الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إني اراني اعصِرُ نفطاً

عمر أبو رصاع

2012 / 11 / 11
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


وسط سديم لا متناهٍ، وحركة لا سكون فيها ألبتة، هناك دائماً من هو على استعداد للضرب في الأرض خارج هيمنة واستبداد هذه الآلة الجهنمية، هناك من هو قادر على مفارقة اللوحة والنظر إليها من الخارج، بحيث يتسنى له أن يدرك عوار المشهد، ومواطن جدل الهلاك والولادة.
هكذا فعل غاندي، وإنك لتعجب كل العجب من مقدار ما تحدثه الترجمة الفجة والمنقوصة من أثر في المعنى، فهي احياناً تغزو الفكرة بلغتها غزواً همجياً فتحمِلُها جسداً بلا روح، فلسفة اللاعنف مثلاً ترجمة من هذا النوع للأصل وهو "الساتيا جراهاSatyagraha " إذ الساتيا في السنسكريتية هي "الحقيقة"، وأجراها تعني "طلب"، فهي "طلب الحقيقة" أو "قوة الحقيقة"، ومن يتبنى هذه الفلسفة وينفذها يصبح بالتالي انساناً ساتياغراهياً.
يبدو لي "طلب الحقيقة" أشد أثراً وأعمق غوراً من اللاعنف، كيف لا وهذه الاخيرة تستمد معناها من نفي صفة هي "العنف"، فيما لا تبني معناً مستقلاً عنه، فاللاعنف قد يحمل دلالة سلبية يوجبها النفي، وهو ما دفع البعض إلى تسميته "المقاومة السلبية"، وقد يكون بحد ذاته فعل مضمونه "اللافعل" وهذا والعنف في السوء سواء.
طلب الحقيقة أو الاصرار على الحقيقة هو الذي يغني الانسان عن العنف، فهو ليس بحاجة للعنف طالما أنه مقتنع بأن الحقيقة التي يحمل أقوى بكثير من أن تقاوم فضلاً عن أن تهزم، الحقيقة لا تهزم، والحق من الحقيقة جعل أفضل القواعد القانونية تلك التي تبنى على فكرة الحقوق الطبيعية للانسان.
ترى أيرعب الحراك الشعبي الاستبداد المهيمن في الأردن إلا بطلب الحقيقة والاصرار عليها؟ ففيما يصر هو على وضع كل شيء على الطاولة وتحت الضوء، يصر غريمه الاستبداد على كَفْرِ الحقائق جميعاً، فحيثما ظهر الحق زهق الباطل، والفراعين والهامانات للباطل عاشوا وبالباطل زانوا.
بدأ المهاتما غاندي رحلة الملح عابراً على الاقدام 322 كم، في الثاني عشر من آذار/مارس 1930، ليصنع الملح بنفسه من ماء المحيط رافضاً دفع ضريبة الملح للمستعمر الانجليزي، هكذا ضرب غاندي بقانون الاستبداد عرض الحائط بعد 24 يوماً من انطلاق مسيرته ومن معه، عندما غرف الملح بنفسه من المحيط، وكتب من هناك يطالب العالم بأسره بأن يتعاطف مع الهند في هذه المعركة الدائرة بين الحق والقوة.
استخراج الملح من المحيط أيسر من مهمتي كساتياجراهي أردني، ذلك اني اراني أعصر من صخرٍ زيتيٍ نفطا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج