الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزة ، الخيانة والموت

سعيد رمضان على

2012 / 11 / 15
القضية الفلسطينية



لا احد يستمع لغزة .. لا الأنين فيها ولا الخيانة ولا الموت ..
حياتنا أصيبت بالصمم، ونحن نرقص مع العدو الصهيوني رقصة الموت .
لا احد يستمع لغزة .. وإلا كنا عرفنا أن كل شهيد يسقط فيها هو انتصار على العدم .
غزة .. بلد فلسطيني أرهقته المتاهة .. يحمل شحنة من الألم الموجع .. وبعيش فيه ناس مقهورين داخل وطنهم .. محاصرين من كل الجهات بالموت والدمار .. وبالظلم الذي يسحقهم ..
قلنا وكررنا أن إسرائيل لا تريد سلاما .. فالذي وجد بالموت لا يمكنه أن يعيش إلا بالموت .. لكن الذي يثير الحنق حقا، أنه رغم قيام إسرائيل بالقتل والتدمير والتشريد واقتلاع الناس من الجذور،فإن الأيادي التي امتدت لها بالسلام تقابل كل يوم بصفعة مصحوبة بالسخرية ..!!
لكن الذي أثار السخط والفزع ، أن القادة العرب قابلوا الصفعة بالصمت .. والموت والدمار بالتشجيب وهم يتمتعون بأطايب مناصبهم .. ثم أعلنوا بانهزام أنه لا أحد يمكنه أن يوقف البشاعة، ثم استمروا في ملاهيهم .. وتخدير أنفسهم بالحروب من فوق المنابر لإسكات ضمائر لا يمتلكونها أصلا ..
ونسوا أن الطفل الفلسطيني، والمرأة الفلسطينية.. رفضا الصفعة .. وناضلوا معا جنبا إلى جنب مع الرجال ، فرفعوا أنفسهم بذلك لمستوى العظمة .. بينما عاش القادة العرب وراء القبر ..يعيشون ويحكمون بالخيانة .
لا احد يستمع لغزة .. وإلا كانوا عرفوا .. أن اجتماع الحكام العرب .. سيتمخض عن شجب .. ثم النوم ..
لا احد يستمع لغزة وإلا كانوا عرفوا أن الاجتماعات والتهريجات ، ودعوات الاجتماعات بالأمم المتحدة وسحب سفراء ، هو اعتراف مسبق بالعجز .. وإعلان الهزيمة ..
تختنق غزة .. وسابقا ضاعت فلسطين بجهود الاجتماعات والظهور في الإعلام لإنهاء الاغتصاب، أسفرت عن استمرار الاغتصاب، وهرولة بعض الدول العربية للتطبيع، وأولهم مصر، التي قامت – كسلطة وليس شعب - بعد التطبيع - وتحديدا خلال نظام حسنى مبارك – بدور قيادي في عملية التدجين والاستسلام ، وضرب القوى الوطنية،الرافضة للكيان الصهيوني .
كما قامت سلطات بعض الدول العربية بربط سياستها الخارجية وأوضاع بلادها بالسياسة الأمريكية، التي دعمت ديكتاتوريات المنطقة، مقابل الطاعة، كما كان يفعل القياصرة الرومان، في زمن النهب المنظم قبل سقوط روما .
وهكذا حصلت فلسطين على نكبتين ، نكبة الاغتصاب ، ونكبة الاستسلام .
وإذا كانت نكبة الاغتصاب فادحة، فنكبة الاستسلام أشد وأدهى، فالاغتصاب جاء من عدو، بينما الاستسلام جاء من صديق .. وهو بيع علني للوطن وللتاريخ وخيانة مدوية تتكرر الآن في غزة ..
صحيح كانت توجد ضغوط، لكن هدفها التخفيف على الضمير، وإخماد أنفاس المقاومة، وليس إستراتيجية للتحرير .
فإستراتيجية التحرير، تنهض على أساس قيام بلد حر ، بتحرير بلد محتل، ولم يكن على مساحة الوطن العربي- الفخور بأتساعه وتاريخه- بلد حر واحد، يمكنه أن ينهض للتحرير .
لذا ليس مستغربا، أن تقوم اتفاقيات سلام ، وهرولة تطبيع ، وتسويات سياسية تستهدف كلها الاعتراف بالكيان المنزرع كدولة مستقلة ذات سيادة .
وتناسى هؤلاء – أو ربما كانوا يعرفون – أن الاعتراف بالكيان المنزرع هو اعتراف بالصهيونية كحركة.. وهو اعتراف يتضمن في جوهرة، القبول بالاغتصاب، والقبول بالإبادة، والتعذيب.. ولا يمكن لهذا القبول أن يتم، لمجرد الانتهاء من وجع الرأس، والتفرغ للملاهي وتتخيم البطون..! بل هو قبول تم لوجود ميل لأفكار التعذيب والاغتصاب بداخل أبطال الهرولة والتطبيع وأصحاب الاعتراف بالكيان الصهيوني .
القادة في الوطن العربي ، لا يمكنهم القيام بعمليات تحرير .. لأنهم أصلا لا يعرفون شيئا عن الحرية ولا معانيها .. وفاقد الشيء لايعطيه .
وقد ساهم كل هذا – الاستسلام والاعتراف والهرولة، إلى محاولة تفريغ المقاومة الفلسطينية من شرعيتها ، وتحولت في حكم أنظمة عربية ديكتاتورية إلى " إرهاب " !!
كأن حكم شعوبهم بالحديد والنار ليس إرهابا ..!
وقد ساهم، بعض القادة الفلسطينيين في العملية، فتحرير كامل التراب الوطني، لم يعد ضمن الأهداف.. بل انحصر في محاولة أقامة دولة فلسطينية في غزة والضفة، مع استقطاع أجزاء منها بحجة الأمن الإسرائيلي.. وهذه الأجزاء قابلة للأتساع بالتفاوض من أجل حدود آمنة !!
ثم دخلت الضفة وغزة في صراع مع بعضهما من خلال حماس وفتح ..
وهكذا تخلى النضال المسلح عن نضاله ضد العدو، ليتحول إلى صراع ضد الأخ والصديق ،ودخل في متاهة التدجين السياسي .. أما الالتزامات من جانب إسرائيل، التي أعلن عنها على مسرح الهزل الدولي ، فلم تلتزم ولم تنفذ.. وانتهت بانتهاء المسرحية، بعد حصول الناس على جرعة من المخدر المنوم .. وعندما استيقظوا وجدوا، الاستيطان يتزايد مع تزايد الحواجز وبناء جدران عازلة .. واحد من بناه الصهاينة وواحد – وللسخرية – بنته مصر دولة المواجهة !!
التشرذم العربي قبل 48 والاحتلال الإنجليزي والفرنسي والإيطالي ..هو نفسه الواقع اليوم .. مع دخول أمريكا طرف من أطراف الاحتلال.. فما الذي تغير ؟
اعتقد أن التغير الحادث، أنه لم يعد لدينا أبطالا حقيقيين لقيادة المقاومة، أبطال ترفعهم نزاهتهم عن المصالح الشخصية.. ولديهم تلك البصيرة، التي تقودهم كأبطال الأساطير للموت من أجل الحق....... .و مالدينا الآن أبطالا حقيقيين في القتل من اجل المناصب .. وأبطال في الخيانة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن