الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يبكي الأب

مجتبى حسن

2005 / 3 / 10
حقوق الانسان


خبأ جلائه المدرسي عن والده عندما سأله مستفسر ،أن زملائه في الحي أُعطوا جلائاتهم.. وتعذّر بان مدّرسته مريضة ولم تأتي اليوم ..الأب ولشدة وثوقه بابنه ، خاصة وانه الأول دوماً على صفه ، لم يكرر السؤال .. بل راح يشرح له عن الهدية التي تنتظره إن أتى بالامتياز كعهده به ... وما هي إلا برهة حتى نزلت دمعة على خد الصبي تلتها شهقة وغصة ليعلو صوته بالبكاء المرير ، يتأبطه والده بحضنه ويطبطب عليه متسائلاً ما بك يا بني وما أصابك ما هو كربك ! لا تخف من شيء أنا معك .. بشهقةٍ ، وصوتٍ يمنعه البكاء من التصريح : لق ... لقد .... أخذنا ... الجلاء المدرسي ... غير أن مدرّسة الرياضة وضعت لي علامة اقل من ابن المدير .. كي تحرمني من الامتياز وتعطيه له .. لقد ظلمتني يا أبي .. ابن المدير لا يستطيع الركض مثلي فانا اسبقه دائما في الجرّي .. وأنا أساسي في فريق الكرة وهو الاحتياطي .. فلماذا أعطته علامة أعلى مني ألانه ابن المدير .. الأب وفي محاولة يائسة منه أن يضبط الدمعة قبل أن تفر من عينيه .. ليس المهم يا حبيبي مادة الرياضة المهّم المواد الأساسية .. وأنت كعادتك ابني الشاطر الذكي ، فلا تبكي أنت مازلت في نظري الأول، رغم ظلم المدرّسة .. فلا تبكي ، خذ هذه مئة ليرة واذهب إلى الدكان، اشتري ما ترغب ، بعد أن وعده بالهديةانها سوف تأتيه غداً.. اخذ الطفل المال وانتهت مظلمته التي كادت أن تبكي أباه معه .. رغم أنها لن تبرح ذاكرة الطفل كما لن تبرح ذاكرة الأب... فهي من الأول جزء من تكوينه النفسي والعقلي .. ومن الثاني غصة ليس لها حل .. لأنها أتت موجّهة إلى كيان طفله ...
حاور نفسه في محاولةً للخروج من هذا المأزق :
هل يسكت على تعسّف المدرّسة بحق ابنه.. وان سكت هل ينسى ولده انه أتى إلى أبيه متظلماً ولم يحرك والده ساكن .. ما هذه التربية التي تقوم على ذّل .
هل يذهب إلى إدارة المدرسة أو إلى مدير التربية ويشتكي على المتعسّفون بحق ابنه ... وان فعل ما نتيجة هذه الشكوى .. ليس بالكثير ..غير أن طفله قد يضايق بعدها سواء من المدرّسة أو من الإدارة ...
هل ينقله إلى صفٍ لا يكون ابن المدير به ..ولكن قد يكون ابن احد المدرّسين فيه أو ابن احد وجهاء المنطقة .. وسيعاد معاملة ابنه على هذا النحو الظالم فماذا يفعل .. الحيرة دائرته ..
رجع بذاكرته إلى أيامهُ المدرسية عساه يلقى الحل ، دون جدوى ، فلم يكون المدير يومها من المنطقة، ليأخذ ابنه مكانه في الدرجة ... هل يقدم رشوة للمدرّسة على شكل هدية قيمة .. أَنس لهذه الجملة الاخيرة ، ورأى فيها مخرجه .. ولكن إن علم ابنه بهذه الهدية وهو حتما سوف يعلم كيف سيفسر له ذلك .. كيف يقدّم أباه هديةً لمن ظلمه ، وجعله يبكي ..كيف له أن يفّهم ابنه انه قدّم هذه الهدية لمصلحته .. وان فهم الابن ذلك .. كيف له أن يجعل إكرام المشين على فعله الشأن من تربية ابنه ... ضجّت نفسه بكل هذه التساؤلات و ضاقت بها ، فلا حل يلوح بالأفق .. وضّع يده على جبينه في اتكائةٍِ، ليسمح لعبرة ٍ تسيل على خده عساها تغسل ما بقلبه من أسى ...
ّ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس...منظمة مناهضة التعذيب تحذر من تدهور الوضع الصحي داخل ا


.. الأونروا مصممة على البقاء..والوضع أصبح كارثي بعد غلق معبر رف




.. كلمة أخيرة - الأونروا: رفح أصبحت مخيمات.. والفلسطينيين نزحوا


.. العضوية الكاملة.. آمال فلسطين معقودة على جمعية الأمم المتحدة




.. هيئة التدريس بمخيم جباليا تنظم فعالية للمطالبة بعودة التعليم