الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فراعنة ورزازات

علي بنساعود

2005 / 3 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


نهاية الأسبوع الماضي، شاركت في القافلة التضامنية مع معتقلي مناجم إيميني بورزازات، وخلال عبور حافلتنا للشارع الرئيسي لهذه المدينة في اتجاه المناجم التي كنا متوجهين إليها من الرشيدية، لفتت انتباهي تماثيل فرعونية رصت على واجهة أحد الأستديوهات السينمائية، يبدو أن أصحابها فرغوا من استغلالها...، فتساءلت في سري عما إن لم يكن من الأفضل نقل هذه التماثيل وتوزيعها على ساحات هذه المدينة السياحية لتأثيثها وبث نوع من الجمال فيها؟...

وفي طريق العودة ليلا، بعد يوم حافل بالحتجاج، وكي أهرب من ضوضاء الحافلة، و"انفجارات بعض الركاب!!!"، رحت أستعيد صورا انْوَشَمت في ذاكرتي عن هذه القافلة وواقع البؤس والفقر والشقاء والمرض الذي عاينته على وجوه منجميي إيميني وأسرهم ومساكنهم، كما رحت ألملم التفاصيل الدقيقة لقضية المناضل المعتقل محمد خويا التي تمكنت من استجماعها من لدن عائلته وزملائه ورفاقه...، وخيوط السيناريو الذي تم بواسطته الزج به وبخيرة مناضلي هذه المناجم في السجن، والذي تورطت في حبك خيوطه إدارة الشركة المستغلة للمناجم بتواطؤ مع عدة أطراف في السلطة المحلية والصحة والقضاء...، والتي وضعت المنطقة على كف عفريت مهددة بمأساة استقطبت، منذ البدء، تضامنا وطنيا ودوليا...

في خضم استرجاعاتي تلك، عادت صور التماثيل الفرعونية، التي سبقت لي رؤيتها صباحا، إلى الارتسام أمام عيني. وبينما أنا أتأمل ملامحها، تقاسيمها، وما يرمز إليه أصحابها، في متخيلنا الجمعي، من قوة وجبروت واستعباد وبطش وطغيان وتسلط، خطرت ببالي فكرة مفادها الدعوة إلى نقل هذه التماثيل من موقعها الحالي وتوزيعها على مقرات إدارة الشركة المستغلة للمناجم والسلطة المحلية وإدارة المستشفى و...، لتقريبها من مسؤولي هذه الإدارات ليسهل عليهم التقرب منها والتبرك بها، سيما أنه ظهر لي أن هؤلاء "اللامسؤولين" "المفرعنين" يتخذون من حكام مصر القدامى مثلا أعلى لهم، يقتدون بهم، بطغيانهم وتجبرهم وسعيهم إلى استعباد العمال وكسر شوكتهم، معاكسين إرادة أعلى سلطة في البلاد وتيارا مجتمعيا عارما يتوق إلى طي صفحة الماضي بدمائه ورصاصه وانتهاكاته... متوهمين أن موقع المنطقة، وبعدها، وحصار الطبيعة لها، سيمكنهم من الانفراد بها، والبطش بأهلها، جاهلين أن هناك مجتمعا مدنيا يتبلور، قادرا على التوحد حول قضية عادلة كهذه، وعلى المبادرة، وتشكيل لجان محلية ولجنة وطنية، قادرة على خوض مختلف الأشكال النضالية، وتنظيم قوافل، ضمت صفوف أولاها المئات من مناضلي هذا الوطن وشرفائه، يكفي أن نشير أن من بينهم اثنين من قادة تجمع اليسار الديمقراطي من حجم محمد مجاهد وعبد الله الحريف، إضافة إلي محمد العوني والشناوي ولهوير...، هبوا جميعا، من مختلف مناطق المغرب، لدعم الضحايا ومؤازرتهم والتضامن معهم وفضح مختلف الانتهاكات التي مورست في حقهم والتنديد بالأحكام الجائرة التي صدرت في حقهم واستنكار منع السلطة للمسيرة التضامنية معهم والتي لم تزدهم وعائلاتهم ورفاقهم إلا تآزرا وتضامنا وإصرارا على الصمود والمقاومة...


علي بنساعود








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلسل-دكتور هو- يعود بعد ستين عاما في نسخة جديدة مع بطل روان


.. عالم مغربي يكشف الأسباب وراء حرمانه من تتويج مستحق بجائزة نو




.. مقابل وقف اجتياح رفح.. واشنطن تعرض تحديد -موقع قادة حماس-


.. الخروج من شمال غزة.. فلسطينيون يتحدثون عن -رحلة الرعب-




.. فرنسا.. سياسيون وناشطون بمسيرة ليلية تندد باستمرار الحرب على