الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوق الى الخلود

نصيف الناصري

2012 / 11 / 13
الادب والفن




يُسبِلُ جلجامش عند النافذة المدّنسة للتابوت ، حِداده بتوق
شديد للموت . تخذله الفكرة . تجارب عدمية كثيرة ،
لا معيار لتناقضاتها في الهدف ، تقلّب بأسرّة نومها التي
تَجلُّها الغيلان . هل تُحرّرنا أمراضنا من العافية التي تعيقُ
وصولنا الى ما نطمح اليه ؟ تطفّلنا في التلصّص على
البعوض الساهر فوق أشجار المصابيح ، يُكلّفنا نسياننا
لملامح الذين غدروا بنا وغاصوا في غرق المتنّزهين .
التوق الى الخلود ضلال يستهلك الطموح الانساني في
حياة نعيشها بكرامة اللأمل . مواشينا وصوامع غلالنا
التي أغرقها الطوفان وأفرغها من فظاظة اجرامنا
الخلاّق ، تعاتبنا من فوق الجسور التي تحرسها الملائكة .
لكلّ رحلة ثقل رأفة ، يتصاعد منه الأريج الآثم للسلوى ،
لكنّ جلجامش لا تسلّيه إستدانتنا الغفران من الآلهة الفاسقة
التي تسخر منّا في جلوسها الطويل بالمقاهي والحانات .
احباطات كبيرة نعانيها في رمينا لوصيته الى الطحالب .
تغلبنا الأقفال الفتية للمجهول ، وتسلبنا الشُعل الواهنة
للخبرة ، وجلجامش يطعم الأفعى السنبلة المخنوقة لخلوده .
أرواح لا عدد لها تحوم وتتجمّعُ فوق الساعة الرملية للفناء ،
وما مِن مرآة تعكس رأس المال الكبير للخديعة التي تلبّستها
في فضولها بالوصول الى الأرض البلقع للخلود .







الأفياء المصفوعة في الشواطىء




نضْرم النار تحت الشراع المخاتل للذكرى ، في بحثنا
عن الذي يذهب بلا رجعة . نتعجّل العودة بخداع مهين
للنفس ، لكنّ ما يصلنا من الأرض التي يخرّب نجودها
الأعداء ، أصداء مجهولة لزئير عوالم ، نرتاع منها بفزع
شديد . لا نتآلف مع التغريدات الباروكية للطيور التي
لا نعرفها . كلّ شيء لا يصبّ في مصلحتنا ونحن نلهث
تحت التضوّع المنذر للنجوم ، ونضيّع بين الامكانية وبين
الحلم ، الشعلة البائسة التي ترشدنا
الى الأبنية التي غرق فيها الغائب
العزيز . البرق في جبين النهار ، يحميه من الأفياء
المصفوعة في الشواطىء المُعتّلة للصيف ، ويتعذّر علينا
قذف إشارة الى من غاب ، أو التنقيب عن اللحظة المؤبدة
لبؤسه . ما يخفّف عنَّا الفجيعة في جروحنا المُجفّفة ، هو
الدمار الشامل الذي يصيب الجراثيم والجبال والفضة التي
يكنزها ويحنو عليها بعافية امومية ، الملك والكاهن والطبيب .
تختفي الشعوب والكائنات من الطبيعة ، في لحظة تقديمها
لقرابينها ، وفي حضورها للأعراس بين الثمار المتقدّة
للربيع . حياة مسوّدة نقف بمحاذاة تعفّناتها ، ونتعلّم منها
تحطيمنا لذواتنا في المستنقع العتيق للعالم . والرماد يتعرّج
في تنفّساتنا المجروحة ، ويفقدنا توازننا في سيرنا على
المخالب العطوفة للذئب . لا أحد منّا يقوى على الارتواء
من موته المذعن للطاعة في كلّ آنٍ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب