الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روسيا و معركة استعادة النفوذ

حزب الكادحين في تونس

2012 / 11 / 11
مواضيع وابحاث سياسية



يبدو الوضع العالمى مفتوحا على تغيرات في المدى القصير والمتوسط فالهوة تتعمق بين ألشعوب و الأمم المضطهدة من جهة و الامبريالية من جهة ثانية و التناقض بين البروليتاريا و البرجوازية ينفجر بين الفينة الأخرى مثلما تبينه الأحداث في اليونان و اسبانيا كما ان الصراع بين الامبرياليات يخفت حينا و يستعر أحيانا أخرى .
لقد تحددت ملامح هذا الوضع خاصة بعد انتصار الثورتين المضادتين في روسيا و الصين في الخمسينات و السبعينات من القرن الماضي و ما تبع ذلك من تفكك الامبريالية الاشتراكية السوفياتية في التسعينات و هو ما أحدث ضررا كبيرا للبرجوازية الحاكمة في روسيا التى سنحاول هنا رصد بعض وسائل عملها راهنا في سبيل تحقيق مصالحها في مواجهة الكتلة الامبريالية الغربية المكونة من الولايات المتحدة و الاتحاد الاوربى .
لعل مما له أهمية كبرى لفهم الوضع السياسي في روسيا اليوم التذكير بتصريح الرئيس الروسى الحالي فلادمير بوتين في إحدى اللقاءات الصحفية ان اكبر كارثة عرفها القرن العشرين هى انهيار الاتحاد السوفياتى فالفترة المؤقتة التى تولى خلالها ايلتسين الحكم الموسومة بالاضطراب سرعان ما تلتها فترة من الاستقرار تعاقب فيها على رئاسة الدولة كل من بوتين و مدييداف و بدت خلالها السلطة الروسية معنية باستعادة أمجاد الامبراطورية السوفياتية سواء كان ذلك بالتمدد على حساب الجمهوريات السوفياتية السابقة حتى لو تطلب الأمر استعمال السلاح مثلما حدث بالنسبة الى جورجيا او من خلال التدخل في العملية الانتخابية لفرض انتصار أحزاب موالية و هو ما حدث و يحدث في أوكرانيا و ليتوانيا و أخيرا في جورجيا نفسها .
من بين الوسائل المعتمدة من قبل السلطة الروسية لتحقيق الأهداف المشار إليها التدخل في العملية السياسية و خاصة الانتخابات البرلمانية في البلدان المحيطة بها بضخ المال السياسي و توجيه الإعلام و ممارسة الضغوط الاقتصادية و حتى العسكرية و هى تجارى في ذلك ما تستعمله الامبرياليات الغربية للسيطرة على هذا البلد او ذاك و قد حالف هذه الوسائل النجاح في عدد من البلدان و هذه بعض الامثلة :
اوكرانيا : بعد فترة من التوتر في العلاقة مع هذا البلد وصلت حد فرض عقوبات اقتصادية عليه أمكن لروسيا استعادة نفوذها فيه بعد دعمها لحزب الأقاليم الذى نجح في إزاحة القوى السياسية المرتبطة بالامبرياليات الغربية وصولا الى إيداع رئيسة الحكومة السابقة السجن ، و للمرة الثانية نجح هذا الحزب في السيطرة على البرلمان بمعية الحزب " الشيوعى " الاوكرانى بعد ان فازا بأكثر من نصف المقاعد في البرلمان .
و مثلما تجرى الأمور في الديمقراطيات البرجوازية كانت هناك عمليات بيع و شراء للأصوات بل للنواب الاوكرانيين أنفسهم حتى ان عددا لا باس من النواب التابعين لحزب ايويلا تيموشنكو " تحالف الوطن " غيروا لونهم الحزبى اثر سقوط حزبهم في الانتخابات السابقة و أصبحوا ينتمون لحزب الأقاليم للإفلات من الملاحقات القضائية بسبب تورطهم في الفساد المالي و هو ما يذكر بما يجرى لبعض نواب المجلس التاسيسى في تونس الذين ينتقلون من حزب الى آخر لأسباب معروفة .
لقد اصيب الامبرياليون الأمريكيون و الاوربيون في صراعم مع الامبرياليين الروس على اوكرانيا بالصدمة اذ كانوا ينتظرون ان يتحول هذا البلد الى تابع لهم و لكن روسيا مستفيدة من عوامل مختلفة أمكنها افشال مخططاتهم و اليوم لا يجد الاتحاد الاوربى من وسيلة في مواجهة التمدد الروسى في اوكرانيا غير التنديد بانعدام العدالة و التشهير باستبداد رئيس الوزراء و تجميد توقيع اتفاقيات مشتركة و فى الوقت نفسه تندد منظمات غير حكومية أمريكية و أوربية باستعمال الاجهزة الادارية لصالح مرشحى حزب الاقاليم و توظيف المال لشراء الاصوات و هو ما لا تقوم به عادة عندما يتعلق الأمر بانتخابات تكون نتيجتها لفائدة الامبرياليات الغربية .
ليتوانيا : ما حدث في ليتوانيا خلال الأيام الأخيرة مشابه لما حصل في اوكرانيا فقد حقق " اليسار " الموالى لموسكو نتائج مهمة خلال الانتخابات البرلمانية التى جرت في شهر اكتوبر بينما تراجعت الأحزاب الموالية للامبرياليات الغربية و يمكن للحزب الاشتراكى الديمقراطى المتحالف مع حزب العمال و حزب النظام و العدالة تشكيل الحكومة المقبلة والملاحظ ان رئيس حزب العمال ولد في روسيا و هو رجل أعمال جمع ثروة طائلة من توريد الغاز الروسى و قد اتهم سنة 2006 بالتهرب الضريبي فلجأ الى روسيا قبل أن يعود لاحقا الى ليتوانيا و يخوض الانتخابات الاخيرة ، و قد وعد " اليسار " الليتوانى بإعادة الروح للعلاقات الروسية الليتوانية و في نفس الوقت المحافظة على هامش واسع من الحركة في علاقة بالامبراليات الغربية فليتوانيا تستعد لتسلم رئاسة الاتحاد الاوربى سنة 2012
جورجيا : في نفس الوقت تقريبا انتظمت انتخابات نيابية في جورجيا و قد فاز فيها ائتلاف الحلم الجورجى بقيادة بيدزينا إيفانيشفيلي و هو رجل أعمال تدعمه روسيا ، متغلبا بذلك على الحركة الوطنية الموحدة بزعامة الرئيس المتخلى ميخائيل سآكاشفيلي و اللافت للنظر ان أولى التصريحات التى أدلى به بيدزينا انصبت على تبرئة روسيا من تهمة الاعتداء على جورجيا خلال الحرب الأخيرة فقد قال ان تبليسي هي من بادرت بالحرب في أغسطس/ آب عام 2008، و يملك بيدزينا إيفانيشفيلي شركات ضخمة في روسيا و عندما حرم سابقا من الجنسية الجورجية مكنته روسيا من الجنسية الروسية .
وفي تعليقه على نتائج الانتخابات الجورجية تمنى وزير خارجية روسيا لافروف عن أمله في أن تؤدى الى طى صفحة الماضي و تطبيع العلاقة بين البلدين و بين جورجيا و ابخازيا و اوسيتا الجنوبية الاقليمين المتحالفين مع روسيا .
و ما يمكن استنتاجه هو ان الامبريالية الروسية تحاول الآن استعادة ما خسرته من مناطق نفوذ سواء عبر ضربات عسكرية خاطفة او من خلال الديبلوماسية و السيطرة على الحياة السياسية في البلدان المجاورة معتمدة نفس أساليب الولايات المتحدة الأمريكية .

جريدة طريق الثورة عدد نوفمبر 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر