمنها تاريخ موازنات الدوله العراقيه في فترة الاربعينيات كانت نسبة مساهمة الواردات النفطيه تتراوح بين ال60-70 من مجمل واردات الدوله ومع نسب مخصصات التشغيل العاليه .لاؤشر الى علاقة هذا بفعالية ونوع اداء الشعب العراقي الايجابيه المؤطرة بسلوكية الرفض ومقاومة السلطه وبين تلاشي هذا الاداء مقارنة بنسب مساهمة الواردت النفطيه التي بلغت في عهدنا الحالي الى ما يفوق 93 بالمئه من واردات الدوله وعلاقة هذا بالاداء السياسي السيء والكلي السلبيه الذي يحكم واقعنا الاجتماعي .. نعم انا لا اتحرج بان اعتبر تلك الارقام كمثل البارومتر الذي يقيس درجة فعاليه الشعب العراقي !! ونعم لا اتحرج مثل الكثيرين في ان اصف هذا الشعب الان بانه شعب جبان خانع !! لكن يجب ان اؤكد على ان هذا الجبن لايجري في دم العراقيين ولم يرثوه بجيناتهم وهو ليس قدرهم المقدر باسباب خفيه , انما هو صفه سلوكيه تحتمها طبيعة واقعه الاقتصادي ..ففي عهد النظام الراسمالي وفي فتره سطوت الماليه النقديه تتحول المجتمعات الى مجاميع وقطعان من العبيد المسلوبة الاراده مادامت قواها الانتاجيه معطله ومادام طراز معيشتها اليوميه يقتات على الاقتصاد الكسول ,, والشعب بطبقته العامله المنتجه فاذا ما خارت قوة هذه الطبقه وفعاليتها الواقعيه .. ساء اداء الشعب وتلاشى ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA