الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورتان غالبا للإنتقال من حقبة لأخرى

أحمد حسنين الحسنية

2012 / 11 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


ما يخفف الإحساس بالألم الناتج عن فشل ثورة 2011 في تحقق الأهداف التي وضعت لها ، و منها إقامة دولة ديمقراطية عادلة ، هو قراءة التاريخ للتعلم منه .

من التاريخ نعرف إننا - كشعب - لسنا وحدنا بين شعوب العالم التي لم تستطع الإنتقال من حقبة سياسية إلى أخرى ، في ضربة واحدة ، أو ثورة واحدة .

في هذا الشأن الأمثلة متوافرة ، و متعددة ، و سأكتفي اليوم ، ظهيرة الثلاثاء الثالث عشر من نوفمبر 2012 ، ببعضها .

في فرنسا إقتحمت جماهير الشعب الفرنسي الباستيل ، رمز القهر ، و أعدم الشعب الفرنسي الملك لويس السادس عشر ، رأس النظام الذي ثار عليه الشعب ، و ذلك في أواخر القرن الثامن عشر ، و لكن لم تسقط تلك الأسرة الملكية تماما ، إلا في ثلاثينيات القرن التاسع عشر ، و لم تعد بعدها للحكم ، بل و لم يعد الحكم الوراثي ثانية لفرنسا ، و فشلت محاولة نابليون الثالث العودة بالشعب الفرنسي لذلك النظام الرجعي .

في بريطانيا عندما نشب صراع بين البرلمان و الملك تشارلز الأول على السلطة ، إنتهى الصراع بإعدام ذلك الملك في يناير 1649 ، و لكن إعدامه لم يكن نهاية المطاف في الصراع بين البرلمان ، كهيئة ممثلة للشعب ، و بين الملكية ، على السلطة الحقيقية ، و لم يكتب النجاح النهائي للشعب إلا في عام 1688 ، في ثورة برلمانية بيضاء أطاحت بالملك جيمس الثاني ، و ألقت به إلى المنفى .

في روسيا حاول الشعب سلميا في 1905 تغيير الأوضاع المزرية التي كان يعيش فيها معظمه ، من خلال ثورة سلمية ، و لكنه لم يلق إلا الرصاص ، و الهروات ، فكانت ثورة 1917 ، و هي الثورة التي تصور خطأ على إنها ثورة بلشفية ، بتجاهل حقيقة أن البلشفيين لم يكونوا سوى فصيل واحد ، صغير ، من فصائل عدة ، و إنهم - أي البلشفيين - قاموا بعد نجاح الثورة في الإستيلاء عليها ، كما حدث في إيران ، التي تصور ثورتها على إنها ثورة فصيل واحد ، هو فصيل الخميني ، بتناسي إنها كانت ثورة شعب بأكمله ، و فصائل سياسية متعددة ، و يشهد على ذلك التركيبة السياسية التي حكمت إيران في الشهور الأولى التي تلت سقوط الشاه .

الخلاصة هي : أننا كشعب لسنا وحدنا في الفشل في تحطيم حقبة ، و تأسيس أخرى ، بثورة واحدة ؛ فقد قامت شعوب أخرى ، بثورات أكبر من ثورتنا ، للإنتقال من حقبه لأخرى ، كما حدث في كل من بريطانيا ، و فرنسا ، و روسيا ، و لكن لم يفلح أي شعب من الشعوب الثلاثة المذكورة في الإنتهاء من الحقبة القديمة الممقوته لديه بثورة واحدة .

لقد كانت هناك غالبا ثورتان لكل شعب ، يمكن تصنيفهما إلى : ثورة كبيرة ، و أخرى صغيرة .

بالتأكيد لاحظ القارئ الكريم أن الفترات الزمنية الفاصلة بين كل ثورة و أخرى ، في كل بلد من البلدان الثلاثة ، كانت طويلة ، و لكن يجب أن يلاحظ أن في الفترة الفاصلة بين إعدام تشارلز الأول ، و إسقاط جيمس الثاني ، مر الشعب البريطاني بتجربة كرومويل ، الإستبدادية ، و شبه الجمهورية ، و في فرنسا مر الشعب الفرنسي في الفترة الفاصلة بين إعدام لويس السادس عشر ، و السقوط النهائي للأسرة المالكة الفرنسية بتجارب متعددة ، منها فترة القنصلية ، و عهد نابليون ، فترة كقنصل و فترة كإمبراطور ؛ أي مر الشعبين ، البريطاني و الفرنسي ، في الفترتين الفاصلتين بين ثورتي كلا منهما ، بتجارب سياسية ، و بحراك إجتماعي - إقتصادي و ثقافي أيضا ، لهذا تأخرت الثورتان الثانيتان فيهما ؛ أما في روسيا التي لم تمر بأي حراك سياسي أو إجتماعي أو إقتصادي أو ثقافي في الفترة بين ثورة 1905 و ثورة 1917 ، بسبب الفشل الكبير الذي منيت به ثورة 1905 ، كانت الفترة الفاصلة بين الثورتين قصيرة نسبيا .

لو طبقنا هذا على مصر ، أستطيع القول بأنه بالمنطق فإن الفترة الفاصلة بين ثورة 2011 ، و ثورة عام ..... ، لن تكون طويلة ، و ذلك لأن الفشل الذي منيت به ثورة 2011 من ناحية الإنجاز كبير ، و لأن معالم الفترة الفاصلة إتضحت ، حيث لا يوجد أي حراك حقيقي ، أكان سياسي أو إجتماعي أو إقتصادي ، بالإضافة لمزيد من الإنغلاق الثقافي .

نفس اللاعبين السياسيين الذين كانوا في عهد مبارك ، أو موالين لذلك العهد ، هم المفروضين على الشعب ، سواء كهيئات أو كأفراد ، و له فقط أن يختار من بينهم .

الإقتصاد في حالة متدهورة ، و يسيطر عليه رجال مبارك .

الحراك الإجتماعي متوقف ، و الوضع الثقافي يتدهور .

الدولة البوليسية - المخابراتية المباركية لازالت قائمة تحكم مصر في الحقيقة .

فإذا أضفنا لكل ذلك الثقة التي إكتسبها الشعب المصري في نفسه بعد ثورة 2011 ، و حقيقة أن الوعي الذي يتمتع به حاليا لا يقارن مستواه بوعي الشعب الروسي منذ مائة عام تقريبا أو الشعب الفرنسي في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر ، و تعلم الشعب المصري من خبرات الشعوب الأخرى ، وبخاصة من تجربة الشعب الإيراني ، مع وسائل الإتصال المتطورة المتوافرة حاليا ، و خبرة الشعب المتزايدة بأساليب الأجهزة الأمنية في التعامل مع الثورة ، فإنه يصح لنا التفاؤل ، و الأمل في ثورة ثانية ، تأتي بعد فترة ليست بالطويلة من الثورة الأولى ، ثورة 2011 ، تحقق ما أملت الأولى في تحقيقه و فشلت في إنجازه .

و بالتأكيد فإن إنتقالنا من حقبة لأخرى ، سواء بثورة ثانية ، أو بالتقدم السياسي خطوة خطوة ، لن يعني نهاية المطاف بالنسبة للشعب المصري ، فالشعوب تتطور دائما ، و شعوب الدول الثلاثة المذكورة سابقا هي أمثلة أخرى لذلك ، ففرنسا و بريطانيا تتفوقان حاليا ، سياسيا و إجتماعيا و إقتصاديا و ثقافيا على فرنسا في القرن التاسع عشر ، و بريطانيا في القرن السابع عشر ؛ و الشعب الروسي الآن أصبح آخذ في الإنتفاض على الديمقراطية البوتينية الزائفة التي لم يعد يراها كافية ، و التي ربما كانت تكفيه منذ عقد أو يزيد .

لازال لدى كل من المباركيين و الإخوان ، حلفاء الأمس و اليوم ، الفرصة ، لتدارك الأمر ، و هذا التدارك يحتاج أولا أن يدرك الإخوان و المباركيين و غيرهم أن تطور الشعوب للأفضل هو سنة الحياة ، و أن سنن الحياة لا يمكن منعها .

ملحوظة : ورد في مقال : الثورات الشعبية هي نتيجة لمقاومة رغبة الشعوب في تطوير نفسها للأفضل ؛ و الذي كتبته و نشرته في العاشر من هذا الشهر ، نوفمبر 2012 ، العبارة التالية :

أمثلة متوقعه من أبناء شعب عريق في الحضارة .

و الصواب : أمثلة متوقعة من أبناء شعب عريق في الحضارة .

يلاحظ إنه منذ بضعة أشهر يركز الجهاز المختص بتشويه مقالاتي على إبدال حرف التاء المربوطة بهاء .

أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسني

حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر

13-11-2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد استهدافها في أجواء جنوبي لبنا


.. كيف ستتعامل أمريكا مع إسرائيل حال رفضها مقترح وقف إطلاق النا




.. الشرطة تجر داعمات فلسطين من شعرهن وملابسهن باحتجاجات في ا?مر


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا