الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسطورة دولتنا القومية و عربنا

جابر احمد

2012 / 11 / 11
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


"أسطورة دولتنا القومية وعربنا " هو عنوان لمقالة الكاتب الايراني السيد ناصر فكوهي ويقصد هنا " بعربنا " الشعب العربي في عربستان أو الاهواز تناول من خلالها نشوء الدولة القومية في إيران القائمة على فكرة الدولة - الأمة ، معتبراً أنها تستند إلى أقوى الاساطير التي عرفها الانسان في حياته ،وفيها يبين أن الدولة القومية ومفهوم التعصب القومي قد اشتد مع قيام الثورة الفرنسية عام 1789 تلك الثورة التي اعتبرت في حينها حدثاً تاريخياً مهماَ قلب النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية رأساَ على عقب ممهدة الطريق في عموم أوروبا لظهور الثورة الصناعية واحتياج الاسواق العالمية الى مزيد من الانتاج وقد وصلت الدولة القومية في مراحلها النهائية أي طوال السنوات الواقعة ما بين عام 1870 حتى 1920 الى استعمار الغالبية العظمى من بلدان العالم ، و بالتالي يمكن القول وباختصار أنه قد مر على ولادة الدولة القومية في العالم مايقارب اكثر من 200 عام شهد العالم خلالها المزيد من الحروب وجرائم القتل والإبادات الجماعية ، ناهيك عن الجرائم التي أدت إلى موت واندثار الكثير من القوميات واللغات بالاضافة إلى الحروب بين الدول الاستعمارية نفسها ،فعلى سبيل المثال إن الدولتين الجارتين فرنسا والمانيا واللتين ترتبطان مع بعضهما البعض بوشائج الجوار والعلاقات الثقافية كانتا على حرب طوال القرن التاسع عشر والقرن العشرين دون ان تعلما ماهي الاسباب الواقعية وراء هذه الحرب .
بروز ظاهرة الدولة القومية في ايران
من هذه الرؤية التاريخية يعالج الكاتب بروز ظاهرة الدولة القومية في إيران والقائمة على مبدأ الدولة – الامة ، حيث يرى ان هذه الدولة والتي اقترنت ولادتها بالعنف والتي كانت قائمة على الاساطير قد الحقت الكثير من الاضرار بمستقبل البلاد ، لأنه تم استغلالها من قبل مجموعة من العنصريين القوميين " الفرس" الذين اعتبروا أن إيران وخلافاً لوقائع التاريخ بلد يتكون من قومية واحدة ولغة واحدة ، في حين ان هذه البلاد كانت ومنذ ما يقارب من أكثر من 4000 عام قبل ميلاد المسيح بلد متعدد القوميات واللغات والثقافات منها ثقافات بلاد ما بين النهرين ، الارامية ، الاكادية ، ومن ثم اليهودية والآرية والعربية والعديد من الثقافات واللغات القومية الاخرى .
معاداة العرب دون غيرهم .
ويحاول الكاتب أن يبين ارتفاع حمى التوجهات العنصرية الراهنة في ايران أومايسمى بالتعصب القومي ومعاداته للقوميات الايرانية الاخرى والتي تتجلى أبرز مظاهره في معاداة العرب الايرانيين على حد تعبيره دون سواهم ... ويضيف الكاتب أنه من المؤسف أن نظرة كهذه لانراها عند العامة من الناس وحسب وانما نرى من يروج لها حتى من على صفحات الجرايد والتي من المفترض أن تكون وسيلة للتثقيف لالبث العنصرية ،على سبيل المثال نشرت جريدة اعتماد الصادرة في أيلول من عام 2012 وعلى صفحتها الأولى وبالبنط العريض عنوان ينم عن العنصرية ومعاداة العرب والتحريض يعالج من خلاله مستوى معدل القراءة عند العرب وبين أوساط العرب الخليجيين جاء فيه أن " العرب من بين اكثر شعوب العالم احترافا في عدم قرائتهم للكتب ، القراءة بين أوساط العرب في منطقة الخليج الفارسي " حيث لا ندري ماهي المعايير العلمية التي استخدمها ناشر الخبر وماهي المصادر التي اعتمدها في صياغة خبره ، مما لا شك فيه أن ناشر الخبر يريد ومن خلال هذا العنوان ان يحط من شأن العرب امام الايرانيين الناطقين بالفارسية في حين انه لم يكن لديه حتى ابسط المعرفة عن عالم اللغة العربية الغني ولا عن المراكز العربية المنتشرة في العالم ومنها مركز العالم العربي في باريس او مكتبة الاسكندرية الحديثة في مصر ، كما أنه لم يطلع بشكل مباشرعلى الادب العربي الراهن أوغير المباشر ولم يطلع على الانتاج الأدبي للادباء العرب الذين يكتبون بالفرنسية " أدباء الفرانكفونية " من أمثال أدونيس وأمين معلوف وطاهر بن جلون وغيرهم الكثير من الادباء في العالم العربي التي عمت شهرتهم الآفاق .
يقول الكاتب وفي معمعان هذا الجدل هناك سؤال يطرح نفسه أين نقع نحن الايرانيين من معدل قراءة الكتاب في العالم ؟ فوضع الكتاب وقرائته ونشاط دور النشر في البلاد واضحة للجميع ولا تحتاج الى من يريد توضيحها ؟ ولكن السؤال الذي يطرح نفسه أيضا هوكيف تتم بسهولة نشر مثل هذه المواضيع العنصرية ؟ وكيف تلقى الاستجابة وذلك في بلد يعيش فيه من مليون إلى مليونين من العرب ( يشكل العرب 6% من سكان ايران وعددهم يتراوح بين 5 الى 6 مليون نسمة ماعدى عرب فارس - المترجم ) يعيشون في إقليم خوزستان " عربستان " الواقع في جنوب البلاد والذين يسعون وفي أصعب الظروف والى جانب كل الايرانين لاحياء ثقافتهم ؟ . و يتساءل الكاتب أن الباحثين الذين ينشرون باسم الايرانيين مقالات معادية للعرب في الجرائد والمواقع إنما يجدون في التوتر القائم حاليا بين الشيعة والوهابية مجالاً لترويج افكارهم ولكن ماذا يفعلون بمليوني عربي من عرب ايران ؟ ترى الم يفكر اصحاب هذه الاطروحات ان يصبح مصيرهم يوماً ما كمصير المانيا الفاشية وان تطالبهم سلطة سياسية مفروضة عليهم بتقديم وثائق ثبوتية "عرقهم الايراني الاصيل " او التهديد بالقضاء عليهم او اخراجهم، ؟ .
ما ينشر يندى له الجبين
ان نظرة عابرة لما ينشره مجموعة من " الايرانيين الاصلاء " من على الشبكة العنكبوتية والصور والكاريكاتورات المسيئة للعرب أمر يندى له جبين كل صاحب ضمير ، خاصة إذا علمنا ان جذور قسم كبير من الايرانيين في الوقت الراهن يعود الى اصول عربية . ولكن كما قلنا سابقا ان هذه الظاهرة الخطرة هي في نمو مضطرد ، فعلى سبيل المثال عندما فاز الفريق الايراني في احدى مبارياته الكروية وحصل على مدالية كتبت جريدة الشرق الايرانية الصادرة في ايلول 2012 مقالا تحت عنوان كبير تقول " الليلة الذهبية للآريين " وفي الظاهر قد تناست هذه الجريدة ان الرياضي العربي الخوزستاني "العربستاني " علي بو عذار قد حصل يوما على المدالية الذهبية لذلك نجد من بين الرياضين الذين حققوا هذا الفوز لايران انهم رياضيون من مختلف القوميات في ايران وليس لهم مكان في الآرية وفي الاساس انهم لايريدون ذلك لان مصطلح " الارية " يحمل في طياته مفهوما عنصريا اساسه الاساطير والاوهام . وليت الامر ينتهي الى حد الجرائد والمدونات و لكنه تعدى ابسط حدود اللياقة عندما صرح احد الفلاسفة المعروفين" استنادا الى مانشرته آونلاين الصادرة في ايار 2012 " حيث قال " اقولها بصراحة انني احترم اسلام علي (ع) ولا احترم اسلام العرب " وعلى ما يبدو ان سيادة هذا الفيلسوف قد نسى ان نبي الاسلام (ص ) والامام علي (ع) واهل بيته هم عرب ايضاَ وان اللغة العربية هي اللغة الرسمية للعالم الاسلامي وهي ايضا اللغة الادبية و العلمية لاكثر من 200 مليون انسان وكذلك العشرات من كبريات بلدان العالم ، كما ان هناك شاعر معاصر معروف ينشد ويقول « مرا به قعر جهنم ببر خداي عرب/ به شرط آنکه نيايد در آن صداي عرب " ومعناه اذهب بي الى قعر جهنم يا اله العرب، شريطة ان لايكون هناك صوت للعرب ، و مع الاسف في هذا المجال هناك امثلة كثيرة ... الخ
ثم يحذر المؤلف ابناء جلدته من مغبة الاستمرار للترويج لهذا النهج العنصري ويقول في لغتنا وافكارنا من هذه الامور الشيء الكثير ويجب أن لا ننسى ان بلدا كبيرا زاهرا بالثقافة مثل المانيا كانت في بداية القرن العشرين تطلق شعارات من هذا القبيل الا انها دفعت ثمن ذلك كونها بقيت ما يقارب 50 عاما تحت سيطرة الاحتلال الاجنبي . ..و يضيف الكاتب من المؤسف ان نتلقى يوميا العديد من الرسائل البريدية الالكترونية كلها تسهتزىء بالعرب و تسخر منهم ... الخ
واخيراً نود القول أن هذه المقالة رغم اهميتها ورغم اعترافها بالتنوع القومي في إيران إلا أن كاتبها ينكر على الشعوب الايرانية حقوقهم القومية ويعتبر أن مطالبتهم بحقوقهم القومية ما هو الا إعادة انتاج لسلطة الدول القومية من هنا يقول الكاتب " وبالتالي فان تأجيج الاختلافات القومية على اساس التنوع اللغوي و الحديث عن التقسيمات السياسية–الادارية والفيدارالية ليس الا وهم جديد ينطلق من سياسة الدولة القومية ومن اجل اعادة انتاج سلطتها وتكريس قوتها وهيمنتها " .وهوبالتالي ومع الاسف الشديد يساوي بين اصحاب مشروع الدولة – الامة العنصرية التي اضطهدت الشعوب الايرانية لمدة اكثر من ثمانية عقود وبين المشروع الانساني للشعوب الذي تحاول من خلاله التخلص من هذه السيطرة . نكتفي بهذا القدر من ترجمة مضامين أهم ماجاء في هذه المقالة على امل ان نكون قد وفقنا بما نريد ايصاله للقاريء العزيز.
جابر احمد
12- 11 – 2012
لطلاع على اصل المقالة بالفارسية راجع الرابط التالي
http://anthropology.ir/node/15122
اسطوره «دولت ملي»، «ما» و «اعراب» مان
ناصر فکوهي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستشرق إسرائيلي يرفع الكوفية: أنا فلسطيني والقدس لنا | #السؤ


.. رئيسة جامعة كولومبيا.. أكاديمية أميركية من أصول مصرية في عين




.. فخ أميركي جديد لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؟ | #التاسعة


.. أين مقر حماس الجديد؟ الحركة ورحلة العواصم الثلاث.. القصة الك




.. مستشفى الأمل يعيد تشغيل قسم الطوارئ والولادة وأقسام العمليات