الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أين ذهبت مصر؟

نسيم عبيد عوض

2012 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


هل يستطيع أحدكم أن يجيب هذا السؤال؟ ‘ هل هذه مصر التى نعرفها؟ ‘ هل مصر محتلة من شعب غريب ؟‘ ولعل آخر تصريح من الدكتور البلتاجى الإخوانجى بقوله " سنطبق الدستور غصبا عن الجميع " دليلا على ماأقول ‘ وقوله "سنطبق" تعنى أن هذا المحتل سينفذ كل مايراه بغض النظر عن شعب مصر ‘ الحقيقة أن المنظر مرعب ومخيف ‘ الناظر إلى مصر اليوم يجدها كسوق مفتوح لجماعات إرهابية تفرض بضاعتها على شعبها بالقوة وبدون إعتبار للعواقب ‘ وآخر تصريح للزمر هذا الصباح يطالب بوجود منظمة القاعدة فى مصر ‘ أى تحويل مصر إلى قاعدة إرهابية تحارب العالم المتحضر ‘ هؤلاء الذين يقودون مصر اليوم لهم هدف واضح وهو تحجيم مصر داخل خيمة فى وسط الرمال ‘ ولا يهم مايحدث لأهلها ‘من يتبعهم له الأمان ‘ ومن يخالفهم عليه السجن والهوان أو الرحيل قبل قتله ‘ مايحدث ياشعب مصر اليوم ‘ لا يمكن لأحد تصوره ‘ مجموعة قراصنة إقتحمت البلد وربطتها بحبال الجهل والتخلف ‘ وتعمل على تفجيرها من الداخل ‘لينتهى بها الأمر لتصبح خلافة إسلامية ‘وقاعدة الجهاد الإسلامى ضد العالم كله ‘ والأمر العجيب هو شعب مصر ‘ يعيش فى حالة من الإستكانة والخنوع وهو يتفرج على وطنه مسحوبا منه كل حقوقه وحتى أقل متطلبات الحياة الحرة الكريمة‘ ولا يفعل شيئا ليطرد المحتل ‘ حالة مصر غامضة ولم يحدث لهاعلى مر الزمان أن خضع شعب مصر فى غيبوبة وهو متفرجا على مايحدث ‘ولا يتحرك مطالبا بالحرية والخروج من خيمة الظلمة. وحتى الدول الإسلامية الكبرى لا يحدث لشعبها مايحدث لشعب مصر اليوم.
الحياة اليومية فى البيت والشارع المصرى مخيفة ومؤسفة ‘ وعدم الإطمئنان على حياة الناس هو الطابع المشاهد اليوم ‘ فالبلطجية يحكمون الشارع فى كل ربوع مصر‘ وقد تخرج من بيتك وتقتل من بلطجى أمام أعين أسرتك ولا تستطيع أن تفعل شيئا يوقف هؤلاء البلطجية ‘ تفقد حياتك فى طرفة عين ولا أمان على أسرتك أو بيتك‘ وهناك فى صعيد مصر وبعلانية يخطفون الناس مقابل دية تدفع وإلا تقتل. الخوف على الفتيات والسيدات أصبح أمرا مخيفا ‘ فالفتاة الصغيرة قد تهاجمها محجبة فى وسائل المواصلات أو فى فصول التعليم ‘ومعها مقص تقص به شعرها ولا أحد يتحرك ‘ أو سيدة يقصون شعرها ويرمونها من القطار وعلى الرصيف ولا منقذ ‘ وخطف القاصرات وإغتصابهم أصبحت سمة ولها منظمات يقودها السلفيين فى مصر ‘ وهذا بخلاف الإنحطاط الأخلاقى ‘ فلا يخلو يوم من الإعلان عن ضبط بيوت الدعارة ‘ وأذهبوا وشاهدوا أعلى إيرادات لفيلم مصرى منحط مثل عبدة موته ‘ وهو فيلم يدل دلالة واضحة كيف يصبغون المجتمع بالإنحطاط الأخلاقى ‘ وحتى القاهرة فى الثلاثينات كان فيها أخلاقيات تميزها عى أيامنا هذه‘ وإذا أضفت لهذه الصورة عدم توفر أقل مطالب الحياة كالخبز والدواء والعلاج ‘ وخمسة مليون طفلا فى الشوارع ‘ والبحث الشاق عن لقمة العيش التى تسبب فى أغلبها اللجوء للجريمة ‘ ستعرف تماما كيف ينعدم السلوك الحضارى ‘ وهدم قيم المجتمع الأخلاقية ‘ وما يحدث فى فصول التعليم بكل مراحلة صورة لما وصل إلية مجتمعنا اليوم ‘ ولعل تهديد السلفيين بهدم الأهرامات وأبو الهول وغيرها من الأثار الفرعونية ‘ مثل آخر لمافعلوه فى أفغانستان ‘ ولعل السماح لهم بالعودة لمصر وإعفائهم من الجرائم التى إرتكبوها فى حق الوطن مخطط له مع قيادات الإخوان‘ وفى هذا لابد من اللجوء لهيئة اليونسكو وإحاطتها علما بهذه المخططات ‘فنحن أحفاد أصحاب هذا التراث علينا مسؤلية حمايتها ‘ ونطالب بقوات حفظ سلام على أرض مصر لحماية تراثنا وحضارتنا من جحافل الجراد.
خرج أحد السلفيين اليوم ليهدد الكنيسة إذا إنسحبت من اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور ‘بإلغاء كل مايخصها فى الدستور ‘وطبعا هو تهديد أيضا للقوى المدنية بأكملها فى مجتمع مصر ‘ لأن الكنيسة ليست وحدها المعترضة على هذا الدستور المهزلة ‘ والموضوع فى شكل كراسة الكتاتيب زمان ‘ دستور يشكل عارا على فقهاء مصر وعلمائها ‘وماصرح به هذا السلفى وهم يشكلون أغلبية جاهلة فى اللجنة ‘وأيضا تصريح البلتاجى ‘يوضح تماما أن المحتل لا يعبأ بشعب مصر ولا برأيها فى دستورها ‘ لأنهم القوة المهيمنة على قواعد الحكم فى البلاد ‘ وهذا فى حد ذاته مأساة حقيقية ‘ لأنه لا يمكن تجاهل كل الشعب من أجل فئة واحدة لا تخرج فى مجموعها عن 5% من تعداد مصر ‘ يتكلمون بصيغة "نحن " وسنعمل ‘والذى لا يعجبه يرحل ‘ صورة من عبودية الإنسان بدون مراعاة لأصول شعب مصر ولا كرامته وإمتهان كل حقوقه الإنسانية. وإذا أضفنا إلى ذلك كبت الحريات وتكميم الأفواه ‘مثلما يحدث لأى اعلام يقدم معارضة بناءه ‘ يعاقب على الفور بالإغلاق ‘ ورفت رئيس تحرير الجمهورية من قبل مجلس الشورى مثال آخر ‘ وما عليك إلا أن تطالع صحف ومجلات مصر اليوم ‘ ستجد العجب العجاب ‘ فمن بين إعلام كاذب ومنافق ومغيم وهو الأغلبية ‘ إلى إعلام يلعب على كل الحبال حتى يظل ينعم بوجوده ليفتح بيوت الناس ‘ أو لتنهال عليه الهدايا والإعلانات ‘ وبرامج الفضائيات محزنة إذا صح التعبير ‘ وفتاوى الهواة ونجوم المحطات تغير المجتمع وتقلبه رأسا على عقب ‘ على إعتبار نسبة الجاهلية فى مصر أكثر من خمسين بالمائة ‘فقل على تشكيل ثقافات المجتمع السلام ‘ فهم فى الغيبوبة منطرحون.
اليوم يحكم مصر رجل واحد وجماعة واحدة وحزب واحد وكلهم ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين والسلفيين ‘ وهل هناك أسوأ من حكم الفرد ‘ مصر يعود حكمها للديكتاتورية البغيضة ‘ وليس هذا فقط فبعض الديكتاتوريات عملت على تقدم المجتمع ونهضته وبنيانه وتقدمه ‘ولكن مانشاهدة على أرضنا ديكتاتوريه لا يهمها من أمر مصر شيئا ‘ فجميع قرارات رئيس الجمهورية محمد مرسى فردية لا يعرض أى منها على الشعب لغياب مجالس الشعب ‘ رجل واحد جمع كل السلطات فى يده يفعل كما يشاء ‘ولا معترض ‘وحتى المعارضة الهزيلة إنحصرت فى الشوارع الجانبية أما م جحافلهم المطالبين بتقنين الشريعة الإسلامية. وأما الأحزاب فقد إنزوت فى حجرات صغيرة موزعة هنا وهناك ‘ ورؤسائها يتعاملون مع الشعب فقط على الفيس بوك أو بالتويتر ‘وحلقة الإنصال بالناس فقط كلمتين ونص بل قد إنعدمت ولا وجود لزعيم مدنى أو عسكرى يقود المعارضة ويجمع الشعب ويثور به ‘ والحالة هذه توضح مدى خوف الأحزاب وقادتها من التصدى لجماعة الإخوان والسلفيين ‘ربما هم مهددون بالتصفية الجسدية أو بأى سبب آخر ‘ ولكنهم يدفعون بشعب مصر للحضيض والتدهور والضياع ‘ فتاريخ الزعامات معروف ومسجل ‘ ولاخوف من نصرة الحق والمطالبة بحقوق الإنسان ‘ هذه أحزاب مهمشة ورقية لا حول لها ولا قوة ‘وهى فى حقيقتها هى التى تدفع بهؤلاء السادة الجدد بالتحكم والديكتاتورية‘وعدم احترام كرامة الشعب ‘ ويوما ما سيحاسبهم الوطن على موقفهم المزرى وإرتعاش ركبهم أمام جحافل الإخوان المسلمين وتابعهم السلفيين.
وهاهى دقات طبول الحرب تتزايد ‘ ومصر اليوم على وشك الحرب مع إسرائيل وبالتالى العالم كله ‘ والسبب الرئيسى فى الموقف هذا هو رئيس مصر المتهور الذى يتخذ قرارات غير حكيمة ‘ وحتى لا يدقق فيها بإعتبار أنها صادرة له من مكتب الإرشاد أو من البيت الأبيض الأوبامى ‘ هذا الرجل مرسى يصعد الموقف مع إسرائيل محاباة لحماس فى غزة ‘ والذى يحدث فيها اليوم كان يحدث كل يوم ‘ ولكن الجديد تقوية الإخوان لحماس والفليسطينيون ‘ والمخطط الخطير لنقل غزة لسيناء هو أمر معروف منذ أن عرفنا ماهية الربيع العربى ‘ ولكن هذا الرئيس لا يعرف شيئا عن الإستراتيجية ولا عن التفكير العاقل ‘ يبدأ بسحب السفير المصرى ‘ ويهدد إسرائيل بالإنتقام ‘ ويغلق قناة السويس فى وجه الملاحة الإسرائيلية ‘ وهذه بالضبط نفس الأسباب التى أدت إلى حرب 67 ‘ فهل إنعدمت مصر من الحكماء ليوقفوا غباء تصرفات هذا الرئيس ‘ وما هو الموقف الحقيقى للجيش المصرى؟ ‘ وما هو الهدف العظيم لدخول مصر الحرب؟ ‘ أم هناك مخططات جانبية بينه وبين أميركا ‘ فمنذ ساعات قال أوباما أنه إتفق على كل شيئ مع الرئيس المصرى ‘ وإسرائيل تضرب غزة والقصف مستمر ‘ فهل هذا هو إتفاق ‘ والذى أعلمه أن هدف إسرائيل هو دفع وحشر الفلسطينيين فى سيناء وإبعادهم عن خطوطها التى تأمنها.
والسؤال الآن هل شعب مصرى يعرف كل هذا ؟‘ بالطبع يعرف لكنه كاتم أنفاسه ويتفرج كمشاهد لمسرحية عبثية ‘ولا يدرى أنه المسرح الذى تدور علية الأحداث ‘وأنه هو الذى يتلاعب به المخرج ‘ دولة ستدخل فى حرب لا يدرى أحد كيف ستكون ولكن المؤكد فيهاهو الخراب والضياع ‘ فأين أنت ياشعب مصر؟ ‘ بل أين ذهبت مصريتكم ‘ ومن الله نسأل أن يحفظ مصر فى الأيام القادمة من الشرور التى تحوم حولها ‘ ولعل الشعب يفوق من نعاسه لأن حياته تسحب منه وهو لا يدرى‘ فليست هذه مصر التى أعرفها ويعرفها التاريخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خرجت ولم ولن تعُد - 1
‎هانى شاكر ( 2012 / 11 / 16 - 22:03 )


فى مصر وفى كل تجمع سكانى عرفاه ألتاريخ وألجغرافيا .. تتوقف علاقات ألبشر داخل أى تجمع على قيمة ألأنسان ألفرد داخل ألتجمع .. ويعتمد حال ألتجمع كله على علاقاته بمحيطه ألخارجى

كمثال : ألأنسان ألفرد عالى ألقيمة جداً فى سويسرا .. وأسرائيل سوف تبادل أى أسير لها بالف ممن تعدون ...

ليس كذللك أليمنى ألفقير .. أو ألعراقى أو مؤخراً ألسورى ..

عندما أهلك ألمماليك ألبلاد وقتلوا ألعباد ... كادت مصر أن تخلوا من ألسكان .. وفطن محمد على (وأولاده من بعده) أن ألأنسان ألمصرى مهم لتطلعاته فى خلق دولة حديثة .. فارسل رفاعه أبن ألفلاحين إلى باريس .. وأعطى ألمصريين ألرتب حتى وصل سعد زغلول (إبن ألفلاحين) إلى منصب رئيس ألوزراء .. وفطن ألحكام أن مصر ألقوية تحتاج إلى 10 ملايين مواطن .. كى تبنى وتزرع وتُصدر وتستورد وتُدافع ..

مع وصول أنقلاب ألأبالسة 52 وألأنحراف ألتدريجى ثم بعد ذلك ألأنحراف ألسريع نحو .. تناكحوا وتناسلوا .. أنقلبت دفة ألأمور ووصلنا إلى خرابة تئن تحت ثقل ألتكاثر ألحشرى وأقتربت قيمة ألأنسان ألمصرى من ألصفر ..

مالحل أذن وما هى خطوط ألمستقبل ؟


2 - خرجت ولم ولن تعُد - 2
‎هانى شاكر ( 2012 / 11 / 16 - 22:06 )

مصر ألأن تشبه ألدولة ألبيزنطية قبل ألأكتساح ألعثمانى بربع ساعة .. فعندما أكتسح آل عثمان بيزنطة وحرقوا ألقسطنطينية .. صحا من نجوا من أهل بيزنطة ليجدوا أمر واقع جديد .. شعب ينافس شعب .. واحد أعزل وألآخر مدجج .. فبقى منهم ألف نفر .. وغادر 10 ملايين إلى ألبندقية وجيرانها .. وبنوا جداراً منيعا أمام بنى عثمان فلم تسقط أوروبا (بعد) أمام طرقهم ألشديد ..

فى مصر ألأن تسع شعوب (حجم كل منها عشرة ملايين تقريباً) كلها تشعر بالتغريب ألشديد .. و هى تتراوح فى قوتها ألأقتصادية وألفكرية تراوحا شديداً ... ألقبطى غريب بين هياج ألعامة وتخاذل وضعف ألحكومات ... وألسلفى متغرب فى مجتمع سايب وعالم غارق فى ألكفر .. هكذا أيضا باقى ألفرق ألسبع ألأخرى بألمحروسة (سابقاً) ..

خفض سكان مصر من 90 مليون إلى 10 ملايين سيستغرق بعض ألوقت .. كما هو ألحال فى سوريا أليوم .. وألعراق غداً



هنيئا للسلفيين إذن ألفوز بألجائزة .. لأنهم أشرس فرقة .. وحماسهم يفوق حبهم للحياة .. وهارد لك .. للباقين

لفرق فى زمننا ألأغبر بيننا وبين أهل بيزنطة خمس قرون خلت وولت ..أن أقرب ملجأ من طراز ألبندقية .. يوجد على ظهر كوكب ألمريخ

...

اخر الافلام

.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا


.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ




.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت


.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا




.. إلى ماذا تؤشر عمليات المقاومة في رفح مستقبلا؟