الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة فتاة تشبهني

بن ورقلة نادية

2012 / 11 / 12
الادب والفن


فوق الحروف الهاربة من معتقدات اللغة عاد وهج الكتابة الى مريضتي التي أسعفتها بعد أن خرجت معها في نزهة على شاطئ بعيد . هنا ارتدت لباس الصمت الشتوي و اعتذرت من سباتها اللغوي و لكني عذرتها فليست الوحيدة التي آويتها و سقتها من منحدرات الهوى الذي ابتاعته خلسة في إحدى الحفلات الرسمية . لا أدري كيف لهذه المرأة الجميلة الني لطالما شهدت لها على شجاعتها و إقدامها على الحياة كيف أن تصل الى هذه الحالة بعد أن امتحنتها الحياة فأهدتها مغامرة غرامية كادت أن تعصف بها و تحيلها الى التقاعد بعد أن إستعصت عليها الحيل للخروج من معتقلها الذي سلبها هويتها و منحها شخصية انتحلتها مرغمة و ها هي اليوم أمامي أراقبها عن قرب. بعد أن زرتها و أخرجتها عنوة و جئت بها الى هنا علها تستعيد جزءا من ماضيها الذي لم تعثر عليه بعد . ها هي الآن تجلس بمفردها تضع كتابها الى جانبها و تتحدث في صمت . فأردت أن أجلس بالقرب منها و النظر اليها ،فتحدثت لي قليلا ثم صمتت ، و نهتني من خوض غمار امتحان لم أمعن في التحضير له من قبل فليست كل النجارب ناجحة و لا كل النتائج عادلة . لم أتمكن في البداية من تشفير سجلات الحياة و تعديل البعض من أجزاءها . لم أتمكن من مواصلة الحديث معها بعد أن صدتني في صمت لأعود و أغفو قليلا .فلم اتمكن من النوم منذ أيام أغالب نفسي لأبقى مستيقظة طوال الليل لأهدئ من روعها بعد أن ألمت بها نوبات البكاء الشديد في عرض الليل و ها أنا اليوم أضمد جروحها التي لم تلتئم بعد . عدت اليوم أزوال هواية الكتابة على مضض فقد طويت كتبي و أودعت ملفاتي التي تحوي أوراقا مهترئة لطالما جابت معي أماكن مختلفة ووضعتها في درجي مكتبي و أحكمت عليها الغلق و عدت الى مدينتي أمارس هواية التمثيل لأنسى الكتابة التي غمرتها بود كبير ثم خرجت منها بعد تردد طويل و بحثت لي عن هواية أخرى . كيف لي أن أزاول أكثر من هواية و أنا التي كنت مشحونة بألق الكتابة و حبها المحموم فكنت أطيل المكوث في مكتبي لساعات طوال أبتعد فيها عن موطني ، عالمي و أذهب لأعبر مدنا أخرى لأعود محملة بالأشواق ، ثم أعانق الأوراق ،أضع رأسي على مكتبي و أغمض عيناي لأنام جالسة على الكرسي أرفض فكرة المغامرة حتى لا يغادرني هوس الإبداع . سألت نفسي ماذا حل بي لماذا تغيرت بهذا الشكل لماذا عدت الى هناك و عزلت نفسي عن حياة كنت قد ألفتها و إعتنيت بها و رغبت في أن أزاولهاالى الأبد . أهذه النكسة التي أصابت صديقتي جعلتني أعود بها الى هنا أو أنني أنا من كنت بحاجة للعودة من جديد بعد مرور وقت طويل لأجدني هنا . أخفيت وجهي في كتابي و استلقيت على أريكيتي و بكيت بعد أن استبدت بي الظنون . هل طالني هذا الجنون الذي جاءني من مكان مجهول فأغمضت عيناي . لا أدري كم من الوقت أمضيت و أنا على هذه الحال ثم استيقظت على صوت يوقظني بهدوء . أسرعت في العودة الى طبيعتي محاولة إخفاء شكوكي على صديقتي التي لطالما فهمت أفكاري . جلست بجانبي فنظرت اليها . فوجدتها مبتسمة فرأفت لحالها و أنا أحدث نفسي أظنها قد تعافت بشكل جزئي . فمسكت بيدي و شكرتني على فكرة المجيء بها الى هذا المكان الذي ساعدها على استعادة رشدها بعد أن استعبدها رجل لا يفقه في الحب الا حكايات زمان . و اقتربت مني فاحتضنهتها و بكيت لبكائها . و عادت لتواصل الحديث بصعوبة فدعوتها للخروج من مكتبي و الذهاب بها الى غرفتها . فرفضت لأنها رغبت في التحدث الي في هذا المكان الذي لطالما أبديت رغبة ملحة في العودة اليه من جديد و التمسك به . ربما يستعصى علي الشفاء من تجارب الحياة القاسية الا بالرجوع الى هذا المكان الذي يؤمن لي السكون و الهدوء . شعرت و أنا أستمع اليها أنني أنا من كنت أتألم و أنها هي من جاءت بي الى هذا المكان لتعود بي الى هنا و ها هي اليوم تحدثني في غمرة السكون الذي يوشك أن يقطع الصمت ليتحدث هو . رأفت لحالي فيبدو أنني كنت أغالب ضعفي بعد أن انفصلت عن هذا البيت الذي لطالما ملئته بصيحات الفرح بعد أن أنتهي من انجازكتاب . منذ متى لم أكتب ، كم من القصص التي بترتها و أبقيتها رهن الحجز .كم من النهايات السريعة التي اكتوت بالعجز بعد أن جرحتها و سكبت عصارة توهمي و مضيت لأتركها تنزف . ففقدت وهجهها و ألمها فطالها الهزال .و استبد بها الآلم . كم من القصص تحدثت ا اليها و عدت لأمارس غضبي عليها فلم تنمو و تكبر و بقيت نصف فارغة و رجوتها بعد أن عدت اليوم فوجدتها قد أينعت ثمارا كنت قد أسقطتها . و لم أعد لإستردداها فبقيت عالقة لم تسقط و لم تنضج .التزمت الصمت هنا جاء دوري لأراجع نفسي و عدت لأقلب دفاتر عمري ,و تصفحت روايتي و قصصي التي لم أمهلها الكثير من الوقت فوجدتها قد تلونت و هاهي اليوم ماثلة أمامي أنظر اليها في استحياء . أطلت مدة مكوثي و عدت أحدث صديقتي التي عاد اليها بريقها .فشكرت بإمتتنانها و عادت هي الأخرى لتنظر لي بحنان و ألق زائد . فدعوتها للخروج للتنزه فقبلت . فأغلقت البيت و ألقيت عليه نظرة حب كبير . في هذه الأثناء تلقى مدير المسرح رسالة استقالتي يمعن في النظر إليها يقرأها ببطئ و عندما انتهى منها عاد ليمسك بها ثم ابتسم فقد سعد بقراري بعد أن عدت الى حياتي . فلا يمكنني بعد اليوم أن أطيل المكوث في مكان كنت أتوهم بأنه يحتويني و لكني كنت أغالي في الخطأ ,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط