الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الثامن من آذار والحوار ونسرين إذ تزهو عند عتبة الدار

كامل السعدون

2005 / 3 / 9
ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي


1-
_______

ها هو آذار جديدٌ يطل سيدتي ...آذار ليس ككل ما سبقه ....
آذارٌ بلونٍ ونكهةٍ جميلةٍ حد الدهشة ...
آذارٌ هبطت فيه جنود التاريخ ، ملائكة مسومين ، مثقلين بأسلحة الضرورة ورغبة التماهي والوحدة الإنسانية .
أذار.... أقتحم فيه النور جحور الفئران وأعشاش الدبابير ، ففزعت وبدأت تضرب يمينا ويسارا على غير هدى ..
إنها الحتمية التاريخية الحقيقية سيدتي ، وحدة الحضارة ...العودة إلى الواحد ...عودة الشياه الضالة إلى الأسطبل ...عودتنا ...أنا وأنتِ ومليكنا وشيخ قبيلتك إلى الحضن الإنساني الواحد .
ها هو الشرق يصحو سيدتي ، وها أنتِ في صميم الشرق وقلبه تنتفضين ...أنتِ الضحية الأزلية لهذا الإنفصال التاريخي الذي أوجده محمد واسلاف محمد .
الأنفصال بينك وبين الرجل ...الأنفصال بين الرجل وأخيه الرجل ...الأنفصال بين الحاكم ورعيته ...الأنفصال بين الكل في الشرق والكل في المحيط الإنساني العريض الذي يحتوي الشرق ويحيط به ...!
لقد نفقت أسطورة الإنفصال وأزفت ساعة ولادة التماهي العذب الذي يحفظ للفرد فرديته وللجنس جنسه وللحر حريته دون أن يتركه وحيدا ليشيخ باكرا ويموت في صقيعه .
ها هو ربيعك سيدتي فاخرجي إلى النور وشدي حزام الجد ...أستنيري ...أغرفي من كنوز المعرفة أجملها ...أتقني من المواهب أفضلها ...تعلمي ...تعلمي ...تعلمي ...تعلمي أن تعشقي بصدق ...تعلمي أن تعشقي نفسك أولا...تعلمي كيف تحبي ذاتك ...أشيائك ...عقلك ...جسدك ...كنوزك الداخلية العظيمة ...
تعلمي أن تفتخري بأنوثتك ...بقدرة الخلق لديك والتي لا يمتلكها إلا اله والأرض وأنتِ........
تعلمي أن ترفعي صوتكِ...أن تغضبي ...أن تثوري ...أن تقولي لا ...أن تطالبي بحقك في أن تكوني إنثى وأن تكوني حُرة بذات الوقت ...حُرةٍ في التصرف بما تملكين ...لأنكِ وحدكِ لكِ الحق في ما تملكين ....!
وحدكِ لك الحق في جسدكِ وعناصر كيمائك ومفردات روحك وفضاءات أنفاسك ...

سيدتي ...
هذا ربيعك فأمطري ...
هذي مواسم نضج ارضك فأزهري...
زهت الكروم وبان عذب اريجها ..
فتناوليها وأعصري ...
رحماك ...لا تتأخري ...
فلقد أضاع المعتمون شبابك الغض الطري ..
قومي أعصفي ...وتألقي وتنمري ...
وتجرأي في نزع حقك من لحى الأشياخ...
ارباب الظلالة والجهالة والفساد العاهرِ....

________________________________________________________________

2-
_______

ويحي ...
كيف يجف رحيقي في هذا اليوم المتميز...
كيف يبارحني صحوي وتضيع الكلمات ...
وإذ تُقرع أجراس الثامن من آذار ...
أجدني كالصخرة لا أهتزّ...
ويحي ..
كيف يمر العرس ...
وصوتي مخنوقٌ في الحلق.....
وحلو اللحن عليّ يعزّ...
___________________


حقيقة ...جثم جواد القريحة عند باب كهفي ، لا يحير حراكا ...بليدا يجترّ بقايا أمسه من لغو الكلمات المعدنية الباردة العقيمة .....حاولت أن أستنهضه...فلم يأبه بي ...رفسته ...لطمته ...ركلته ..فلم يحرك ساكنا ...بل كان ينظر لي ببلاهة أثارت إشفاقي ...فأرتددت إلى جحري وأنا أحتسب أمري إلى الله ...في هذا الشقي النمرود المتمرد .
كان الأمس هو الثامن من آذار ...وهذا الثامن له في النفس هوى وأي هوى ...إنه يوم المرأة .....الأم والارض والوطن والحضن والسقف والحبيبة والكف المعطرة بالرحمة ونكهة الزعفران ...!
إنه يوم أمي وتنور أمي ...يوم أختي ويد أختي التي غسلت أسمالي بيديها العاريتين مليون مرة ومرة ... إنه يوم نصفنا الأجمل والأنبل والأعذب ...والأشقى ...!
رباه كم ظلمناك أيتها الحبيبة ....؟
كم ظلمناك أيتها المرأة ...؟
كم نسيناكِ ...تجاهلنا حضورك ...أبينا أن نعي حضوركِ ...إلا حين نحتاج لكِ حسب ...!
ندعي أننا نحبك ونعيش لكِ ومن أجلكِ ...وواقع الحال أننا منشغلون بتسجيل الإنتصارات الهزيلة على روحكِ وجسدكِ وفكركِ .
حسنا ...حقيقة لم استطع يوم أمس أن أكتب ما يليق بسيدتي وتاج الرأس المرأة ...!
كتبت عن الدستور وحقوق المرأة وما أتمناه لها في هذا العام والأعوام القادمة ...وجدت الكلمات مكرورة ...باردة ...خشنة الملمس ...ثقيلة الجرم لا تليق بهذا العرس البهي الجميل الخفيف الظل ...!
وجدتني كمن يريد أن يهدي ثورا لجاره بمناسبة عقد قرانه ...!
وجدتني كمن يجر ثورا ليدخل به سرادق عرس ثم يضع الحبل في كف العروس ...وبينما هويتوجه صوب العريس مهنئا ومقبلا .....يسحب الثور العروس الجميلة نحوه ليطأ ثوبها الأبيض البهي المزركش بقدميه المثقلتين بالوحل ...!
ومرّ اليوم وكان وربي حزينا ثقيل الوطئ على نفسي ...!
وإذ أستيقظت عند ألفجر ...هرعت في الحال صوب حاسوبي العتيق الحبيب ...فتحته وتوجهت في الحال نحو البوابة الأكثر اشراقا وجمالا من كل بوابات هذا النور المعرفي الذي غزا شرقنا العليل المحتضر .
توجهت صوب الحوار المتمدن ...
كنت موقنا من أنني سأجد فرسانه والفارسات ، قد هرعوا حاملين الهدايا والنذور وقوارير العطر وأعواد البخور إلى هذا المحفل الرحب الأنيق ، تيمنا باليوم الأجمل بين الأيام ...يوم المرأة ...وعرس المرأة ...!
وصدق ظني ...فقد أجاد الأحبة والعزيزات وأبدعوا غاية الإبداع ...!
صدمتني وأنا على البوابة نكهة البخور والزعفران والنرجس المجفف والكروم وقوارير العطر ونكهات قدسية من كلمات ليست ككل الكلمات ...!
المبهر ...أن هذه الخيمة العريقة الأصيلة قد تزينت عند العتبة بزينة لم تكن عليها قبل هذا اليوم ...!
بل يبدو أنها شاءت أن تكرم المرأة عند العتبة قبل أن تكرمها في داخل الخيمة وعلى الأرائك والأسرّة ...
بوابةٌ صغيرةٌ فتحت لفنانةٌ رقيقةٌ جميلةٌ نبيلةٌ غاية النبل وشفيفةٌ غاية الشفافية .... نسرين ...!
العراقية الأصيلة التي تحمل سرّ ألق شعباد ومليكات بابل المثقلات بالقداسة ...!
الفنانة التي ترسم بريشة حمورابي العادل الذي وضع للإنسانية أول قوانينها ...!
العراقية البابلية التي تحمل نكهة بخور معبد مردوخ وإنليل وتموز ..!
العراقية التي تستنشق من أطراف أناملها نكهة جنائن بابل المعلقه ...!
رباه ....كم أحسنت خيمتنا المتمدنة إذ أكرمت بابل المقدسة العتيقة بشخص هذه الفنانة المتميزة الرائعة ، لقد أجاد أهل البيت في إستضافة هذه المرأة في يوم المرأة ...أجادوا وأحسنوا ...ونعم الضيف هي نسرين ونعم المضيف هم.... أهل الحوار ...!

______________

3-
____

هذه المرأة ...هذه البابلية أعرفها لا كما يعرفها غيري ...
أعرفها روحا عراقية مثقلة بالطيبة والوداعة والإناقة والكرم الذي لا حدود له ....
ريشتها ...ليست لها ...ريشتها للعراق والعراق اولا ثم الإنسانية عامة ...
من يتطلع في لوحات نسرين ...يعرف أي روح هي وأي موهبة جميلة هي وأي طاقات كبيرة لا زالت بعد مختزنة لم تتفجر ...!
عبر عشرات اللوحات المنشورة في حقول الأنترنت العديدة ...تجد روح نسرين وعراقية نسرين وإنسانية نسرين ...!
هي مع الحكيم إذ أستشهد فسجلت جمال وجهه العراقي النبيل ...هي مع يسوع إذ ولد ...مع ابنة الهور وهي تسوق الزورق بين قصب الهور وبرديه ...مع الغجرية العراقية ...مع الطفل العراقي الجائع ...!
نسرين في كل لوحاتها مع العراق ومع العراقيين ومع الألم العراقي المقدس ...!
وإذ أقول أن ريشة نسرين ليست لها ، فأنا أعرف أنها تجهد البصر الساعات الطوال ، لتمنح الناس فنها دون أن ترجو حتى كلمة أطراء واحدة .
لا بل ...وليت الأمر عند هذا الحد حسب ...!
كثيرون لجأوا لنسرين طالبين رسوما لأغلفة لكتب يزمعون نشرها ...كثيرون من مشرق العالم العربي ومغربه ، ووجدوا بغيتهم عندها ...منحتهم فنها حتى دون أن تسأل عن حقها الأدبي المتعارف عليه بين أهل الفن والأدب .
هذه السيدة ...هذه العراقية جديرة وربي بتلك البوابة الصغيرة المتواضعة التي فتحت لها في الحوار المتمدن ، فكم جهدت من أجل هذه الخيمة الكبيرة القلب ، وكم قدمت لنا عبر أغلفة الحوار المتعددة ، لوحات غاية في الجمال والرقة ، منحت لصحيفتنا ألقا خاصا وتميزا بين كل صحف الأنترنت .
ليس لي في الختام إلا أن أشكر هذه السيدة على كل ما قدمته لنا وللعراق والإنسانية من فن جميل أصيل .
________________________________________________________________

حسنا ...تلك هديتي المتواضعة لسيدتي المرأة في يومها الجميل المبارك ...
أستميحها العذر لتأخري في الوصول إلى موكب عرسها ...فقد خذلني جواد القريحة لا بارك الله به ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة