الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف اخترت حزبي الكندي

محمد زهير الخطيب

2012 / 11 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


هاجرت إلى كندا منذ ربع قرن، حاولت أن امارس مهنتي كمهندس، ولكن شهادة الهندسة لم تكن معي عندما هربت من سورية على الاقدام من درعا إلى الاردن، كانت الشهادة تقبع في أدراج كلية الهندسة في جامعة حلب لاتخرج منها إلا بموافقة أمنية وباذن من أعين الامن الساهرة!!!
لم تنفعني ورقة تسجيل النقابة التي حصلت عليها بصعوبة بالغة، قبلتُ أول عمل توفر لي، ثم تقلبت من عمل لآخر إلى أن استقرت بي الامور وبدأت احس بأني فعلا مواطن كندي عليه حقوق وواجبات وأهمها ممارسة الحياة السياسية والانتساب إلى حزب كندي يمثلني ويسمع صوتي.
كان هناك ثلاثة أحزاب رئيسية في كندا: المحافظين والاحرار والديمقراطيين الجدد، استبعدت مباشرة الديمقراطيين الجدد لانه أضعف من أن يصل إلى الحكم على المدى المنظور، وكان الحزبان الآخران فرسي رهان في الانتخابات يتبادلان الفوز، فاخترت حزب الاحرار لاني علمتُ أن مواقفه من قضايانا في الشرق الاوسط أفضل. وباملاء طلب عضوية من صفحة واحدة ودفع عشرين دولار أصبحت عضوا في حزب الاحرار، مثلي مثل جان كريتيان وبول مارتن رؤساء الحزب. ولاحظت بعد ذلك أنه لا أثر للحزب في حياتي المباشرة إلا عندما ياتي وقت الانتخابات مرة كل أربع سنوات أو أقل قليلا حسب الظروف، وعندها يستنفر السياسيون لبضع أسابيع ثم يعودون إلى سباتهم الشتوي حى الانتخابات القادمة...
أنا أفكر اليوم باحزاب سورية المستقبل، هل يمكن للمواطن السوري أن يخرج عن ايديولوجياته وعرقياته وطوائفه وينتمي لحزب يستوعب جميع الناس على اختلاف أديانهم وطوائفهم وأعراقهم وقبائلهم وعشائرهم؟ نعم ممكن، ولكنها ثقافة وخبرة تحتاج إلى كثير من النضج والبراجماتية.
بعد نجاح الثورة قريباً في سورية -باذن الله- ستتشكل أحزاب كثيرة صغيرة تحتكر الحقيقة
وتتقوقع في الايديوجيا وتتغنى بملاحم عنترة بن شداد والزير سالم إلى أن تنتبه إلى أن أولويات الوطن هي الحرية والخبز والمواصلات ومحو الامية وتشغيل اليد العاملة وزيادة الانتاج... عندها سيكون هناك حزبان أو ثلاثة تتراوح اتجاهاتهم بين اليمين واليسار والوسط.
وهكذا فعلى عقلاء سورية أن يشمروا عن سواعد الجد وأن يُعملوا الفكر ليقدموا للناس حزبهم القوي المعتدل الذي يضم أغلبهم، ويجعل حياتهم كريمة غنية متقدمة.

أهم ما يحتاجه هذا الحزب الناجح هو البساطة في الطرح، والكارزمية في المؤسسين والجدية في الاداريين والقدرة على الحشد والتجميع، والشفافية في الديمقراطية والمحاسبة...
إنه ليس حزبا للنخبة، إنه حزب يخاطب كل مواطن ويستوعب كل صوت ويستثمر كل جهد.
إن أصعب ما سيواجه هذا النوع من الاحزاب أن شريحة كبيرة من الشعب السوري عندها توقعات عالية من الحزب، بالانجليزية – High expectation – لذا قد يكون مناسبا أن تضاف بعض النشاطات الاجتماعية والرياضية والثقافية للاحزاب لتغطية هذا الجانب حتى يتعود الناس مع الوقت على الصبر والالتزام بالحزب للمصلحة السياسية أولا والقدرة على الاستغناء عن هذه المرغبات الجانبية لانها ليست ضرورية لمسيرة الحزب إنما هي لمعالجة حالة سيكولوجية قد تزول مع الوقت.
الحزب الموعود يجب أن يحقق عضوية كبيرة، وزيادة العضوية تؤدي غالبا إلى زيادتها من جديد بشكل متواصل، وكل الاحزاب التي تفشل في تحقيق نجاح في خطواتها الاولى تبقى محدودة على الاغلب، ففي كندا مثلا حزب شيوعي وحزب الخضر وكلاهما محدودان لم يستطيعا الخروج من قوقعتهما رغم قدمهما.
ومن عوامل نجاح الحزب أن يبدأ منذ أول لحظة بقاعدة واسعة منوعة في الاقلاع وليس على طريقة تجهيز كل شيء من قبل فئة قليلة ثم تقول للآخرين الحقوا بنا... يجب أن يكون الاقلاع جماعيا قويا قابلا لاستيعاب كل راغب وكل طامح.

الحزب السوري المستقبلي يجب أن يكون كبيرا يستوعب في عضويته مئات الآلاف من السوريين، إن إنتماء السوري المنتصر في ثورته إلى حزب سياسي يجب أن يكون واجبا وليس ترفاً ورفاهية، وهنا أتساءل، إذا كان الحزب سيضم مئات الآلاف ألا يجب أن يكون أول هؤلاء أعضاء المجلس الوطني السوري الاربعمئة؟ وأعضاء الائتلاف الوطني السبعين؟ مالذي يفرق بينهم ويجعلهم مختلفين؟ كلهم يؤمن بالحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة، لوكان هؤلاء جميعا في بريطانيا لكانوا إما في حزب المحافظين أو في حزب العمال، ولو كانوا في أميركا لكانوا إما في الحزب الديمقراطي أو الجمهوري، ما بالهم اليوم تقطعوا أمرهم بينهم زبراً، كل حزب بما لديهم فرحون؟

لقد تعايشت في إعلان دمشق مع كافة أطياف الوطن السوري فلم أر بيني وبينهم أي خلاف على القضايا الاساسية التي تهم سورية المستقبل، سورية الحرية والنصر، لا شك أن هناك مسائل شخصة ومعتقدات دينية تخص كلا منا، ولكننا عندما نتحدث في السياسة في آمالنا وآلامنا ورؤانا نجدها جميعاً مشتركة.
إنها دعوة لاهل الحل والعقد في الثورة السورية الذين قد لا يتجاوز عددهم بضعة آلاف بأن يبنوا حزب سورية الجديد وأن يكون هدفهم القريب أن تصل عضوية الحزب إلى مئات الآلاف وأن يكونوا نواة بناء سورية الجديدة سورية الديمقراطية سورية الحرية والنصر.

لم اكلم أحداً من الاصدقاء حول هذا الموضوع إلا كان من المؤيدين المتحمسين، إذاً لابد لاحد أن يبدأ فلنبدأ أنت وأنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ســــؤال هــام
غـسـان صـابـور ( 2012 / 11 / 14 - 11:56 )
السيد محمد زهير الخطيب.
ســؤال هــام :
عن هذا الحزب السوري المستقبلي الذي تتحدث عنه وتــأمل نحوه. هل تؤمن أن سوريا المستقبل يجب أن تشرع دستورا علمانيا, يفصل الدين عن الدولة. أم سوف يطبق الشريعة الإسىلامية؟... والشريعة الإسلامية فقط؟؟؟...
بالانتظار...لك مني تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ـ ليون فــرنــســا

اخر الافلام

.. أوكرانيا تقر قانونا يسمح لسجنائها بالقتال في صفوف قواتها الم


.. دول الاتحاد الأوروبي تتفق على استخدام أرباح أصول روسيا المجم




.. باريس سان جيرمان.. 3 أسباب أدت للفشل الأوروبي منها كيليان مب


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقاشات في إسرائيل بشأن بدائل إدارة مع




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: المهمة لم تكتمل في الشمال والصيف ربم