الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية والديمقراطية في العالم العربي

حميد المصباحي

2012 / 11 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


لم تكن العلمانية في تاريخها مناقضة لأية ديانة من الديانات,ولا متحاملة
على المعتقدات الشخصية,بل إنها تدبير عقلاني للمعاش والمشترك,بعيدا عن كل
أشكال التعصب الديني والعرقي,والطائفي,وبذلك فقد كانت العلمانية منطلقا
لتحرير العقل البشري من أحكام الكهنة ورجالا الدين,الذين يسعون للسيطرة
بالسلطة على المجتمع,وتصفية المنافسين لهم بتهم دينية الغاية منها,الظهور
بمظهر الغيورين على الدين وسلطة الله,وكأنهم صلحاء وأنبياء ,عليهم
مسؤولية لم يوكلها الله لهم,ولتحقيق ذلك,قدست الكنيسة رجالاتها,حتى
يستبعدو من المحاسبة والمساءلة السياسية والمدنية,التي قضوا عليها,القتل
والتخويف,بل إن رجالات الدين أخضعو حتى رجالات السلطة لأهوائهم وميولاتهم
الإنتقامية,
لكن في العالم العربي,من يعتبر العلمانية,تجربة أروبية خاصة,فرضتها طبيعة
الكنيسة,المعبرة عن المسيحية,كما أولها القديس أوغسطين,أي قداسة رجل
الدين,وضرورة تجسيد الإرادة الدينية الإلاهية والتي لايمكن أن يستشار
فيها البشر,وحتى تقوم مملكة الله على الأرض ينبغي تطهيرها من الكفار
والمنافقين,وخلص بعض المثقفين العرب,أن الإسلام لا يحتاج لرهبان,على
العلمانية أن تحرر السلطة السياسية منهم,وهنا يطرح السؤال,هل هناك سلطة
في العالم العربي,أقوى من سلطة الفقهاء؟؟؟
ألم يشكلوا طيلة تاريخهم مؤسسات كهنوتية سرية وشبه سرية؟؟ألم توجد دول
بفضلهم وتسقط أخرى بهم؟؟إن الإسلام خال من البابوات والكهنة,في النصوص
والمعتقدات,لكن الفكر الفقهي,يحرس على اعتبارهم علماء,يستشارون ويفتون في
القضايا الإجتماعية والسياسية والدينية,وقد خلقت كل نظم العالم
العربي,مؤسسات دينية تابعة لها,ومؤولة لما يجد في الحياة الفردية
والجماعية,بل إن مؤسسات الفقه الإسلامي هي أول ما يستشار وهي أول
الناطقين والمنصت لهم بسلطة الإسلام الذي احتكر من طرفهم ولم يعد مسموحا
إلا لهم بالتحدث باسمه,بل إن الجدالات التي لا يقدرون على الخوض فيها
تعتبر محرمة,وعلى العامة عدم مناقشتها,بل هناك قضايا مقلقة للفقه
الإسلامي,يتحاشى التطرق لها,بدون اللجوء إلى سلطة التكفير والتهديد به,
لذلك فالديمقراطية,التي لا يمكن اختزالها في صناديق الإقتراع,وتغيير
ممثلي الشعوب داخل الغرف النيابية ومجالس الأمم والشعوب العربية,بل إن
الديمقراطية أولا هي القبول بكل الإختلافات,السياسية والإيديولوجية وحتى
العقدية,فلا ديمقراطية بدون هذه الحرية,وكيف يمكن تصور وجود الديمقراطية
والناس يسألون عن دياناتهم,ويحاكمون إن غيروا انتماءاتهم الدينية
العقدية,فالدولة ليس ملكوتا إلاهيا,يحاسب عن الأخروي والعقدي,إنما الدولة
مؤسسة,غايتها تحقيق الحرية والدفاع عن الحياة المشتركة وحماية مصالح
المواطنين,بفرض احترام القوانين,وما تفرضه من حدود مدنية وسياسية وحتى
شخصية,فكيف يمكن فصل الديمقراطية عن العلمانية؟؟؟؟
لطالما كانت العلمانية مرفوضة في العالم العربي,من طرف الكثير من الأنظمة
العربية,التي تستند في مشروعيتها على اللاهوت الديني الإسلامي,بحيث يعتبر
الحاكم نفسه رمزا لوحدة الديانة حاميا لها من الكفار والمشعوذين,كما يحمي
حوزة الوطن من هجومات الأجانب والأعداء المتربصين بالأمة,مما سمح لنظم
الحكم بالتحالف مع الحركات الدينية الإسلامية,التي تحاملت على العلمانية
واعتبرتها إلحادا ومروقا,أو على الأقل تجزيء الإسلام والحد من امتداد
الشريعة لك نواحي حياة المسلمين,لأنها المنظم الوحيد لوجودهم,الذي ينبغي
أن يكون وجودا ربانيا,يستحضر الله والتعاليم الدينية,شرعا وسياسة,وهذا ما
أراح الحاكم العربي,الذي احتاج هو الآخر لحماية من رجالات الدين,الذين
ينبغي أن يظلوا بالقرب منه احتياطا من نزوعات التحديث والديمقراطية,التي
يريد عزلها عن العلمانية,حتى يظل محافظا على سلطة موازية يلجأ لها عندما
تصدأ سلطته الدنيوية,المعرضة للكثير من الأعطاب,بفعل فشله في تحقيق
التنمية والتقدم العلمي,وهذا ليس مستغربا,إلا عندما تلجأ النخبة العربية
المثقفة,إلى رفض العلمانية وعدم ربطها بالديمقراطية,بل إن بعض الأحزاب
الإشتراكية بالعالم العربي تتلكأ للتعبير عن مطلب العلمانية,منها من وجدت
المبرر,الإجتماعي,المتمثل في قوة حركات الإسلام السياسي,التي هي نتيجة
عدم تحقق الفكر الديمقراطي,الناشر للثقافة والعلم والمحرر من الخرافات
وكل أشكال الوعي التخويفي حد الهستيريا من العذابات الأخروية لتناسي
الدنيوية,من فقر ومجاعات وجهالات,فلو تحقق العلمانية والديمقراطية لما
انتشرت حركات الإسلام السياسي,التي اعتمدت في البداية على الجهل والأمية
التي تنخر المجتمعات العربية,فلوا تحققت أبعاد التسامح الديني والتعايش
الذي تضمنه العلمانية,لما استفحلت لغة الفتاوي,وصار كل من درس أوليات
الفقه الديني يعتبر عالما,وموجها للمجتمعات,ومصلحا لما فسد في الناس
والأرض.
حميد المصباحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا توجد علمانية في العالم
عابر سبيل ( 2012 / 11 / 13 - 21:38 )
العلمانية غير موجودة في اروبة ولا في امريكا . هناك المسيحية كاثوليكية وبروتستانية واليهودية الى جانب الماسونية . بوش مارس الحرب باسم الدين . زعماء اوربة يقبلون يد البابا كسلطة دينية معترف بها . الاوروبيون يحيون اعياد الميلاد والفصح وكل الاعياد الدينية المسيحية . كولين باول سبق ان صرح بان اوربة مسيحية يهودية وليست اسلامية . الهجوم على الاسلام وبتشجيع من الساسة الامريكان والاوروبيين باسم الحرية تلك الحرية التي تقف امام باب الالكوست او المرحقة المكدوب عليها .
اضافة الى هذا العلمانية لا تصلح في المغرب والا على النظام ان يسلم الحكم لجماعة العدل والاحسان وللسلفية الجهادية والنصية . هذا لن يحصل لانه هو السبب الذي جاء بالخميني واسقط الشاه . ان مصائب قوم لقوم فوائد

اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