الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوق الموت السوري

نوار قسومة

2012 / 11 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


هل سيسقط "سيدنا"
خرج الإخوان المسلمين في الأردن غاضبين من الملك ومن رفع أسعار الوقود وأعلنوا أنهم يريدون إسقاط "سيدنا" عبد الله. مع ذلك لا أعتقد أن الإخوان وأسيادهم في الخارج يريدون إسقاط الملك فعلاً. ما يريدونه هو ابتزازه قليلاً والسعي إلى السيطرة على الحكومة أي تكرار تجربة الإسلاميين مع "أمير المؤمنين" في المغرب العام الماضي، والتي انتهت سلمياً بتكليف حزب العدالة والتنمية (إخوان المغرب) بتشكيل الحكومة بعد فوزهم بالانتخابات.

ما الحل في سوريا؟
هل سقوط النظام هو الحل؟ لا بالتأكيد سقوط النظام في هذا الوضع يعني انتهاء أي أمل بعودة سوريا كدولة، وسيؤدي إلى انتشار الفوضى في كل المنطقة. الخطة الأمريكية في خلق كيان جديد عوضاً عن المجلس الإخواني هي خطة جيدة لأنها تدل على أن الأمريكيين لاحظوا توحش وعطش الإخوان للسلطة في المجلس السابق فقرروا التدخل لإخفاء هذه الحقيقة، لكن هذه الخطة مفضوحة لدرجة أنها احترقت قبل نجاح تمريرها. وهكذا فأنا لا أعتقد أن الشيخ معاذ الخطيب الخبير بأمور "العادة السرية" ومخاطرها أو السيد رياض سيف صاحب نظرية "لكل صوت بوط" أو السيدة سوسو الأتاسي ومن ورائهم الإخوان قادرون على حكم سوريا أو حتى العودة إليها بهذا الائتلاف الجديد حتى لو حصلوا على اعترافات أو شكلوا حكومة. هم لديهم الدعم الأمريكي والغربي والبعيري وقد يحصلوا على سلاح أفضل كما قال تاجر القمصان رياض سيف لكن هذا لا يكفي. هم بكل تأكيد بحاجة إلى "الدبابة" الأمريكية التي ستعبر بهم إلى دمشق، وبحاجة إلى منطقة خضراء مشابهة لتلك التي أقامها الأمريكيين في بغداد، ليبقى معاذ وسوسو ورياض على قيد الحياة، وهو يعني تدخل عسكري شامل، القرار الذي لم يُتخذ إلى هذه اللحظة. الاعتراف شيء وإرسالهم مع الدبابة إلى قصر المهاجرين شيء آخر، وبالتالي فإن "أبطالهم" ومجاهديهم يموتون الآن من أجل دفع نفقاتهم وأجرة الشقق التي استأجرتها "المناضلة "سوسو الأتاسي لها ولعائلتها في بيروت ولندن وباريس.
ما الحل؟ إن ما يجري الآن في سوريا من قتل وتخريب وحرق هو الحل الأنسب والأفضل على المستوى البعيد الذي بإمكانه أن يوصلنا إلى المرحلة القادمة من الحلول وهي (انتصار أحد الطرفين أو التفاوض أو التقسيم). انتصار أحد الطرفين مستبعد في الوقت الحالي، لكي ينتصر النظام هو بحاجة إلى القدرة على ضبط الحدود أو قطع إمدادات المسلحين. ولكي تنتصر مليشيات الجيش الحر هي بحاجة إلى تدخل عسكري غربي مباشر وهنا نعود إلى النقطة التي تحدثت عنها وهي -عدم رغبة- و(ليس عجز) الدول الغربية في ضرب النظام بسبب الخوف من أن اسقاطه بهذه الطريقة سيؤدي إلى فوضى لا يمكن تقدير انعكاساتها في المنطقة.
الوضع الآن يختلف عن بداية الأحداث. فالطائفية تحولت إلى حقد مسعور وهي هنا ليست محصورة بطرف أو بآخر وإن كانت أكثر وضوحاً في الأوساط السنية. هناك أعداد هائلة من "الأكثرية" السنية حاقدون على الأقلية العلوية ويريدون إزالتها بأي طريقة من السلطة ولو بمعونة الله أو الشياطين الزرق القطرية والسعودية والحريرية. هؤلاء تحديداً وصلوا إلى مرحلة أنه لا يوجد ما يخسروه بالاستمرار في الصراع بل عندهم أمل كبير بأنهم سوف يربحون كل شيء إذا ما انتصروا ولن يتوقفوا طالما هناك دعم وأمل. وهناك نظام متماسك لأسباب داخلية وخارجية ومستعد أن يبقى بالحكم بأي طريقة ولايريد التنازل عنه بدافع "الخوف" من الانتقام وعدم الثقة. وفي نفس الوقت لا يبحث عن حل آخر جدي بالتوازي مع القصف والقتل. الحل إذاً في ظل الظروف الحالية هو استمرار القتل والتخلص من الفوائض البشرية للطرفين..... فإذا كانت سوريا غير قادرة على استيعاب أبنائها فلترسلهم إلى العناية الإلهية.
قلت في مقال سابق أن الحل الحقيقي هو "قلب الطاولة" وهو حل بحاجة إلى شجاعة كبيرة ومجازفة وظروف مساعدة وهي كلها غير متوفرة في من يحكم سوريا حالياً. في السابق كان حافظ الأسد يعرف كيف يتكيف مع الظروف وكيف يبتز جيرانه وأعداءه وكيف يقلب الطاولة كما حصل في بيروت عام 1983عندما تمكنت شاحنة تحمل بضعة أطنان من الهدايا المتفجرة من إخراج المارد الأمريكي من لبنان. وبذلك حول الأسد الأب هزيمته المحتومة إلى نصر ليحصل بعدها على جائزة "الكرة الذهبية" في ملاعب الحرب الأهلية اللبنانية.

سوق الموت السوري
سوريا الآن سوق مفتوح لتجارة القتل والموت. هناك أشخاص كانوا من المهمشين في قاع المجتمع أصبحوا الآن يحملون السلاح والكاميرا الأمر الذين جعلهم يشعرون بمتعة السلطة ونشوة الشهرة. فرغم مكانتهم الاجتماعية المتواضعة أصبحوا أصحاب كلمة ناهية.
من يسمون بالمعارضة السورية هم أول المنتفعين من هذا البازار. فقد تحولوا من حثالات إلى نجوم فضائيات ومن أشخاص متسكعين إلى محللين لهم نظرتهم ورؤيتهم في أبعاد الموقف الدولي. وهكذا فإن تجارة الموت في الحالة السورية مربحة في الداخل والخارج، ولا أحد هنا مستعد أن يتخلى عن السلطة أو المال أو أي منفعة جلبتها له الحرب الأهلية، والكل يسعى جاهداً "أو يتمنى" إطالة أمد الأزمة ليزيد من أرباحه ونفوذه.
في الداخل كما نلاحظ لم يبقى هناك مجرمين أو لصوص... كلهم أصبحوا ثواراً لأن الثورة الإسلامية تمحي الذنوب وتوفر دخلاً أكبر من الإجرام "التقليدي".
يعد سوق الموت الذي يترافق مع أي حرب أهلية من الأسواق التجارية المربحة جداً. وتبرز أهميته كما في الحالة السورية من كونه قد يستمر لسنوات طويلة. هذا السوق هو عبارة عن نظام اقتصادي واجتماعي، من يسيطرون فيه يسمون غالباً "أمراء حرب" .في الحالة السورية سوق العنف أخذ الشكل الطائفي لكنه قد يأخذ بمكان آخر منحى عرقي أو إثني. في أي "سوق عنف" من رواندا إلى العراق مروراً بسوريا الآن يتوجب على أمراء الحرب إيجاد طريقة لاستمرار الصراع. على سبيل المثال: تلقين أتباعهم أو المجموعات التي يسيطرون عليها قصصاً عن ظلم الطرف "الآخر" ووحشيته وقيامه بمجازر لتبرير القيام بفعل انتقامي. وفي الحالة السورية نجد تبرير واضح للقتل وشيطنة أي شخص على علاقة بالنظام بإطلاق عليه لقب شبيح وفي بعض الأحيان كافر أو فاسق... كما ان الدين في السوق السوري لا يستخدم لغسل الأدمغة وحسب بل أيضاً لتطهير أفعال قذرة وإجرامية لا بد منها من أجل مهاجمة الطرف الآخر.
لا يمكن أن يتحقق الاستقرار في أي سوق للعنف كسوريا طالما بقي هناك موارد ... أي ان انقطاع أو قطع للموارد والإمدادات هو من أهم الحلول التي قد تؤدي للاستقرار والسلام. في نفس الوقت "أمراء الحرب" الذين سيصمدون في ظل هذا النظام هم الذين سيكونون قادرين على الاستمرار بتأمين موارد جديدة بكل الطرق (خطف، فدية ، سرقة ، سطو،رسوم عبور،رسوم حماية، دعم خارجي..). الاستراتيجية "الرابحة" هي ما يضمن لهؤلاء بقاءهم واستمرار مقاتليهم معهم إلى النهاية.
هنا علينا أن نفهم دور أمير الحرب بالمختصر كأي مدير لمؤسسة تجارية أو لدكان بسيط هدفه الوحيد هو الربح وتجنب الخسارة والإفلاس. ربما الاختلاف الوحيد بينه وبين صاحب الدكان هو أن أمير الحرب يلجأ إلى العنف والقتل لتجنب الخسارة.
القاعدة هي من الفطريات التي تحاول أن تنتشر في الاماكن التي تضعف فيها سلطة الدولة أو في الدول الفاشلة. كما حصل في الصومال وأفغانستان والعراق حيث توفر فيها مكان مناسب لتدريب المقاتلين. ولعلي سأبتكر تشبيها لها أجمل وهي أنها تشبه مرض نقص المناعة المكتسب الأيدز أو (السيدا) تنتشر في الجسم الضعيف وأصلها كأصل هذا المرض مرتبط بشكل ما بالولايات المتحدة.
أجهزة مخابرات الدول المجاورة والغربية هي جزء من "السوق" ولاعب رئيسي فيه، فمثلاً المخايرات التركية ساعدت مقاتلي القاعدة على الدخول إلى سوريا الأمر الذي لم يعد سراً. الجماعات الإرهابية كالقاعدة تستخدم الغطاء الديني والإغاثي لاستمالة السكان ولاحظنا في الفترة الأخيرة نشاط ملفت لجبهة النصرة في مناطق سيطرتها (كتوزيع نقود وهدايا للأطفال وأغذية وبطانيات..) طبعاً مصدر أموال جبهة النصرة هو نفس مصدر تنظيم القاعدة في العراق، وهو أجهزة المخابرات الخليجية وبشكل رئيسي المخابرات القطرية. والهدف من إدخال القاعدة وأخواتها هو نشر مرضها "الجهادي" العضال في الجسد السوري ولأنها أخطر وأشرس وغير قابلة للترويض ويصعب اختراقها.
سوريا هي سوق للموت والعنف يضم العديد من اللاعبين على الأرض (أحرار الشام، جبهة النصرة، مليشيات وهابية، مليشيات تحت سيطرة الإخوان....) الجميع يروج لبضاعته ويحاول زيادة أرباحه وشعبيته بكل الطرق. وهذا السوق يعتمد على السلاح والقتل والمال والبيئة الحاضنة والدعم الخارجي وهي كلها متوفرة في الحالة السورية وستستمر لفترة طويلة.

وللمرأة نصيب من هذا السوق
نحن شعوب نقدس المرأة ونحترمها ونحاول دائماً أن نوفر لها فرصة للتعبير عن نفسها. الدعارة هي المجال ربما الوحيد الذي تجد عن طريقه المرأة مكاناً واسعاً في سوق الموت سواءاً في الداخل أو في الخارج. سمعنا عن الفتيات الشابات اللواتي يُبعن في الأردن بمهر حقير يقارب 150 دولار أي أقل من تكلفة ساعة مع بائعة هوى في أوروبا أو أمريكا. ويسمون هذا النوع من الدعارة "زواجاً" وهو أشبه إلى العبودية الجنسية، حيث تباع فيه فتاة صغيرة وربما قاصرة لرجل عجوز يقوم باستغلالها جنسياً مقابل "إطعامها" تحت غطاء الزواج والشرع الإسلامي. وبرأيي هذه هي أحقر أنواع الدعارة وأرخصها. هناك تقارير عن فتيات سوريات يمتهن الدعارة الآن في القاهرة وتركيا، وهو شيء طبيعي في حالة الحرب والتشرد. وكلنا نتذكر ظاهرة العراقيات في دمشق وحلب وغيرها بعد الغزو الأميركي. المهم هنا أن هناك أشخاص يمارسون الدعارة بأموال قبضوها ثمناً للدم السوري في فنادق مصر وتركيا، بينما هناك فتيات سوريات يبعن أجسادهن للأشقاء العرب من أجل لقمة الخبز. وهنا لا بد أن نذكّر البعض بشيخ حقير وسوقي يدعى عبد الجليل السعيد ظهر في برنامج الإتجاه المعاكس في شباط الماضي وتهجم على الضيف الروسي بعبارات لا تصدر إلا عن "قواد" وقال بأن روسيا لا تصدر سوى العاهرات وأن "العاهرات الروسيات ينمن في الليل مع ضباط المخابرات السوريين...." وأنا هنا أقتبس كلام هذا الشيخ "الجليل" وخبرته بالعاهرات الروسية وهو الذي كان يعمل في وزارة الأوقاف السورية قبل أن تأتيه "الثورة".... سوريا بفضل أمثال هذا الشيخ المرتزق أصبحت تصدر البغال الثورية "الناطقة" من أمثاله والعاهرات وبأسعار أرخص من الأسعار العالمية!!!
ليفرّغ العرب حقدهم بأجساد السوريات، في المقابل فلتحيا الثورة الإسلامية وجيش حمد ومجلس الإخوان وائتلاف معاذ الخطيب، ولينام الشيوخ وأصحاب الذقون في الفنادق الفخمة قريري العين.... فهذا زمنهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي