الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرعيان يحتقرون المرأة، ويسفحون الملايين تحت قدميها

سعد الله خليل

2005 / 3 / 9
ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي


أطلق عليها الرعيان اسم حواء، واضطهدوها، واحتقروها، واتهموها بخداع آدم - الرجل وإغوائه، وإخراجه من جنة النعيم (الذي كان سبب المعرفة، ووجود الجنس البشري)، وحملوها وزر الخطيئة البشرية الأبدية، واعتبروها مفتاح الشر والفساد، ومثيرة الفتن، فوأدوها، وحكموا على جنسها بالألم الأبدي، والتعب والعذاب، والاشتياق الدائم للرجل الذي جعلوه يسودها، ويسيطر عليها، ولم يكتفوا بذلك، بل استهانة بها واحتقارا لها، جعلوها مخلوقة من أضعف أضلاع الرجل، وأكثرها اعوجاجا، بالرغم من أنهم يعلمون أن رجلهم هذا، بل البشرية بكاملها، بما فيهم أنبيائها ورسلها وعظمائها وعلمائها وقادتها، قد تكوّنوا واكتملوا نموا في رحمها الصغير، ومنه ولدوا وخرجوا إلى النور والحياة.
وقبل أن يضطهدها الرعيان، ويطلقون عليها اسم حواء، كان اسمها: الأم الكبرى، وإنانا، وعشتار، وإيزيس أو الأم الإلهية، وفينوس، و ستناي*، و(اللات والعزى ومناة، أعلى آلهة العرب شأنا، وكان أسمهن يذكر عند الطواف حول الكعبة) وكانت تدعى سيدة الحكمة، وسيدة النواميس الإلهية التي هي أساس الحضارة وعماد العمران، وكانت نور العالم، ونور السماء، ونجمة الصباح التي بظهورها تسطع الأنوار وتتجدد الحياة، وبغيابها تغيب وتنطفئ ويسود الظلام، كما كانت آلهة الخصب وسيدته، لأنها أول من بذر حبة القمح في التراب، بفضلها تفيض الغلال، وهي أول من جاءت بشعلة النار الأولى إلى الأرض، بعد أن سرقتها من القمر، وهي أيضا سيدة الفطنة والذكاء والولادة، وآلهة الحب والجمال، وحامية الشباب الغض، إن عاشرها الوضيع صار ملكا، **
لم يضطهد أحد المرأة كما اضطهدها الرعيان، ولم يسلبها أحد حقوقها كما سلبها الرعيان، ولم يحتقرها أحد كما احتقرها الرعيان. ولم يسفح أحد الملايين تحت أقدامها مقابل ساعة واحدة في أحضانها كما سفحها الرعيان. ولم يبق أحد في الكون يعادي المرأة سوى الرعيان! ولم يحافظ أحد على تخلفه وجهله وأمراضه وغطيطه وعناده سوى الرعيان.
في كل بقاع الأرض تُنتخب المرأة وتنتخب، إلا لدى الرعيان، فإنها تُهمّش وتُضطهد، تضطهد باسم الدين، تُضطهد باسم الشرف، تُضطهد باسم العادات والتقاليد، تُضطهد بحجة الأمومة، تُضطهد بسبب العادة الشهرية التي لولاها لما استمر الجنس البشري، وانقرض، تُضطهد بادعاء صونها والمحافظة عليها، تضطهد في استقبالها كمولودة، وفي تربيتها، وتعليمها، وتزويجها، وفي المناهج التربوية، وهي في نظر هؤلاء الرعيان، سبب الفتن، وسبب الفقر والمرض، وسبب الجوع، وسبب الطلاق، وسبب الهلاك، وسبب الكبت والإرهاب والزواج بأربع، وسبب كل ما يحل بهم من مصائب ونوائب وبلاء، وربما كانت سبب القحط والجفاف، وسبب الفيضانات والزلازل والبراكين.
يتألف المجتمع، أي مجتمع، مناصفة من رجل وامرأة، بمعنى أنه يسير على قدمين اثنين إن صح التعبير، والمجتمع الذي يهمش نسائه، وينظر إليهن كإماء وعبيد، أو ناقصات عقل، ويحرمهن من المشاركة في تقرير مصيرهن ومصير أبنائهن، هو مجتمع عاجز أعرج يسير على قدم واحدة، لا يستطيع مماشاة العالم، وغير قادر على التطور والنمو.
ولا يمكن لأي دولة أو مجتمع أن يدعي أنه متحضر، أو ديمقراطي، ويؤمن بالعدل والمساواة، ما لم ينل كل أبنائه، نساء ورجالا حقوقهم على قدم المساواة دون أي تمييز، ويتمثلون في كل مناحي الحياة وعلى رأسها التشريعية والسياسية.
* ستناي: أهم شخصيات أساطير النارتيين (الشراكسة) وهي بشر كامل وليست إلها أو من أنصاف الآلهة.
** أساطير آرام – الدكتور وديع بشور / لغز عشتار – فراس السواح / الميثولوجيا – اديث هاملتون








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إصابة مباشرة لصاروخ أطلق من لبنان على منزل بمستوطنة كريات بي


.. أسامة حمدان: خطة الجنرالات هي أكثر الخطط العسكرية انحطاطا وأ




.. كيليان مبابي في دائرة الشبهات


.. ماكرون يذكر بأن إسرائيل أنشئت بقرار أممي ونتانياهو يرد بأن -




.. استطلاعات رأي -جنونية- حول حظوظ كامالا هاريس ودونالد ترامب ف