الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابنة -تشي- تجاهد للحفاظ على صورته كثوري مثالي !؟

سعدي عبد اللطيف

2012 / 11 / 12
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


بعد أربعين عاماً على رحيله

ابنة "تشي" تجاهد للحفاظ على صورته كثوري مثالي !؟

تريسي مكفيغ
ترجمة : سعدي عبد اللطيف

بعد أربعين عاماعلى رحيله تناضل ابنة تشي جيفاراالقادمة من جزيرة الحرية للحفاظ على تراثه. فقد كان عمر ألييدا جيفارا سبع سنين فقط عندما استشهد والدها، وها هي تتحدث عن حياتها في ظل قائد أطبقت شهرته الآفاق!

لها عينا أبيها وثبات نظرته التي غدت رمزا للقرن العشرين. كماتمتلك احساسه العميق باللاعدالة الاجتماعية، لكن الدكتورة ألييدا جيفارا تدرك انه تحتم عليها دوما القبول بان يشاركها العالم "بأبيها".وبرغم لامبالاتها حيال طبع صورته على اللافتاتوالبوستراتوالبطاقات البريدية او استخدامها في صناعة الأعلام وفي اللوحات الفنية ورسوم الغرافيك والقمصان الرياضية، الا انها وعائلتها تحاولان اعتماد مواقف أكثر صرامة ضد الاستخدامات "السيئة" لصورة أبيها الشهيرة التي التقطها المصور الكوبي الشهير البرتو كوردا عام 1960. وهو أمر ليس باليسير لاسيما بالنسبة لصورة اعيد انتاجها بما لا يحصى من المرات. وتقول الدكتورة جيفارا مبتسمة "ليس الأمر سهلا! نحن لا نريد فرض قيود على الصورة هذه، ولا نسأل اموالا، لكن يشق على انفسنا أن يجري استغلالها بهذا الشكل، في وقت يعرف البعض ما ترمز اليه والبعض الآخر لايعرف. لكن أعتقد انها استخدمتعلى العموم بشكل جيد".

ويتصادفهذا الشهر مع مرور 45على استشهاد أرنستو "تشي" جيفارا، الثائر الذي التحق بالثورة الكوبية ليكون واحدا من أبرز قادتها وليغدو أيقونة لكل الثوار في العالم.وتصادف هذه السنة، أيضا، مرور 50 سنة على اعلان الولايات المتحدة الأمريكية الحصار على كوبا، تجاريا، وحظرالسفر اليها في محاولة بائسة لخنق الثورة في مهدها. فلقد انفقت أمريكا، طوال هذه السنوات، ملايين طائلة من الدولارات على بث الدعاية المعادية للثورة الكوبية عبر محطات الاذاعة أو التلفزيون، فيما منحت المهاجرين الكوبيينالمعادين للثورة وحدهم، حق الحصول التلقائي على الجنسية الأمريكية. وكل هذا نكاية بكوبا التي يتمتع مواطنوها جميعا بحق التعليم المجاني وحق الرعاية الصحية والتي تفوق في مستوى حياتها مثيله في دول العالم أجمعين باعتراف الغرب، والتي أوفدت الى جمهورية فنزويلا آلاف الأطباء والممرضين والممرضات لمساعدتها في تأسيس نظام صحي مجاني وأنساني حقا!

لكن الدكتورة جيفارا في المملكة المتحدةالآن لمناسبة أخرى، وهي مرور 14 سنة على اعتقال مايطلق عليهم(سجناء ميامي الخمسة) وهم خمسة مواطنين كوبيين معتقلين في أحد سجون ميامي بولاية فلوريدا الاميركية بتهمة التغلغل في المنظمات الإرهابية المعادية لفيدل كاسترو والتي تتخذ من ولاية فلوريدا مقرا لها بهدف الكشف عن مخططاتها ضد كوبا. والدكتورة القادمة من هافانا وعمرها 51 عاما حاليا، جاءت لتقود تظاهرة أمام السفارة الأمريكية تستمر حتى الصباح، ولعدةأيام للمطالبة بأطلاق سراح هؤلاء الأبرياء كما دأبت على تأكيده الحكومة الكوبية. وتقول أليدافي هذه المناسبة:" أنا لست سياسية، لكن اناضل تحقيق من اجل تحقيق العدالة وهو ما افعله طول حياتي".

فلقد كان عمرها سبع سنوات عندما ضحى جيفارا بحياته في قرية صغيرة نائية في بوليفيا، اذ ساهم عملاء المخابرات المركزية الأمريكية الى جانب مجموعة من العسكريين البوليفيين في وضع حد لحياة هذا الثوري المغوار. ولأنها لا تملك الا ذكريات مبهمة عن أبيها، ولأجل التعرف على شخصيته، فقد اعتمدت على مذكراته وذكريات الآخرين ومن بينهم فيدل كاسترو الذي تناديه بلقب "عمي".

