الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطريق إلى أكذز 4 (الذي كان وما يزال هو الضرر-الحلقة الأخيرة)

سعيد بنرحمون

2012 / 11 / 10
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير


وأخيرا تنتهي رحلة الاسترجاع المر، ويستعيد الرحوي بعضا من أنفاسه المفقودة، ينتهي عذاب التجول في رحاب الذاكرة، بعد التجول بين ردهات هذا البناء الجميل، الرحوي كان يقبل بكل أريحية مرافقنا بين جنباته، الرجل متصالح مع المكان، جدرانه التي تذكره بالمر تقول إنه كان هناك في زمن مضى، لكنه لم ينقضي، عاش بعض من سنواته عمره خلف النسيان، خلف الأسوار العالية فقد بعضا من أعزائه، مثل والده، ولم يحظر جنازتهم، وفي النهاية يقال إن ضرره والمجموعة جبر ببعض الدراهم، مهما كثرت فلن تستطيع أن تطفئ لحظة واحدة من لحظات أساهم وفرص الحياة الضائعة عليهم، اليوم الرحوي عاطل على العمل، يقارب العقد الخامس من عمره، صلابته وحدها من تعينه على تحمل الحياة القاسية..
بعد مغادرة هذا الموت، بواحدة من لفتات القدر الرحيم، وبالكثير من نضالات أبناء البلد الصادقين، ولو إلى حين، عاد المجموعة إلى الناس، إلى الحياة، بكل ما وشم الاعتقال به أجسامهم، وأرواحهم، ومستقبلهم، من أوشام محال أن تنمحي مع الأيام، حصل الرحوي على الإجازة في القانون باللغة الفرنسية، وعمل بعض الوقت بجريدة وطنية حزبية، سرعان ما استغنت عنه فيمن قذفت بهم إلى المجهول الحياتي لأسباب مالية ربما، وربما لأسباب لا يعلمها إلا الراسخون في المكر بهذه البلد المسكين، بدون أي تأهيل نفسي عاد إلى الحياة، عاد إلى الناس وعلى مضض استطاع أن يجد له مكان بينهم، هو والمجموعة يرفضون مناقشة التعويض المادي الذي حصلوا عليه من هيئة الإنصاف والمصالحة، التابعة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أنذاك، بالنسبة لهم الهيئة لم تنصفهم ولم تجبر ضررهم بعد، قالها لنا بين جدران المعتقل الرهيب "الذي يوجد اليوم، كما الأمس، هو الضرر فقط.." المبالغ المالية التي حصوا عليها تتراوح بين الهزيل والأهزل، لم نسأله، ولم يجبنا، عن حجم الدراهم التي حصل عليها، فواقع الحال أبلغ من كل سؤال ومن كل جواب ..
ونجح عبد الناصر بنو هاشم في رسم مسار مهني ناجح بعيدا عن أموال جبر ضرره، حصل على الإجازة في الاقتصاد، وبعد بعض التجارب في الصحافة المكتوبة انتقل إلى العمل في القناة الثانية، حيث وصل به طموحه وتفانيه في العمل إلى الوصول إلى درجة رئيس تحرير، قبل أن يجد نفسه في الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بدرجة مسؤولية إدارية محترمة، بالنسبة له جبر ضرره كان ذاتيا وبمساعدة من الأصدقاء والعائلة، أما أموال الدولة فقد جاءت في فترة لاحقة على كل تلك النجاحات، وكانت حلا نسبيا لبعض المشاكل المادية أساسا، على حد قوله، أما بقية أعضاء المجموعة فكل فعلت به الحياة ما أرادت، وكلهم يعاني من مخلفات الاعتقال وتبعاته على حياتهم الحالية، وقريبا جدا ستتضاعف مآسيهم بمشكل التقاعد من أعمالهم، الدولة لا تريد أن تسوي مشاكلهم مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.. والأدهى أن هؤلاء المكلومين في الماضي والحاضر والمستقبل يستدعون أحيانا ليشرحوا للوفوض الأجنبية المسيرة الناجحة للدولة المغربية في جبر الضرر.
عندما كنا نصور ذلك التحقيق عن معاناة أعضاء مجموعة بنو هاشم في معتقل أكذز تقاطر علينا بعض من سكان جوار المعتقل، الكل يريد أن يتحدث معنا عن معاناة الساكنة مع هذا المعتقل، هذا يتحدث عن فترة صباه وكيف حرم حتى من حقه الطبيعي في اللعب بالقرب من الفضاء، وذلك يفصل القول في الظروف التي أحاطت باعتقال المجموعة وانعكاسها على الساكنة، يقول أحدهم "كنا نعيش حالة طوارئ حقيقة، بعد السادسة مساء يمنع التجول، وحتى أضواء المنازل لم يكن مسموحا بأن تضاء ليلا، ناهيك عن الحراسة بالتناوب، كان مفروضا علينا أن نقيم دوريات حراسة ليلة تدوم ساعتين كل ليلة، ولم يكن يؤذى لنا عنها ، كانت أعمال سخرة حقيقية، أعادت لنا ذكريات الأجداد مع خليفة القايد الكلاوي في الزمن الماضي.." تلك الذكريات التي ما تزال عالقة بعقل أحد المسنين من أبناء أكدز القدامى، بأمازيغيته العتيقة والجميلة وطيبوبته الطافحة يقول " هذا القصر بنيناه مجبرين، كان خليفة الكلاوي بأكدز يجبرنا على العمل فيه بنظام السخرة، بل لقد أجبرنا على اقتلاع أخشاب السقوف من بيوتنا لتشييد قصره" أما الجار الملاصق للمعتقل فقد كان الأقرب إلى تلك الأحداث، لم يخطر بباله وبال السكان يوما أن هذا المكان يحوي أبرياء ساقهم حظهم العاثر وظرفية سياسية معينة إلى مدينتهم، يقول "كان يقال لنا إن المكان يحتوي على أعضاء من جبهة البوليساريو فقط، كان الجنود يعمدون إلى إرهاب السكان حتى لا يقتربوا من المعتقل، كما كانوا يحاولون القيام بعمليات اغتصاب للفتيات القادمات من المدرسة، لقد كانت الواحدة منهم تأتي إلى بيتها فزعة مرعوبة شاحبة اللون، تقول إن أحد الجنود طاردها وحاول الاعتداء عليها.."
أما المنتمون إلى جمعيات المجتمع المدني بالمدينة فيتوجسون خيفة من أن تظلم أكدز للمرة الثانية، فالأولى كانت عندما ارتبط اسمها بهذا الخرق السافر لحقوق الإنسان والمرة الثانية ستكون فيما يعد لها من مشاريع جبر الضرر الجماعي، يقول أحدهم "لم نستشر في أي من تلك المشاريع، المدينة تعاني من كل النواحي، في قريتنا الكبيرة لا يوجد مستشفى ولادة، النساء الحوامل يفارقن الحياة في الطريق إلى أقرب مستشف في وارززات والتي لا تعبد إلا 68 كيلومتر جبلية عن أكدز، وهم يدعون جبر الضرر" وعندما نقلنا تلك الاعتراضات إلى ممثلي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كان لهم رأي أخر عندما قال المسؤول عن المكتب"جميع الجمعيات العاملة في أكدز استشيرت في المشاريع التي ستقام في المنطقة، وما ينتظر أكدز، المعتقل والمدينة، يبشر بخير كبير، المعتقل سيتحول إلى فضاء سوسيو- ثقافي، والمدينة بدأت تظهر عليها أثار مشاريع جبر الضرر الجماعي، والأتي أكبر.." يقول ممثل المجلس بوارززات، لكن ما وقفنا عليه يخالف كل ما قاله..
بعد مغادرة هذا الموت، بواحدة من لفتات القدر الرحيم، وبالكثير من نضالات أبناء البلد الصادقين، ولو إلى حين، عاد المجموعة إلى الناس، إلى الحياة، بكل ما وشم الاعتقال به أجسامهم، وأرواحهم، ومستقبلهم، من أوشام محال أن تنمحي مع الأيام، حصل الرحوي على الإجازة في القانون باللغة الفرنسية، وعمل بعض الوقت بجريدة وطنية حزبية، سرعان ما استغنت عنه فيمن قذفت بهم إلى المجهول الحياتي لأسباب مالية ربما، وربما لأسباب لا يعلمها إلا الراسخون في المكر بهذه البلد المسكين، بدون أي تأهيل نفسي عاد إلى الحياة، عاد إلى الناس وعلى مضض استطاع أن يجد له مكان بينهم، هو والمجموعة يرفضون مناقشة التعويض المادي الذي حصلوا عليه من هيئة الإنصاف والمصالحة، التابعة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أنذاك، بالنسبة لهم الهيئة لم تنصفهم ولم تجبر ضررهم بعد، قالها لنا بين جدران المعتقل الرهيب "الذي يوجد اليوم، كما الأمس، هو الضرر فقط.." المبالغ المالية التي حصوا عليها تتراوح بين الهزيل والأهزل، لم نسأله، ولم يجبنا، عن حجم الدراهم التي حصل عليها، فواقع الحال أبلغ من كل سؤال ومن كل جواب ..
ونجح عبد الناصر بنو هاشم في رسم مسار مهني ناجح بعيدا عن أموال جبر ضرره، حصل على الإجازة في الاقتصاد، وبعد بعض التجارب في الصحافة المكتوبة انتقل إلى العمل في القناة الثانية، حيث وصل به طموحه وتفانيه في العمل إلى الوصول إلى درجة رئيس تحرير، قبل أن يجد نفسه في الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بدرجة مسؤولية إدارية محترمة، بالنسبة له جبر ضرره كان ذاتيا وبمساعدة من الأصدقاء والعائلة، أما أموال الدولة فقد جاءت في فترة لاحقة على كل تلك النجاحات، وكانت حلا نسبيا لبعض المشاكل المادية أساسا، على حد قوله، أما بقية أعضاء المجموعة فكل فعلت به الحياة ما أرادت، وكلهم يعاني من مخلفات الاعتقال وتبعاته على حياتهم الحالية، وقريبا جدا ستتضاعف مآسيهم بمشكل التقاعد من أعمالهم، الدولة لا تريد أن تسوي مشاكلهم مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.. والأدهى والأمر هو أن هؤلاء المكلومين في الماضي والحاضر والمستقبل يستدعون أحيانا ليشرحوا للوفود الأجنبية المسيرة الناجحة للدولة المغربية في جبر الضرر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يُحطم رياضيو أولمبياد باريس كل الأرقام القياسية بفضل بدلا


.. إسرائيل تقرع طبول الحرب في رفح بعد تعثر محادثات التهدئة| #ال




.. نازحون من شرقي رفح يتحدثون عن معاناتهم بعد قرار إسرائيلي ترح


.. أطماع إيران تتوسع لتعبر الحدود نحو السودان| #الظهيرة




.. أصوات من غزة| البحر المتنفس الوحيد للفلسطينيين رغم المخاطر ا