الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص قصيرة بصراوية

فاطمة المانع

2012 / 11 / 12
الادب والفن


فاطمة المانع
قصص قصيرة بصراوية
(1)
آدمية
عندما عادت الحياة الاعتيادية بعد الحرب إلى البلاد وفتحت المدارس أبوابها من جديد، رفضت نورية الذهاب إلى مدرستها وفضلت البقاء في البيت للاجتماع اليومي مع الأقارب والأصدقاء وسرد الأحاديث التي لا أوّل لها ولا آخر. إلا أن أخاها رفض ذلك وأراد فرض إرادته عليها، لذا لم تَرَ نورية حلاً سوى أن تترك بيت والديها وتذهب للعيش في بيت عمتها. استقبلتْها عمتها الحنون بالترحاب وبكلمات المحبة و الأهلاً وسهلاً، أكدت لها إنها ما دامت موجودة على قيد الحياة سوف لن تسمح لهم بأخذها إلى المدرسة إطلاقا، فاستكانت نورية مطمئنة محتمية بها. كانت هذه القريـبة تسكن في إحدى قرى البصرة المجاورة ، حيث يجتمع في بيتها كلّ يومٍ جمع من الأقارب والأصدقاء جالسين وسط الغرفة حول منقلة الشاي التي وجدت نورية نفسها معهم قربها . كان أحد الحاضرين من المدمنين على التدخين يرسل سيجارته من يد إلى يد لتصل إلى نورية كي تورثها له من خلال الجمر الملتهب أمامها، ثم تُعاد السيجارة إليه بنفس الطريقة مرة أخرى. في إحدى المرات قال لها متلطفاً بصوت عالٍ : "نورية خذي نَفَساً من هذه السيجارة ." فلم تكذِّب الأخيرة خبراً، ولم تأخذ نفساً واحداً بل أخذت أنفاساً واستمرتْ تأخذها .
بعد فترة شهرين قالت لها العمة دعينا نذهب إلى البصرة معا، فلم تمانعْ لوثوقها منها. سافرتا سوية
لزيارة بيت والديها. قال لها أخوها : " أتحسبين أنني أرغب في دخولك المدرسة من أجل أن آخذ راتبك بعد تخرجك ؟! إنني فقط أريد أن تكوني آدمية عندما تتحدثين."

(2)
الموضوعي
كان معروفا بصراحة محببة وأن كانت تجرح قليلاً في بعض الأحيان، إلا أن أصدقاءه يتقبلونها برضىً . ظلتْ آراؤه بصورة عامة تتصف بالموضوعية، فقد حباه الله عقلاً قليلاً ما تؤثر عليه العواطف إن كانت هوجاء أو غير هوجاء. جاءت إليه جماعة من اليسار السياسي بالبلد قائلين له منْزعجين: كيف يدخل مدير البحرية الأجنبية ويحل ضيفاً على محاسب المدينة وبلدنا بلد مستقل كما يُقال . أجابهم قائلاً :" إنها زيارة رسمية وبموافقة الحكومة، وأريد أن أسألكم بالله سؤالاً واحداً : ماذا سيحصل إذا دخلتْ مياهَ شط العرب غداً أو بعد غد باخرةٌ روسية !؟" ظلوا صامتين لفترة، وكان أحدهم مديراً له في مرحلة من مراحل الدراسة، التفت عليه أخيراً قائلا له : حقاً إن التلميذ أستاذ ونصف.
(3)
الرد المبهج
من المعروف أنه عندما يكوّن له علاقة صداقة تُصبح بظرف يوم أو يومين علاقة حميمة. اتصل به أحد الأصدقاء هاتفياً في أحد الأيام، أخبره أن ابنه سيذهب في سفرة مدرسية غداً وهو بحاجة إلى صمون لعمل " ساندويتش" فهل ممكن تزويدنا بشئ منه إذا كان متوفراً في بيتكم وسوف نعوضكم ببعض أرغفة خبز بدلا منه بالمقابل. ردّ صاحبنا: " والله يا أبو أحمد خبزكم ما ينعاف( لا يُرد)"

( 4)
عواطف متبادلة
كان رئيس تحرير إحدى الصحف العراقية في بداية السبعينات للقرن العشرين، يُنظر إليه على أنه شخص برجوازي. ظل يبتعد عنه ، بطبيعة الحال، كل من له ميول رائحتها يسارية. في ذلك الزمان كانت المؤتمرات واللقاءات على قدم وساق بمناسبة وبلا مناسبة. يُقال إنه في إحدى اللقاءات صادف والتقى الشخص البرجوازي ، كما يقال، مع رئيس إحدى الصحف اليسارية، وهات يا قُبَل واحتضان معه. بعد يومين لوحظ بأن جماعة اليسار بدأت تتوافد على مقر الصحيفة لنشر ما لديها من مقالات وأبحاث وأشعار. في أحد الأيام جاء أحد المساهمين القدامى إلى الصحيفة لنشر ما لديه فيها على شكل مقالة صغيرة ، فقال له رئيس التحرير البرجوازي ،معتذراً:
" لا يوجد لك مكان شاغر على صفحات الجريدة، للأسف".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر.. -الفقيرات- موسيقى تضم تواشيح دينية وأغاني تراثية


.. مباحث التمثيل قبضوا عليهم?? الكوميديا في مسلسل مين اللي صاحب




.. مؤلف فيلم السرب : تحضير الفيلم استغرق وقت طويل.. عمر عبد ال


.. لماذا قاطع طلاب خطاب الممثل جيري ساينفيلد؟ • فرانس 24 / FRAN




.. عادل إمام: أحب التمثيل جدا وعمرى ما اشتغلت بدراستى فى الهندس