وتقول ألييدا، "لقد حكى لي فيدل كثيرا من القصص الجميلة عن أبي، لكني لا أثقل عليه بالأسئلة لأنه يبلغ حافة الانفجار، عاطفيا، عند تذكر ال "تشي" مثلا، وتقول ايضا: "كان خط كتابة والدي سيئا تماما، لذا طلب من أمي أن تفك حروف مذكراته" مضيفة "وعندما جاء راوول كاسترو الى بيتنا لأخذ المخطوطة، قالت له امي التي كانت تعرف ان فيدل و راؤول يحتفظان هما أيضا بمذكراتهما: "اذا صادف وجود مسائل مختلف عليها في مذكراتكما، ينبغي الاعتماد على المصدر الأساس الا وهو مذكرات تشي لأنه ليس حيا بيننا كي يدافع عن نفسه".وعندها انتاب راؤول انفعال شديد، ورد قائلا: " لا تقولي هذا، بل ان تشي حيّ بينناما دمنا فيدل وأناعلى قيد الحياة.. فهو معنا على الدوام.، ثم اجهش راؤول وامي بالبكاء. وتقول ألييدا عن ابيها " أذا لم يمت تشي في بوليفيا، لمات في الأرجنتين وهو يناضل من أجل تغيير الحياة هناك، بل لربما كنا شهدنا اليوم قارة جديدة كليا. وتقول لي أمي على الدوام لو كان أبي حيا الآن لكنا عشنا حياتنا ككائنات بشرية بشكل أفضل تماما ."

ففي عام 1952، كان ارنستو طالبا في كلية الطب في الأرجنتين عندما قام بجولة، على الدراجة النارية لتشمل كل أمريكا اللاتينية وليصاب بالفزع عندما شهد بأم عينيه الفقر والبؤس والمرض وقد اجتاحت سكان القارة. وليتجه بعد تلك الجولة، الى بلورة نظريات سياسية وليحمل السلاح بعد ذلك ويلتحق بالثورة الكوبية التي اطاحت بنظام الدكتاتور الفاجر باتيستا.

وعندما هرب الأثرياء والعديد من الطبقة الوسطى الى ميامي أظهرت الولايات المتحدة عداء لدودا تجاه كوبا، وقد تعمق هذا العداء طوال العقود اللاحقة التي شهدت تعاقب عدد مهم من الروساء الذين حكموا امريكا منذئذ. أما وعود اوباما في حل المعضلة الكوبية فلم تصل الى أي نتيجة لحد الآن. اذ تقول أليدا عنها "كانت لنا آمال عظيمة، لكن اوباما خيب ظنوننا. ولربما غدت الأحوال اسوأ بكثير حتى الآن".

وتعتقد ألييدا ان الثورة تغلي في ربوع أمريكا اللاتينية حاليا وتزداد بسرعةعمقا الفجوة العميقة بينألأغنياء والفقراء وهي تلقي اللوم في ذلك، كما فعل ال "تشي"، على عملية التصنيع الوحشي الزاحفة بشراسة والتي تقودها الولايات المتحدة. وتضيف ألييدا "ان هذه الأزمة الاقتصادية تشكل خطرا كبيرا على أمريكا اللاتينية أكثر بكثير مما مر عليها سابقا. فالأمر لم يعد يتعلق الآن بالبترول فقط، بل تريدالولاياتالمتحدة المياه أيضا فيما تدمر البرازيل غاباتها المطرية للتنقيب عن الحديد،وتدفنالمكسيك النفايات المهلكة في اراضيها، ويتم تدمير جميع انواع الأراضيحتى هذه اللحظة."

وعن ابيها تروي آلييدا: "بالطبع كنت غاضبة أن أعيش بدون أب، لكن أمي ظلت تقول لي: أحبي ابيك كما عرفه العالم، رجل فعل ماكان يريد أن يفعله. اذ مات ابي وهو يدافع عن مثله العليا. وظل حتى اللحظة الأخيرة وفيا لما كان يؤمن به. وهذا ما يعجبني بأبي."

لكن ماتفتقده هو مشاكسته: "عندما كنت في السادسة من عمري، كتب لي رسالة يطلب فيها مني أن أكون عاقلة وان اساعد امي في شوون المنزل اليومية. لكنني شعرتبالغضب لأن رسالة أخرى من أخي تقول "سأطير بك الى القمر" فيما كتب هو في رسالة الى أخي "سنذهب معا يوما للقتال ضد الإمبريالية." اذ أصابني ضيق شديد- فلقد كنت أريد الذهاب الى القمر، لكن لماذا لا أستطيع القتال ضد الإمبريالية انا ايضا؟"

وألييدا، وهي الأكبر بين أربعة أبناء من زوجته الثانية التي أسمها ألييدا أيضا، تؤكد الآن: "لم تكن لنا امتيازات خاصة بنا كأبناء لجيفارا. بل لم يكن حتى زملائي يعرفون من أنا حتى ظهوري على شاشة التلفزيون لأول مرة عام 1976.لكن المهم الآن ان لا نمكث ساكتين بينما هناك ظلم مخيف يهيمن على العالم."


نقلا عن صحيفة الاوبزرفر البريطانية










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة